كتاب
التعلُّم بالتعزيز.. أولى خطوات النجاح
تاريخ النشر: 20 أغسطس 2024 23:30 KSA
عاد أكثر من خمسة ملايين طالب وطالبة في وطننا الغالي إلى مقاعدهم الدراسية يوم الأحد، بعد إجازة امتدت لأكثر من شهرين، حقق فيها الطلاب والطالبات الكثير من الفائدة والاستمتاع والاسترخاء، مما ساهم في تجديد نشاطهم، وعودتهم بهمّة عالية نحو التعلم والارتقاء في سلم المعرفة.
ومع بداية العام، لابد من همسة تربوية نحو فنيات التعامل مع الطلاب والطالبات، وحسن إدارة الصف، من خلال تطبيق بعض الإستراتجيات، والأدوات، والوسائل، والنظريات لتمكينهم من التعلم السليم.
وسأتحدث فقط عن جانب التعزيز للسلوك، كأهمية بالغة في التعلم، وهي نظرية أخذت تُطبَّق - ليس على الإنسان فقط - بل حتى على الحيوان.
ومن خلال زيارتي لعالم البحار Sea World في الولايات المتحدة، كانت مشاهد تدريب الحيوانات من خلال نظرية تعزيز السلوك مدهشة للغاية: ففي مشاهد أشبه بمسرحية، يدخل الضيف الأنيق إلى المطعم وهو جائع، فيرحب به الجرسون، ويُجلسه في مكانٍ مناسب، ثم يأتي النادل ويأخذ طلباته، ولا تمضي دقائق حتى يأتي له بالطعام والشراب المطلوب، فيسر الضيف ويلتهم الطعام الشهي.. وأخيراً يذهب لدفع فاتورة الحساب عند المحاسب، ولكنه يفاجأ بالنادل الغاضب، والذي لم يتسلم البقشيش، فيضرب الضيف ضربة بذيله تسقطه في حوض السباحة!! هذا المشهد لم يكن سوى مسرحية، أبطالها مجموعة من الدلافين، وقد برع مدربهم - الضيف - وهو الإنسان الوحيد في المسرحية - في تطبيق نظرية التعزيز.
وقد لاقت هذه النظرية رواجاً كبيراً منذ الخمسينيات من القرن الماضي في ميادين التربية وعلم النفس، لتعديل السلوك. ونتيجة لتطور الأبحاث والتجارب التي انبثقت عنها نظرية سكنر، والتي تركز على أن المكافآت والمعززات تهدف إلى تطبيق السلوك الإيجابي وتكراره عند الأفراد: فإن عملية الثواب للنجاح في سلوك ما؛ تُحدث ارتياحاً وسروراً، وتقود إلى نجاحات أخرى تعمل كحافز في تكرار ذلك السلوك مرة أخرى.
كما أن القضاء على السلوك غير المرغوب فيه يكون عن طريق التعزيز السلبي، «وهو التغافل عنه»، وبالتالي يحدث إطفاء أو تلاشي له.
وفي الحقيقة، فإن هناك شكوى عامة من قبل الكثير من المعلمين والمعلمات من نقص الدوافع للتعلم عند الطلاب والطالبات. وهي تشكل أحد أهم معوقات التعلم، والتي تؤدي إلى التأخر الدراسي وربما التسرب، وغيرها من المشكلات التربوية، ناهيك عما تسببه من هدر اقتصادي وإداري وتشتيت للجهود؛ فنقص الدافع عند الفرد يجعله يلجأ إلى التسويف والتأجيل، مما يتسبب في تعطيل لقدراته وإمكاناته، وتدني لمستواه التعليمي.
ونقص الدافعية عند الطالب قد ترجع لأسباب داخلية، مثل: عدم الثقة بالنفس، وتدني فكرة الفرد عن ذاته، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى الطموح لديه، وهذه المشكلة قد تكون ناتجة أصلاً من أسباب، منها: الأسرة وتدني مستواها الثقافي أو الاقتصادي، أو ربما بسبب النظام المدرسي، وعدم توفر المثيرات الحسية والبيئة الجاذبة، أو بسبب النظام الصارم الذي يفرضه المعلم للمحافظة على نظام فصله.
