ثقافة

وداعًا «سيزان السعوديَّة» و»موناليزا الحجاز»

وداعًا «سيزان السعوديَّة» و»موناليزا الحجاز»
برحيل الفنَّانة التشكيليَّة الرَّائدة صفيَّة بن زقر، يفقد الوسط التشكيلي والثقافي إحدَى ركائزه الأساسيَّة على مدى عدة عقود. بأعمالٍ رائعةٍ نجحت في تخطَّي المحليَّة إلى العالميَّة، ليطلق عليها «سيزان السعوديَّة»؛ لتأثُّرها المبكِّر بالفنَّان الفرنسى بول سيزان، كما أطلقت الصحافة الفرنسيَّة على لوحتها «الزبون» مسمَّى «موناليزا الحجاز».

وأبدى مسؤولون وفنَّانون ومثقَّفون وإعلاميُّون، حزنَهم على رحيل الفنانة التشكيليَّة الرَّائدة صفيَّة بن زقر، مشيدين بما قدَّمته خلال مسيرتها الفنيَّة الطويلة من أعمالٍ تُعدُّ من بدايات الفن التشكيلي في المملكة، وقالوا لـ»المدينة»: إنَّ الفنَّانة الرَّاحلة بدأت مشوارها الفني منذ سنوات طويلة، وقدَّمت الكثير من الأعمال الفنيَّة التي تجسِّد موهبتها المتفرِّدة في هذا المجال، مشيرين أنَّها أوَّل فنَّانة سعوديَّة تتلقَّى تعليمًا أكاديميًّا في فنون الرسم، وتقيم معرضًا فنيًّا.


وكتب سمو وزير الثقافة الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان -على صفحته الرسميَّة بموقع «x»-: «رحمَ اللهُ الفنانةَ التشكيليَّةَ صفيَّة بن زقر، تعازينَا لذويهَا وللثقافةِ السعوديَّةِ».

وعبر وسائل التَّواصل، كتب الكثيرون عن الفنَّانة الرَّاحلة، واصفين رحيلها بالخسارة الكبيرة، ومؤكِّدين أنَّها من الفنَّانين الروَّاد، وأنَّ أعمالها الفنيَّة ستبقى شاهدةً على إبداعاتها. ونعى معهد «مسك» للفنون ببالغ الأسى والحزن وفاة الفنَّانة صفيَّة بن زقر إحدى رائدات الفن التشكيلي في المملكة. وقد كرَّمهَا الملكُ سلمانُ بن عبدالعزيز؛ تقديرًا لإسهاماتها البارزة في إثراء الفن والثقافة في المملكة، وكتب الصندوقُ الثقافيُّ: بألوانها رسمت ثقافتنا.. وبإبداعها جعلت من مشاهد حياتنا الاجتماعيَّة المتغيِّرة.. أعمالًا تثبتُ في الجدران والذَّاكرة.. رحمَ اللهُ صفيَّة بن زقر؛ صاحبةَ الفنِّ الذِي لا تبهت ألوانه، ولا تنتهي قصص لوحاته. ونعت هيئةُ الفنون البصريَّة، الفنَّانةَ الرَّاحلةَ، وأشارت إلى أنَّها رحلتْ بعد مسيرة فنيَّة تشكيليَّة وضعت من خلالها بصمةً فارقةً في المشهد الثقافي والفني.


اليوم آخر أيام العزاء

يستقبل أهل وذوو الفنَّانة صفيَّة بن زقر –يرحمها الله- المعزِّين في الفقيدة، واليوم الأحد آخرُ أيَّام العزاء، للرجال في منزل بن زقر، الكائن في حي العزيزيَّة بجدَّة، وللسيِّدات في دار الآبار، الكائن في حي الروضة، أمام ممشى التحلية، من الساعة ٦:٠٠م إلى الساعة ٩:٣٠م. وكانت الفنَّانة السيِّدة صفيَّة بن زقر قد انتقلت إلى رحمة الله تعالى يوم الخميس الماضي، وتمَّت الصَّلاةُ عليها أمس الأول، بعد صلاة الجمعة في مسجد الجفالي، وتمَّ دفنها في مقبرة أُمنا حوَّاء. والرَّاحلةُ شقيقةُ كلٍّ من (الرَّاحلين): ثريا، ووهيب، وإنجي -يرحمهم الله-، وفيصل، وسعاد، ومحمد، وألفت، وعبدالله.

