كتاب
عدنا إلى حرب باردة.. لا رغبة لنا فيها
تاريخ النشر: 17 سبتمبر 2024 00:36 KSA
كبار السن، مثلي، الذين عاشوا الحرب الباردة، بين الدول الغربية (وعلى رأسها أمريكا) من جانب؛ والاتحاد السوفيتي من جانب آخر، يشاهدون الآن تكراراً، وإن كان بشكل مختلف قليلاً، لما كان يحدث خلال تلك الفترة التي أعقبت انتصار الحلفاء، بقيادة أمريكا على ألمانيا النازية، بالمشاركة مع الاتحاد السوفيتي.
شعرت دول العالم الثالث، بعد الحرب، أن تخلي الأوروبيين عن مستعمراتهم في إفريقيا وآسيا وجنوب أمريكا، والذي حثت عليه الولايات المتحدة الأمريكية حينها، لم يكن بداية لقيام الدولة الوطنية المستقلة الحرة في اتخاذ قراراتها، خاصة أن الدول التي كانت تستعمرهم لازالت لها مصالح اقتصادية كبيرة في بلدانهم. إضافة إلى أن الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية توزعوا إلى (غرب) و(شرق)، وأنشأ الغرب (أمريكا وأوروبا) حلف عسكري أطلق عليه مسمى (الناتو)، أو حلف شمال الأطلسي، وتكوّن من 32 دولة أوروبية وأمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا)، وتم توقيع معاهدة إنشاء هذا التحالف في شهر إبريل 1949م.
بعدها في مايو 1955 أنشأ الاتحاد السوفيتي ما سُمِّي بـ (حلف وارسو) اختصاراً لاسم (معاهدة صداقة وتعاون ومعونة مشتركة)، ووُقِّعت المعاهدة في وارسو، العاصمة البولندية، بين كل من بولندا والاتحاد السوفيتي وألبانيا وتشيكوسلوفاكيا والمجر وألمانيا الديمقراطية (النصف الشرقي من ألمانيا) ورومانيا وبلغاريا، وهي دول أوروبا الشرقية التي هيمن عليها في ذلك الوقت «الاتحاد السوفيتي»، وتبنَّت شعاراته وسياساته.
وبدأ حينها الاستقطاب لدول العالم الثالث، بما فيها حديثة الاستقلال، للعمل مع أحد الحلفين العسكريين. الأمر الذي جعل قيادات بارزة في دول العالم الثالث تفكر بأفضل السبل لتجنب الغرق في صراعات الدول الكبرى. وبرز حينذاك اسم «جواهر لال نهرو»، أول رئيس وزراء للهند بعد استقلالها من بريطانيا، الذي أخذ يتحدث في محافل دولية عن (عدم الانحياز).
ونظم الآسيويون أول مؤتمر واسع النطاق لدول إفريقية وآسيوية، معظمها حديثة الاستقلال تحت اسم (المؤتمر الآسيوي - الإفريقي) في باندونغ بإندونيسيا (عام 1955) بمبادرة شارك فيها عدد من القادة الآسيويين، شملت الهند وإندونيسيا. وتمكَّن «جواهر لال نهرو»، رئيس الوزراء الهندي، من إقناع المجتمعين في القمة بفكرة «عدم الانحياز»، وأعلن في ختام المؤتمر ما عُرِف باسم «مبادئ باندونغ العشرة»، وهي مبادئ تضمنت تحديد العلاقات بين الدول وعدم الاعتداء فيما بينها، والحث على عدم الالتحاق بأي حلف عسكري، وتأييد حق المصير ومعارضة الفصل العنصري. واتخذت هذه المبادئ فيما بعد كأهداف رئيسية لسياسة عدم الانحياز.
وعقد مؤتمر تحضيري لقمة بلغراد، التي دُعِيَ قادة العالم الثالث لحضورها في يوغسلافيا، وذلك بالقاهرة عام 1961، وعقدت القمة في نفس العام. ومن أبرز القيادات لحركة عدم الانحياز كان الرئيس جوزيف بروز تيتو (يوغسلافيا)، وجواهر لال نهرو (رئيس وزراء الهند)، والرئيس جمال عبدالناصر (مصر)، والرئيس أحمد سوكارنو (إندونيسيا). وحضر أول مؤتمر لحركة عدم الانحياز 25 دولة (حضرت السعودية هذا المؤتمر وكذلك مؤتمر باندونغ).
اليوم، هناك معسكران يسعى كل منهما إلى جر دول العالم الثالث إلى صفه. وهناك احتمال أن تنشب بينهما حرب عالمية ثالثة، وأعتقد أن دول (اللا منتمي) في هذا العالم؛ بحاجة إلى قيادة ومبادئ معلنة، يمكن بها مقاومة الاستقطاب الحاد. وكانت حركة عدم الانحياز في حينها عاملاً مهما في الحد من غلواء القوتين العالميتين الكبيرتين، وإن لم تكن الفعالية واسعة. والسبب وجود قادة تاريخيين للحركة، وضعت موسكو وواشنطن أهمية عدم إثارتهم عند قيام الحركة.
المطلوب الآن، ليس إحياء حركة عدم الانحياز، التي لازالت تعيش بعكازين، بعد أن فقدت أهميتها. ولكن التفكير من قبل قادة بارزين في العالم الثالث إلى بناء تجمع وسطي فيما بين المتنافسين، يضم دول العالم المناسبة للسعى إلى تجنب تصعيد المنافسة إلى حرب، وتحويلها إلى تعاون، خاصة فيما بين الصين ومن معها، وواشنطن ومن يساندها. وتحتاج هذه الفكرة إلى المزيد من التوضيح والدراسة. فعسى أن يشارك فيها أصحاب رأي وحكمة.