وهناك أنواع كثيرة من المعززات التي تعمل كحوافز في تعديل السلوكيات، وإكساب الطلاب التعلم المطلوب، منها: ابتسامة المعلم، وتربيته على كتف المتعلم، خاصة إذا رافق هذا التواصل غير اللفظي كلمات أو عبارات لفظية مثل: (أحسنت - إجابة ممتازة - أشكرك على إجابتك الدقيقة). وهناك المعززات المعنوية والتي تُشعر الطالب بقيمته، وتعطيه الثقة في نفسه وفكرته عن ذاته، وهي إعطاؤه دوراً قيادياً في نشاطٍ ما، أو تكريمه في الإذاعة المدرسية، أو وضع اسمه في قائمة أو لوحة شرف.
كما أن معززات النشاط من الأساليب المهمة: كإشراك الطالب في نشاط رياضي أو فني أو أدبي يُحبه ويميل إليه، بسبب نجاحه أو أدائه لعملٍ ما. ومن أساليب التشجيع أيضاً المعززات الرمزية مثل: بطاقة الشكر، أو هدية بسيطة كقلم أو محفظة.. أو غيرها. ولكن كل ذلك في حدودٍ معقولة، وفي الوقت المناسب، وبدون إسراف حتى لا يفقد المعزز قيمته.
إن المعلم الناجح الحصيف؛ هو الذي يستطيع التعرف على تلاميذه وخلفياتهم النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وأن كل طالب هو عالم خاص بذاته، وكل نمط سلوكي يصدر عنه يتطلب استجابة خاصة من المعلم تتوافق مع شخصية الطالب؛ وذاته الداخلية والخارجية، حتى يتمكن من إحداث التغيير والتعديل في سلوكه، وإكسابه التعلم المطلوب؛ فمعاملة التلاميذ ليست قالباً واحداً يمكن أن يصلح للجميع.
إن دور المعلم عظيم في تحقيق مكاسب اجتماعية ووطنية من خلال إعداد الأجيال الواعدة لمستقبل نحقق فيه أمجاد الوطن؛ من خلال منظومة عمل متكاملة، من أهمها: التحكم في المعززات والمكافآت التي ترفع من مستوى الدافعية، وتُحدث التعلم المرغوب لدى أبنائنا وبناتنا.. وكل عام وميداننا التربوي بخير وعافية.
ومع بداية العام، لابد من همسة تربوية نحو فنيات التعامل مع الطلاب والطالبات، وحسن إدارة الصف، من خلال تطبيق بعض الإستراتجيات، والأدوات، والوسائل، والنظريات لتمكينهم من التعلم السليم.
وسأتحدث فقط عن جانب التعزيز للسلوك، كأهمية بالغة في التعلم، وهي نظرية أخذت تُطبَّق - ليس على الإنسان فقط - بل حتى على الحيوان.
ومن خلال زيارتي لعالم البحار Sea World في الولايات المتحدة، كانت مشاهد تدريب الحيوانات من خلال نظرية تعزيز السلوك مدهشة للغاية: ففي مشاهد أشبه بمسرحية، يدخل الضيف الأنيق إلى المطعم وهو جائع، فيرحب به الجرسون، ويُجلسه في مكانٍ مناسب، ثم يأتي النادل ويأخذ طلباته، ولا تمضي دقائق حتى يأتي له بالطعام والشراب المطلوب، فيسر الضيف ويلتهم الطعام الشهي.. وأخيراً يذهب لدفع فاتورة الحساب عند المحاسب، ولكنه يفاجأ بالنادل الغاضب، والذي لم يتسلم البقشيش، فيضرب الضيف ضربة بذيله تسقطه في حوض السباحة!! هذا المشهد لم يكن سوى مسرحية، أبطالها مجموعة من الدلافين، وقد برع مدربهم - الضيف - وهو الإنسان الوحيد في المسرحية - في تطبيق نظرية التعزيز.
وقد لاقت هذه النظرية رواجاً كبيراً منذ الخمسينيات من القرن الماضي في ميادين التربية وعلم النفس، لتعديل السلوك. ونتيجة لتطور الأبحاث والتجارب التي انبثقت عنها نظرية سكنر، والتي تركز على أن المكافآت والمعززات تهدف إلى تطبيق السلوك الإيجابي وتكراره عند الأفراد: فإن عملية الثواب للنجاح في سلوك ما؛ تُحدث ارتياحاً وسروراً، وتقود إلى نجاحات أخرى تعمل كحافز في تكرار ذلك السلوك مرة أخرى.
كما أن القضاء على السلوك غير المرغوب فيه يكون عن طريق التعزيز السلبي، «وهو التغافل عنه»، وبالتالي يحدث إطفاء أو تلاشي له.
وفي الحقيقة، فإن هناك شكوى عامة من قبل الكثير من المعلمين والمعلمات من نقص الدوافع للتعلم عند الطلاب والطالبات. وهي تشكل أحد أهم معوقات التعلم، والتي تؤدي إلى التأخر الدراسي وربما التسرب، وغيرها من المشكلات التربوية، ناهيك عما تسببه من هدر اقتصادي وإداري وتشتيت للجهود؛ فنقص الدافع عند الفرد يجعله يلجأ إلى التسويف والتأجيل، مما يتسبب في تعطيل لقدراته وإمكاناته، وتدني لمستواه التعليمي.
ونقص الدافعية عند الطالب قد ترجع لأسباب داخلية، مثل: عدم الثقة بالنفس، وتدني فكرة الفرد عن ذاته، مما يؤدي إلى انخفاض مستوى الطموح لديه، وهذه المشكلة قد تكون ناتجة أصلاً من أسباب، منها: الأسرة وتدني مستواها الثقافي أو الاقتصادي، أو ربما بسبب النظام المدرسي، وعدم توفر المثيرات الحسية والبيئة الجاذبة، أو بسبب النظام الصارم الذي يفرضه المعلم للمحافظة على نظام فصله.
وهناك أنواع كثيرة من المعززات التي تعمل كحوافز في تعديل السلوكيات، وإكساب الطلاب التعلم المطلوب، منها: ابتسامة المعلم، وتربيته على كتف المتعلم، خاصة إذا رافق هذا التواصل غير اللفظي كلمات أو عبارات لفظية مثل: (أحسنت - إجابة ممتازة - أشكرك على إجابتك الدقيقة). وهناك المعززات المعنوية والتي تُشعر الطالب بقيمته، وتعطيه الثقة في نفسه وفكرته عن ذاته، وهي إعطاؤه دوراً قيادياً في نشاطٍ ما، أو تكريمه في الإذاعة المدرسية، أو وضع اسمه في قائمة أو لوحة شرف.
كما أن معززات النشاط من الأساليب المهمة: كإشراك الطالب في نشاط رياضي أو فني أو أدبي يُحبه ويميل إليه، بسبب نجاحه أو أدائه لعملٍ ما. ومن أساليب التشجيع أيضاً المعززات الرمزية مثل: بطاقة الشكر، أو هدية بسيطة كقلم أو محفظة.. أو غيرها. ولكن كل ذلك في حدودٍ معقولة، وفي الوقت المناسب، وبدون إسراف حتى لا يفقد المعزز قيمته.
إن المعلم الناجح الحصيف؛ هو الذي يستطيع التعرف على تلاميذه وخلفياتهم النفسية والاجتماعية والاقتصادية، وأن كل طالب هو عالم خاص بذاته، وكل نمط سلوكي يصدر عنه يتطلب استجابة خاصة من المعلم تتوافق مع شخصية الطالب؛ وذاته الداخلية والخارجية، حتى يتمكن من إحداث التغيير والتعديل في سلوكه، وإكسابه التعلم المطلوب؛ فمعاملة التلاميذ ليست قالباً واحداً يمكن أن يصلح للجميع.
إن دور المعلم عظيم في تحقيق مكاسب اجتماعية ووطنية من خلال إعداد الأجيال الواعدة لمستقبل نحقق فيه أمجاد الوطن؛ من خلال منظومة عمل متكاملة، من أهمها: التحكم في المعززات والمكافآت التي ترفع من مستوى الدافعية، وتُحدث التعلم المرغوب لدى أبنائنا وبناتنا.. وكل عام وميداننا التربوي بخير وعافية.