كتاب

هـــــل أعتزلُ الكتابةَ؟!

بعدَ سنواتٍ كثيرةٍ وحافلةٍ باستخدامِ شاشةِ الآيبادِ للكتابةِ انضمْمتُ لعضويَّةِ نادِي ضحايَا الشَّاشاتِ الإلكترونيَّةِ التِي هِي ضارَّةٌ بأكثر ممَّا هِي مُفيدةٌ.

فِي الآونةِ الأخيرةِ شعرْتُ بآلامٍ لَا تُطاقُ فِي مؤخِّرةِ رقبتِي، وآلامِ أعضاءِ الجسمِ الأُخْرى تهونُ مقارنةً بآلامِ الرقبةِ، فالرقبةُ هِي (همزةُ وصلِ) الرأسِ معَ الجسمِ معَ اعتذارِي للزَّميلِ إبراهيم نسيب لاقتباسِي اسمِ زاويتِهِ (همزة وصل) فِي هذهِ الصحيفةِ، فإذَا مسَّ الألمُ الرقبةَ تتألَّمُ معهَا أعضاءُ الجسمِ الأُخْرى مِن فوقِهَا ومِن تحتِهَا، شفانِي اللهُ وإيَّاكُم مِن كلِّ ألمٍ وداءٍ وبلاءٍ.


وفِي حضرةِ الطبيبِ تسمَّرْتُ واقفًا أمامَ جهازِ أشعَّة «X» مثلِ الخشبةِ المُسنَّدةِ لإجراءِ أشعَّةِ لرقبتِي، بعدَ أنْ رفضتُ إجراءَهَا داخلَ جهازِ رنينٍ مغناطيسيٍّ مُغلقٍ هُو مثلُ القبرِ فِي ضيقهِ ووحشتِهِ وانعزالِهِ عَن العالمِ، وقُلْتُ للطبيبِ يكفينِي قبرٌ واحدٌ عندمَا تحينُ ساعتِي، عسَاهَا خيرَ ساعةٍ لِي فِي حياتِي السرمديَّةِ.

وظهرتِ النتيجةُ: انزلاقٌ وتضيُّقٌ وخشونةٌ بينَ بعضِ فقراتِ الرقبةِ نتجَ عنهَا تشنُّجٌ شديدٌ فِي العضلاتِ، وللهِ الحمدُ والشكرُ فِي السرَّاءِ والضرَّاءِ.


وأنَا الآنَ فِي بداياتِ مرحلةِ العلاجِ الذِي هُو تناولُ أدويةٍ مُرْخِّيةٍ للعضلاتِ ومُسكِّنةٍ للآلامِ، وعلاجٌ طبيعيٌّ مُكثَّفٌ عساهُ يكونُ سببًا فِي الشِّفاءِ الذِي يهبهُ اللهُ لمَن يشاءُ، وقدْ منعنِي الطبيبُ من استخدامِ الشَّاشاتِ إلَّا عندَ الضرورةِ القصوَى وبسلوكيَّاتٍ مُعيَّنةٍ.

وآتِي لكتابةِ المقالاتِ التِي لَا أعرفُ وسيلةً لكتابتِهَا سِوَى الشَّاشاتِ، ولَا أعرفُ الكتابةَ علَى الأوراقِ إلَّا فيمَا ندرَ، وقلمِي هُو لوحةُ المفاتيحِ الإلكترونيَّةِ، فهلْ سأصمدُ معَ آلامِي فِي عالمِ الكتابةِ الذِي مضَى عليَّ وأنَا عائمٌ فِي بحرِهِ وساربٌ فِي برِّهِ لأكثرِ مِن ربعِ قرنٍ أمْ أعتزلُ الكتابةَ بلَا صخبٍ مثلمَا امتهنتُهَا بهدوءٍ؟.

لطالمَا كانتْ -ومَا زالت- الكتابةُ إحدَى أهمَّ رسائلِي فِي الحياةِ، وهِي مصدرُ إلهامِي وافتخارِي وحماستِي في الوقت نفسه، خاصَّةً إذَا كانتْ سببًا في تسليةِ إنسانٍ مَا، أو حلِّ مشكلةٍ مَا فِي مجتمعنَا، أو تحسينِ خدمةٍ مَا فِي ربوعِ الوطنِ، أو دفاعٍ شريفٍ عَن البلدِ ضدَّ أعدائِهِ الكُثُرِ، وسأسعدُ معَ استمرارِي ككاتبٍ، وسأحزنُ فيمَا لوْ اعتزلْتُ الكتابةَ طوعًا أو كرهًا، ولَا أدرِي ماذَا يُخبِّئه لِي القدرُ، فإنْ رأيتُم بضاعتِي معروضةً هَاهُنا ثلاثِ مرَّاتٍ فِي الأسبوعِ فبفضلٍ مِن اللهِ ومنَّةٍ، وإنْ رأيتموهَا قدْ حُجِبَتْ أوْ قلَّت عَن ثلاثٍ فهاكُم اعتذارِي، إذْ لَا يُكلِّفُ اللهُ نَفْسًا إِلَّا وُسعَهَا، وعسَى الأزمةُ تكونُ سحابةَ صيفِ عابرةً تنقشعُ عَن كاتبٍ قديمٍ يُصنَّفُ نفسَهُ بكلِّ تواضعٍ صوتًا للمواطنِ وعينًا للمسؤولِ، دعواتكُم أحبَّتِي.

أخبار ذات صلة

اللغة الشاعرة
مؤتمر الأردن.. دعماً لوحدة سوريا ومستقبلها
الجهات التنظيمية.. تدفع عجلة التنمية
الاستثمار في مدارس الحي
;
معرض جدة للكتاب.. حلَّة جديدة
«حركية الحرمين».. إخلاص وبرامج نوعية
دموع النهرين...!!
الجمال الهائل في #سياحة_حائل
;
عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض