كتاب

خلـونا نطلـع فاصـل

اعتاد مذيعو البرامج التلفزيونية، حين تردهم مكالمة محرجة، أو حين تصيب الرتابة الفقرة المحورية، أو حين يشتد النقاش الهامشي بين الضيوف العواطلية، أن يتنحنح المذيع منهم -وقد ارتسمت على وجهه ملامح الإنزعاج والربكة- قائلاً: معليش «خلونا نطلع فاصل» ونرجع، حينها وفي جزء من الثانية، تشعر بأنه التفت إلى ضيوفه ناقماً وراجياً التهدئة، قبل أن يعود بعد الفاصل ضاحكاً منتشياً، وقد ضبط الوضع، ولطف الجو، وعدل المحاور الخلافية!!

باعتقادي أن العمل في غالبية الجهات الخدمية، يدار بطريقة مذيعي البرامج التلفزيونية، حين يجدون أنفسهم بمواقف محرجة، لقصور بالنواحي الإعدادية أو التنظيمية أو الإخراجية، فيسارعون للهرب من المواجهة والتنصل من المسؤولية، من خلال ممارسة الحيلة الذكية: «خلونا نطلع فاصل»!!


لقد بحت أصوات الطبقة الواعية المثقفة: وهي تناشد عبر وسائل الإعلام والتواصل المختلفة، وضع حد لتفاهات مشاهير الفلس وتحجيم مكانتهم الاجتماعية، التي حولت الساحة الأدبية لغرزة حونشية، وحولت الأعمال التنويرية لممارسات صبيانية، وحين وصلت أصواتهم وبدأت التوعية، تنحنحت الجهة المنظمة، وبدلاً من معالجة مشاهير الغفلة، زجت بهم بمهرجان الإبل لتحوله إلى منقية المهايطية، وكأنها بذلك تمارس الحيلة الذكية: «خلونا نطلع فاصل»!!

لقد بحت أصوات مستهلكي السلع الرئيسية: كالأطعمة، الطاقة، الملابس، الشقق السكنية، والخدمات الهاتفية، من زيادة الأسعار الفاحشة وغير المنطقية، التي حولت الحياة الأسرية لمعاناة مصيرية، وحولت الأسواق التجارية لمزادات علنية، وحين وصلت أصواتهم وبدأت الحماية، تنحنحت الجهة المختصة، وبدلاً من معالجة غلاء المعيشة، تبنت حجة ارتفاع معدلات التضخم العالمية والتكلفة الإنتاجية، وكأنها بذلك تمارس الحيلة الذكية «خلونا نطلع فاصل»!!


لقد بحت أصوات سكان أحياء جدة الشرقية: الحمدانية، الصالحية، الكوثر، الماجد، الفلاح، أم الحمام، العزيزية، من كثرة حفر الشوارع الرئيسية والفرعية، التي حولت المركبات الحديثة لعربات قديمة، وحولت الأحياء العصرية لمناطق عشوائية، وحين وصلت أصواتهم وبدأت المساءلة، تنحنحت الجهة المختصة، وبدلاً من معالجة الحفر الكثيرة، تفتق ذهنها وابتكرت مشكلة المياه الجوفية لتمتد المعاناة أشهراً طويلة، وكأنها بذلك تمارس الحيلة الذكية: «خلونا نطلع فاصل»!!

هذا الفاصل الطويل والممل الذي يلجأ إليه بعض (مسؤولي الجهات الخدمية)، كلما تعالت أصوات المتضررين بمثل هذه الخدمات الثقافية والتجارية والبلدية، غالباً ما ينجح في تهدئة الموجة الغاضبة، حيث يعود بعد المساءلة الفاصلة ضاحكاً منتشياً، وقد ضبط الوضع، ولطف الجو، وعدل المطالبات الخلافية، لذلك، فإنه لا يسعني عند تقييم النتائج النهائية للجهات الخدمية -رغم إمكاناتها المادية واللوجستية- إلا أن أمارس نفس الحيلة الذكية «خلونا نطلع فاصل»!!

أخبار ذات صلة

حواري مع رئيس هيئة العقار
الحسدُ الإلكترونيُّ..!!
مستشفى خيري للأمراض المستعصية
الحُب والتربية النبوية
;
سلالة الخلايا الجذعية «SKGh»
التسامح جسور للتفاهم والتعايش في عالم متنوع
التقويم الهجري ومطالب التصحيح
كأس نادي الصقور.. ختامها مسك
;
المدينـة النائمـة
كتاب التمكين الصحي.. منهج للوعي
الإسلام.. الدِّيانة الأُولى في 2060م
ما لا يرضاه الغرب للعرب!
;
العمل الخيري الصحي.. في ظل رؤية 2030
القمة العربية الإسلامية.. قوة وحدة القرارات
يا صبر عدنان !!
احذروا البخور!!