شعرت دول العالم الثالث، بعد الحرب، أن تخلي الأوروبيين عن مستعمراتهم في إفريقيا وآسيا وجنوب أمريكا، والذي حثت عليه الولايات المتحدة الأمريكية حينها، لم يكن بداية لقيام الدولة الوطنية المستقلة الحرة في اتخاذ قراراتها، خاصة أن الدول التي كانت تستعمرهم لازالت لها مصالح اقتصادية كبيرة في بلدانهم. إضافة إلى أن الدول المنتصرة في الحرب العالمية الثانية توزعوا إلى (غرب) و(شرق)، وأنشأ الغرب (أمريكا وأوروبا) حلف عسكري أطلق عليه مسمى (الناتو)، أو حلف شمال الأطلسي، وتكوّن من 32 دولة أوروبية وأمريكا الشمالية (الولايات المتحدة وكندا)، وتم توقيع معاهدة إنشاء هذا التحالف في شهر إبريل 1949م.
بعدها في مايو 1955 أنشأ الاتحاد السوفيتي ما سُمِّي بـ (حلف وارسو) اختصاراً لاسم (معاهدة صداقة وتعاون ومعونة مشتركة)، ووُقِّعت المعاهدة في وارسو، العاصمة البولندية، بين كل من بولندا والاتحاد السوفيتي وألبانيا وتشيكوسلوفاكيا والمجر وألمانيا الديمقراطية (النصف الشرقي من ألمانيا) ورومانيا وبلغاريا، وهي دول أوروبا الشرقية التي هيمن عليها في ذلك الوقت «الاتحاد السوفيتي»، وتبنَّت شعاراته وسياساته.
وبدأ حينها الاستقطاب لدول العالم الثالث، بما فيها حديثة الاستقلال، للعمل مع أحد الحلفين العسكريين. الأمر الذي جعل قيادات بارزة في دول العالم الثالث تفكر بأفضل السبل لتجنب الغرق في صراعات الدول الكبرى. وبرز حينذاك اسم «جواهر لال نهرو»، أول رئيس وزراء للهند بعد استقلالها من بريطانيا، الذي أخذ يتحدث في محافل دولية عن (عدم الانحياز).
ونظم الآسيويون أول مؤتمر واسع النطاق لدول إفريقية وآسيوية، معظمها حديثة الاستقلال تحت اسم (المؤتمر الآسيوي - الإفريقي) في باندونغ بإندونيسيا (عام 1955) بمبادرة شارك فيها عدد من القادة الآسيويين، شملت الهند وإندونيسيا. وتمكَّن «جواهر لال نهرو»، رئيس الوزراء الهندي، من إقناع المجتمعين في القمة بفكرة «عدم الانحياز»، وأعلن في ختام المؤتمر ما عُرِف باسم «مبادئ باندونغ العشرة»، وهي مبادئ تضمنت تحديد العلاقات بين الدول وعدم الاعتداء فيما بينها، والحث على عدم الالتحاق بأي حلف عسكري، وتأييد حق المصير ومعارضة الفصل العنصري. واتخذت هذه المبادئ فيما بعد كأهداف رئيسية لسياسة عدم الانحياز.
وعقد مؤتمر تحضيري لقمة بلغراد، التي دُعِيَ قادة العالم الثالث لحضورها في يوغسلافيا، وذلك بالقاهرة عام 1961، وعقدت القمة في نفس العام. ومن أبرز القيادات لحركة عدم الانحياز كان الرئيس جوزيف بروز تيتو (يوغسلافيا)، وجواهر لال نهرو (رئيس وزراء الهند)، والرئيس جمال عبدالناصر (مصر)، والرئيس أحمد سوكارنو (إندونيسيا). وحضر أول مؤتمر لحركة عدم الانحياز 25 دولة (حضرت السعودية هذا المؤتمر وكذلك مؤتمر باندونغ).
اليوم، هناك معسكران يسعى كل منهما إلى جر دول العالم الثالث إلى صفه. وهناك احتمال أن تنشب بينهما حرب عالمية ثالثة، وأعتقد أن دول (اللا منتمي) في هذا العالم؛ بحاجة إلى قيادة ومبادئ معلنة، يمكن بها مقاومة الاستقطاب الحاد. وكانت حركة عدم الانحياز في حينها عاملاً مهما في الحد من غلواء القوتين العالميتين الكبيرتين، وإن لم تكن الفعالية واسعة. والسبب وجود قادة تاريخيين للحركة، وضعت موسكو وواشنطن أهمية عدم إثارتهم عند قيام الحركة.
المطلوب الآن، ليس إحياء حركة عدم الانحياز، التي لازالت تعيش بعكازين، بعد أن فقدت أهميتها. ولكن التفكير من قبل قادة بارزين في العالم الثالث إلى بناء تجمع وسطي فيما بين المتنافسين، يضم دول العالم المناسبة للسعى إلى تجنب تصعيد المنافسة إلى حرب، وتحويلها إلى تعاون، خاصة فيما بين الصين ومن معها، وواشنطن ومن يساندها. وتحتاج هذه الفكرة إلى المزيد من التوضيح والدراسة. فعسى أن يشارك فيها أصحاب رأي وحكمة.