عبدالله الغذَّامي: ريشة الإبداع

وصف الأديب الدكتور عبدالله الغذامي، الفنَّانة التشكيليَّة صفيَّة بن زقر بـ»الرَّائدة»، وقال: ارتحلت إلى بارئها، بعد أنْ عمَّرت ثقافتنا بفنِّها الزَّاهي، ومنتجها الرِّيادي، وطرَّزتْ ذاكرة الثقافة بريشة الإبداع، وشعريَّة اللون، وجماليَّة الخيال.. تغمَّدها اللهُ بواسع رحمته، وأدخلها جنات نعيمه ورضوانه.. وتظلُّ لوحاتها تروي للأجيال المتعاقبة معاني العطاء والموهبة.

ضياء عزيز: متحفها عالمي

وقال الفنَّان ضياء عزيز ضياء: آلمني خبر رحيل الفنَّانة العزيزة صفيَّة بن زقر، وهي الوحيدة التي لديها متحف خاص، بمواصفات عالميَّة، ويضم كلَّ أعمالها الفنيَّة، وسبق أنْ زرتها والتقيتُ بها.. ندعو لها بالرَّحمة والمغفرة.

زينب حفني: وثَّقتِ التُّراثَ

وقالت الأديبةُ والكاتبةُ زينب حفني: رحمَ اللهُ الفنَّانة التشكيليَّة صفيَّة بن زقر، وأسكنها فسيح جنَّاته.. كانت رائدةً من رائدات الفن التشكيليِّ السعوديِّ، ومن أوائل مَن ساهموا في توثيق التراث الحجازي، عن طريق لوحاتها الرَّائعة.

محمد المنيف: لم تبعْ لوحاتِهَا

ويقولُ محمد المنيف رئيسُ جمعيَّة التشكيليِّين سابقًا: رحلتْ قدوةُ التَّوثيقِ الوطنيِّ عبر اللَّوحة، بعد أنْ أسَّست دارتهَا في زمن يتهيَّأ مجتمعه لأبجديَّات تذوُّق اللوحة.. ذهبت بعد أنْ أسهمت دارُهَا في دورات للفنونِ.. رحلت دونَ أنْ تبيعَ لوحةً من لوحاتِهَا؛ لأنَّها قطعٌ من روحِها، ورصدٌ للواقع شرقًا وغربًا.. تشرَّفتُ بالإشراف على تنظيم معرضها في الرياض عام ١٩٨٩م.

نجلاء أحمد: أسلوبُهَا الفنيُّ مميَّزٌ

وأكَّدت الفنَّانة التشكيليَّة والمدرِّبة المعتمدَة الدكتورة نجلاء أحمد، أنَّ الفنَّانة صفيَّة من الرَّائدات وصاحبة أسلوبٍ فنيٍّ مميَّزٍ وقدَّمت خلال مشوارها الفني أعمالًا رائعةً ستبقَى خالدةً في تاريخ الفن التشكيلي السعودي؛ لأنَّها تعبِّر عن تراثنا الأصيل، ومجتمعنا بكل تفاصيله، وقالت: لا شكَّ أنَّ رحيلها خسارة كبيرة، وندعو الله الكريم أنْ يتغمَّدها بواسع رحمته.

رائدةٌ في الأعمالِ الخيريَّة

لا يعرف الكثيرون أنَّ الفنَّانة الرَّاحلة صفيَّة بن زقر إلى جانب ريادتها الفنيَّة الثقافيَّة، كانت من روَّاد العمل الخيريِّ، ولها إسهاماتٌ وعطاءاتٌ بارزةٌ في هذا المجال، وقد نعتها العديدُ من الجمعيَّات الخيريَّة مثل: الجمعيَّة الأولى لتمكين أجيالنا (وهي أوَّل جمعيَّة خيريَّة في المملكة)، ومركز التوحُّد الأوَّل بجدَّة، والجمعيَّة الفيصليَّة الخيريَّة رقم 19 بجدَّة، والذين أكدوا جميعهم على أنَّ الفنَّانة الرَّاحلة تُعدُّ من رائدات العمل الخيريِّ، ولها عطاءاتٌ سخيَّةٌ للأعمال الخيريَّة، وكانت -يرحمها الله- من كبار الدَّاعمين للجمعيَّات والمراكز والأعمال الخيريَّة. * صفيَّة سعيد بن زقر، من مواليد مدينة جدَّة، في حارَّة الشَّام عام 1940.

* انتقلتْ مع أهلها إلى القاهرة، وهي في السابعة من العمر، وهناك حصلت على الشهادة الإعداديَّة عام 1957، والشِّهادة الثانويَّة الفنيَّة في 1960، ثمَّ غادرت القاهرة نحو بريطانيا.

* في أواخر 1965، عادت للقاهرة؛ لتنمية هواية الرسم، عن طريق الدروس الخصوصيَّة، وأخيرًا التحقتْ بكليَّة «سانت مارتن» للفنون في لندن، ضمن برنامج دراسي لمدَّة عامين، حصلت بعدها على شهادة في فن الرَّسم والجرافيك. * بدأتْ مشوارها الفنيَّ بإقامة أوَّل معرض لها عام 1968 في مدرسة دار التربية الحديثة بجدَّة، ثمَّ أقامت العديد من المعارض المحليَّة والدوليَّة في باريس، وجنيف، ولندن، وكان أوَّل معرض شخصي لها خارج المملكة في مدينة لندن عام 1973.

* في مطلع عام 2000، وبعد مشوار ثلاثين عامًا في مجال الفن التشكيليِّ، قامت بتأسيس «دارة صفيَّة بن زقر» في جدَّة، والتي تضم لوحاتها ومقتنياتها الفنيَّة، وكذلك مرسمها ومكتبتها الخاصَّة، وتستقبل الدَّارة الزوَّار والباحثين، وتُقام فيها ورشات عمل فنيَّة وتعليميَّة للكبار والصِّغار، ومحاضرات ثقافيَّة فنيَّة.

* لها كتاباتٌ فنيَّةٌ في عدَّة صحف محليَّة، وألقت العديد من المحاضرات، وأسهمت في تحكيم العديد من المعارض الفنيَّة، ولها مجلس فني أدبي ثقافي يُعقد شهريًّا، وهي عضو مؤسِّس لبيت التشكيليِّين في جدَّة، وعضو أوَّل في جمعيَّة الثقافة والفنون.

* تمَّ اقتناءُ بعض أعمالها الفنيَّة في المملكة، وأمريكا، وإنجلترا، واليابان، والسويد، وإسبانيا، ولبنان.

* صدر لها عدَّة مؤلَّفات: كتاب «المملكة العربيَّة السعوديَّة: نظرة فنَّانة إلى الماضي» باللُّغتين الفرنسيَّة والإنجليزيَّة، وكتاب «رحلة عقود ثلاثة مع التُّراث السعوديِّ»، الذي يستعرض أهداف دارة صفيَّة بن زقر.

* نالت -خلالَ مشوارِها الفنيِّ- العديدَ من الجوائز والدروع التكريميَّة، ومن أبرز المحطَّات التكريميَّة عام 2016، عندما تمَّ اختيارها «الشخصيَّة الثقافيَّة» بمهرجان الجنادريَّة الوطنيِّ في دورته الـ31، وكرَّمها خادم الحرمين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بوسام الملك عبدالعزيز من الدرجة الأولى؛ تقديرًا لمسيرتها الفنية.

* نالت الفنَّانة صفيَّة بن زقر، جائزةَ المفتاحة من الأمير خالد الفيصل، وفازت بجائزة «كأس ودبلوم دي إكسيلانس» من جرولادورا عام 1982 في إيطاليا.

* يتميَّز أسلوبها الفنيُّ بلونٍ خاصٍّ بها، ومن خلال أعمالها الفنيَّة وثَّقت التُّراثَ السعوديَّ بشكل عام، والتُّراث الحجازيَّ بصفةٍ عامَّةٍ، ووثَّقت الأزياء التراثيَّة بريشتها، واختارت لهذا المسار أسلوب التأثيريَّة الصادقة.

* من أشهر لوحاتها الفنيَّة «لوحة الزبون»، وهو اللبسُ التُّراثي لنساء الحجاز، والتي رسمتها عام ١٩٦٩م، وهذه اللوحة أطلقت الصحافة الفرنسيَّة عليها لقب «موناليزا الحجاز»، عندما عُرضت في فرنسا عام ١٩٨٠م.

* أُطلق عليها لقب «سيزان السعوديَّة»؛ بسبب تأثرها المبكِّر بالفنَّان العالميِّ بول سيزان.

صفيَّة بن زقر

المتوَّجةُ بوسام الملك عبدالعزيز

أخبار ذات صلة

"حرف" و"القهوة" توقعان اتفاقية تعاون إستراتيجية
"حرف" و"القهوة" توقعان اتفاقية تعاون إستراتيجية
الرياض تحتضن "مهرجان الغناء بالفصحى 4" يومي 7 و 8 نوفمبر المقبل
الرياض تحتضن "مهرجان الغناء بالفصحى 4" يومي 7 و 8 نوفمبر المقبل
البديوي: إنشاء مرصد علمي خليجي لمكافحة التطرف
البديوي: إنشاء مرصد علمي خليجي لمكافحة التطرف
ليلى البسام: الأزياء "تقليد".. وجائزتها "تكريم"
ليلى البسام: الأزياء "تقليد".. وجائزتها "تكريم"
;
جمعية الترجمة تستهدف تحقيق (9) أهداف استراتيجية
جمعية الترجمة تستهدف تحقيق (9) أهداف استراتيجية
الجيل "ألفا" يثبت حضوره في "كتاب الرياض "
الجيل "ألفا" يثبت حضوره في "كتاب الرياض "
وزير الإعلام يزور معرض "الرياض تقرأ"
وزير الإعلام يزور معرض "الرياض تقرأ"
"فهد الأمنية" تختتم مشاركتها في "كتاب الرياض"
"فهد الأمنية" تختتم مشاركتها في "كتاب الرياض"
;
"ناشر" تمهّد الطريق إلى مستقبل جديد للنشر الأدبي في السعودية
"ناشر" تمهّد الطريق إلى مستقبل جديد للنشر الأدبي في السعودية
العرفي: الذكاء الاصطناعي بدأ في الخمسينيات الميلادية وساهم في تطوير الحياة
العرفي: الذكاء الاصطناعي بدأ في الخمسينيات الميلادية وساهم في تطوير الحياة
"كتاب الرياض" يناقش النقد السينمائي وتاريخ المقامات الصوتية
"كتاب الرياض" يناقش النقد السينمائي وتاريخ المقامات الصوتية
"هيئة الأدب" تكرم الفائزين بجوائز "كتاب الرياض" والرعاة
"هيئة الأدب" تكرم الفائزين بجوائز "كتاب الرياض" والرعاة
;
معارض الكتاب السعودية.. داعم رئيس لاقتصاد الثقافة والإبداع
معارض الكتاب السعودية.. داعم رئيس لاقتصاد الثقافة والإبداع
المؤرخ الذييب : العربي القديم هاجر من وسط الجزيرة إلى الشمال لبناء ممالك في العراق والشام ومصر
المؤرخ الذييب : العربي القديم هاجر من وسط الجزيرة إلى الشمال لبناء ممالك في العراق والشام ومصر
ناشرون عرب: تأثير معرض الرياض الدولي للكتاب تجاوز المنطقة العربية
ناشرون عرب: تأثير معرض الرياض الدولي للكتاب تجاوز المنطقة العربية
تعليم جازان يشارك في الاحتفاء باليوم العالمي للمعلم
تعليم جازان يشارك في الاحتفاء باليوم العالمي للمعلم