كتاب

منتخبنا وقصص من اليابان..!!

يدنُو موعدُ مباراةِ منتخبِنَا ضدَّ المنتخبِ اليابانيِّ فِي تصفياتِ كأسِ العالمِ ٢٠٢٦م، وكلَّما يتواجهُ المنتخبَانِ تعودُ بِي الذكرياتُ لأسبوعَينِ قضيتهمَا فِي اليابانِ منذُ سنواتٍ، وكانَا حافلَيْنِ بقصصٍ أثارتْ إعجابِي بكوكبِ اليابانِ!.

كانتِ الشوارعُ هِي أوَّل مَا أعجبنِي فيهَا، إذْ كانتْ نظيفةً للغايةِ، بمعنَى أنَّه مِن سابعِ المستحيلاتِ أنْ ترَى فيهَا، ولوْ مقدارُ قشَّةٍ مِن النفاياتِ.


وذُلِّلَت الشوارعُ للمُشاةِ، بلْ حتَّى للماشِي الضَّريرِ، إذْ خُصِّصَ لهُ مسارٌ علَى الأرصفةِ، ويتعرَّفُ عليهِ بلمسهِ بقدميهِ، والمسارُ مُنفَّذٌ مِن بلاطٍ أكثرَ خشونةٍ مِن بلاطِ مساراتِ المُبصِرِينَ، ويمشِي الضريرُ عليهِ وكأنَّهُ مُبصِرٌ، ولهذَا المسارِ تحويلاتٌ أمامَ لفَّةِ كلِّ شارعٍ أو مقابلَ كلِّ بنايةٍ مختلفةٍ، ليتعرَّفَ الضَّريرُ علَى وُجهتهِ بسهولةٍ دونَ الحاجةِ الماسَّةِ لدليلٍ سواءً كانَ إنسانًا أو كلبَ مُرافقةٍ.

ولكلِّ شجرةٍ مزروعةٍ هناكَ رقمٌ خاصٌّ بهَا مثلِ السيَّاراتِ، وتراهُ مكتوبًا علَى سلسلةٍ مُعلَّقةٍ علَى جذعِ الشجرةِ؛ لتسهيلِ رعايتِهَا، وأشجارهُم تُعمِّرُ لعشراتِ السِّنين، وتبقَى جميلاتٍ وباسقاتٍ ووارفاتِ الظِّلالِ، والجلوسُ تحتهَا هُو قصَّةُ استراحةٍ مُمتعةٍ.


وهنَا أسردُ قصَّةً واقعيَّةً حصلتْ فِي اليابانِ فِي عامِ ١٩٤٥م، عند استسلامِها للجيشِ الأمريكيِّ بعدَ إلقاءِ قنبلتَينِ نوويتَيْنِ علَى مدينتَي هيروشيما وناجازاكي، إذْ قالَ ضُبَّاطٌ أمريكيُّونَ مغرورُونَ ومُنتشُونَ بالانتصارِ لليابانيِّينَ أنَّهم لنْ يتمكَّنُوا مِن زراعةِ المدينتَينِ؛ بسببِ تأثيرِ الإشعاعِ النوويِّ لمُدَّةِ (٧٥) سنةً، فاجتمعَ مهندسُونَ زراعيُّونَ يابانيُّونَ وتعاهدُوا علَى إصلاحِ تربتهَا للزراعةِ خلالَ بضعِ سنينَ أو ينتحرُون جميعًا، وبالفعلِ نجحُوا نجاحًا مُبْهِرًا، وقدْ رأيتُ بأمِّ عينِي جودةَ الأشجارِ فِي المدينتَينِ وهِي أفضلُ ممَّا فِي المدنِ الأُخْرى، وللهِ فِي خلقِهِ اليابانيِّينَ شؤونٌ.

وفِي كلِّ مدنِ اليابانِ يوجدُ بالطبعِ مترُو تحتَ الأرضِ، وقطاراتهُ تأتِي لمحطَّاتهِ وتتحرَّكُ منهَا فِي مواعيدَ ثابتةٍ لا تتقدَّمُ ولا تتأخَّرُ ولوْ لثوانٍ، والمشهدُ العظيمُ والفريدُ هُو أنَّ مُستخدمِي المترُو، وعددهُم بالملايِين طيلةَ اليومِ، يدخلُونَ ويخرجُونَ منهُ بنظامٍ عجيبٍ، ذاهبِينَ لأعمالِهِم وآيبِينَ منهَا فِي دقَّةٍ وحيويَّةٍ، وكأنَّهم أسرابٌ مِن نحلٍ عاملِينَ فِي خلايَا العَسلِ، وكلٌّ قدْ عَلِمَ وظيفتَهُ ومهمَّتهُ وصلاحياتهُ.

وهذَا غيضٌ مِن فيضِ القصصِ عَن اليابانِ، والشَّاهدُ هُو أن المباراة صعبة على منتخبنا لقوة منتخبِ اليابان الذِي هُو نتاجُ عقليَّةٍ كمبيوتريَّةٍ خارقةٍ وفوقَ طاقةِ البشرِ، وتفتَّقت عَن منتخبٍ متطوِّرٍ يُقارعُ كبارَ العالمِ، إلَّا إذَا تحلَّى منتخبنَا بثقةٍ كبيرةٍ وتفوُّقٍ علَى نفسِه أوَّلًا، معَ اللعبِ بالروحِ القتاليَّةِ والعزيمةِ، ولَا أنسَى تجويدَ الخططِ التدريبيَّةِ من السنيور مانشيني حفيد موسوليني، الذِي أتمنَّى أنْ يكونَ فِي أحسنِ حالاتِهِ الذهنيَّةِ والعصبيَّةِ، ويَا منتخبنَا حقِّق الآمالَ.

أخبار ذات صلة

عقيقة الكامخ في يوم العربيَّة
قُول المغربيَّة بعشرةٍ..!!
في رحاب اليوم العالمي للغة العربية
متحف للمهندس
;
وقت الضيافة من حق الضيوف!!
السرد بالتزييف.. باطل
عنف الأمثال وقناع الجَمال: قلق النقد ويقظة الناقد
مزايا مترو الرياض
;
الرقص والنقص.. مرة أخرى!!
تكريم سمو الأمير خالد الفيصل
سوريا.. هل استوعبت الدرس؟
خمسة اعتقادات خاطئة عن السعوديين في بيئات العمل!
;
ترتيب الأولويات الدولية لدبلوماسيتنا الناعمة
العبقرية.. ليست بالفطرة أو الوراثة
قبل أن ينتهي عام 2024
تحديات وصعوبات