كتاب

مياه البحر للاستخدام المنزلي

المدنُ السَّاحليَّةُ يمكنُهَا الاستفادَة مِن مياهِ البحرِ مباشرةً، خاصَّةً فِي مرحاضِ الحمَّامِ، فلماذَا يتمُّ استخدامُ المياهِ المحلَّاةِ لذلكَ؟!

يعلمُ الجميعُ أنَّ تكلفةَ المياهِ المحلَّاةِ كبيرةٌ، وتستهلكُ كميَّاتٍ مِن الوقودِ لتحليةِ المياهِ، ولتنفيذِ ذلكَ فِي المنزلِ لَا يتطلَّبُ الأمرُ سِوَى التَّوصيلِ بشكلٍ منفصلٍ لنظامِ مياهِ البحرِ، وقدْ يكونُ ذَا تكلفةٍ إضافيَّةٍ عندَ التَّأسيسِ، ولكنَّ فائدتَهُ الاقتصاديَّةَ للحفاظِ علَى المياهِ بشكلٍ كبيرٍ علَى المدَى البعيدِ.


منذُ أواخرِ الخمسينيَّاتِ، كانتْ هونغ كونغ رائدةً فِي استخدامِ مياهِ البحرِ فِي مرحاضِ الحمَّامِ؛ ممَّا يعكسُ نهجًا مبتكرًا لإدارةِ المواردِ والاستدامةِ البيئيَّة، نشأتْ هذهِ الممارسةُ كحلٍّ لمشكلةِ نُدرةِ المياهِ العذبةِ، وأصبحتْ جزءًا أساسًا مِن إستراتيجيَّةِ إدارةِ المياهِ فِي المدينةِ.

تبنَّتْ هونغ كونغ استخدامَ مياهِ البحرِ بدلًا مِن المياهِ العذبةِ وسطَ التَّوسُّعِ العمرانيِّ السَّريعِ والنموِّ السكانيِّ فِي منتصفِ القرنِ العشرِين، وواجهتِ المدينةُ زيادةً فِي الطلباتِ علَى مواردِ المياهِ العذبةِ؛ ممَّا دفعَ الحكومةَ إلَى تنفيذِ حلٍّ رائدٍ، وهُو استخدامُ مياهِ البحرِ الوفيرةِ مِن ميناءِ فيكتوريَا.


ويعمل نظام مياه البحر، من خلال شبكة منفصلة من الأنابيب المخصصة لنقل المياه إلى المراحيض السكنية والتجارية، وتساعد هذه الممارسة في الحفاظ على المياه العذبة، والتي تُخصَّص للشرب والطهي والاستخدامات الأساسية الأُخْرى.

ومِن خلالِ استخدامِ مياهِ البحرِ، تقلِّلُ هونغ كونغ -بشكلٍ كبيرٍ- مِن اعتمادِهَا علَى مصادرِ المياهِ العذبةِ، وهُو أمرٌ حيويٌّ؛ نظرًا للكثافةِ السكانيَّةِ الكبيرةِ فِي المدينةِ، ونُدرةِ المواردِ الطبيعيَّةِ للمياهِ العذبةِ، واستخدامُ مياهِ البحرِ يقلِّلُ مِن الأثرِ البيئيِّ علَى منشآتِ معالجةِ المياهِ العادمةِ، التِي تُصمَّمُ أساسًا لمعالجةِ المياهِ العذبةِ، ويُعدُّ استخدامُ مياهِ البحرِ أكثرَ فعاليَّةً مِن حيثُ التكلفةِ، مقارنةً بمعالجةِ وتوزيعِ المياهِ العذبةِ، ويقلِّلُ النِّظامُ مِن العبءِ الماليِّ المرتبطِ بمعالجةِ ونقلِ المياهِ العذبةِ، تشملُ بنيةُ هونغ كونغ التحتيَّة لنظامِ مياهِ البحرِ شبكةً متخصِّصةً مِن الأنابيبِ ومنشآتِ معالجةٍ؛ لضمانِ أنَّ مياهَ البحرِ نظيفةٌ وخاليةٌ مِن الملوِّثاتِ، وأدَّتِ التقدُّماتُ التكنولوجيَّةُ علَى مرِّ السِّنين إلى تحسينِ هذَا النِّظامِ؛ ممَّا يعزِّزُ مِن كفاءتِهِ وموثوقيَّتِهِ. وتقدُّمُ نجاحِ هونغ كونغ فِي استخدامِ مياهِ البحرِ رؤىٌ قيمةٌ للمناطقِ الحضريَّةِ ذاتِ الكثافةِ السكانيَّةِ العاليةِ، التِي تواجهُ ندرةَ المياهِ، ويبرزُ نموذجُ المدينةِ كيفَ يمكنُ أنْ تسهمَ الحلولُ المبتكرةُ فِي معالجةِ التحدِّياتِ البيئيَّةِ وإدارةِ المواردِ.

أخبار ذات صلة

هـروب الأسـد!!
الكلمة.. صالون ثقافي
«محمد آبادي».. من أعلام الثقافة الإسلامية
نظرة أشمل لمركز التواصل الحكومي
;
‏حقوق الطفل.. بين الإنسانية واللا إنسانية
الإنسان والجائزة!!
كبار السن
شيء عن التحول المتسارع
;
الأحمـــق
«بهجة».. لمدن تنبض بالحياة
نزاهة.. تواصل رحلة التميز والإجادة
مرحباً بعودة سوريا
;
إدارة الجموع.. والتطبيق
لصـــــــق
دبلوماسية الترويج للثقافة.. والمواقع الأثرية
دكتور يجيب (المرض)!!