كتاب
دموع النهرين...!!
تاريخ النشر: 21 ديسمبر 2024 23:04 KSA
على وقع احداث سوريا بكل تداعياتها وشواهدها ومشاهدها، استحضرتُ أوجاعَ شوقي لرزءِ دمشق:
سَلامٌ مِن صَبَا بَرَدَى أَرَقُّ
وَدَمْعٌ لَا يُكَفْكَفُ يَا دِمَشْقُ
وتذكَّرتُ بوحَ حزنِ الجوهري لدجلة:
أَدِجْلَة إنَّ فِي العَبَراتِ نطقًا
يُحيِّر فِي بلاغتِهِ العُقُولَا
إنَّها ذات المشكاة التي تقطر ألمًا ومآسيَ..!
*****
.. هذا الرَّبط التلقائي منهلُهُ ذلك المشهد الدمشقيِّ، بذاك المشهد البغداديِّ..
هنا في دمشق مشهدُ تلك الفتاة السوريَّة المكلومة على أهلها وشعبها ووطنها، التي انفجرت قهرًا وحِنقًا في وجه مبعوث الأمم المتحدة (بيدرسون)، وهو يزور دمشق ولسان حالها: أينَ كُنتم؟ الآنَ جِئتُم بعد ذبح الشَّعب السوريِّ؟ وفقدت السَّيطرة على أوجاعها وأحزانها، وأخذت حذاءَهَا في يدها، واندفعت إليه وهي تصيحُ بحرقةٍ شديدةٍ، وبلغتها الشَّاميَّة العفويَّة: «إنتو كلياتكُن علَى وين؟!» وأردفت سؤالها المقهور بآخرَ: «بعدْ شُو جِيتُو؟ بعدْ شُو؟ ماعد بدنياكُن، ماعد بدنياكُن»!
حاولُوا إمساكها، ولكنَّها حين تحرَّك بسيَّارته قذفته بالحذاء: «يا الله درب يسد ما يرد»...!
*****
.. هذا المشهد المؤثِّر يُعيد إلى الأذهان ذلك المشهد المهيب هناك في بغداد، حين رمى الصحفيُّ العراقيُّ منتظر الزيدي بحذائه على الرَّئيس جورج بوش الابن، في المؤتمر الصحفيِّ الذي عقدهُ ببغداد أثناء زيارته للعراق، بعد الغزو في عام 2008.
حذاء الزيدي الأوَّل أخطأ وجهَ بوش، الذي انحرف عنه، لكنَّ حذاءَهُ الثَّاني لم يخطئ العَلَمَ الأمريكيَّ.
تختلف الأماكن والمسمَّيات والألوان والوجوه، ونظلُّ نحنُ -العربَ- الضَّحايا، وتدفع أوطاننا أثمانَ المؤامراتِ والصِّراعات...!
*****
.. مشاهدُ صادمةٌ جدًّا، وموجعةٌ جدًّا في كل مكان في سوريا، وخصوصًا عند سجن صيدنايا، حيث تختلط الخفقاتُ والعَبَرَاتُ، والدُّموعُ والقهرُ الذي لا يحتملهُ قلبُ بشرٍ.
تخيَّلوا سيَّدةً مُسنَّةً تحمل في يدها صورَ أولادها، وهي تطوفُ الأماكن، وتتطايح فوق أكوام التُّراب، تبحثُ وتسألُ وتصيحُ وتبكي، وحين أعياها التَّعبُ والقهرُ واليأسُ جلست أمام أحد الممرَّات وفي عنقها حبلُ مشنقةٍ أخذتهُ من الدَّاخل وراحت تتلمَّسهُ وتشمهُ علَّها تجد فيه بقايَا من رائحة أولادها!!
جبرَ اللهُ مصابَكُم ومآسيَكُم وجراحاتِكُم يَا أهلنَا فِي سوريَا..
*****
.. والغريب المريب.. كل هذا الطغيان، من ذبح وحرق، وقتل وإبادة، وقهر وتطهير، وسجن وتشريد، وتعذيب واغتصاب، ودمار وسجون تحت الأرض، ومقابر جماعية على مدار أكثر من أربعين عاما والعالم يتفرج، والسيد بيدرسون والجوقة الأممية كانوا كمجرد من يفتل خيوط العنكبوت في خفايا الزوايا المظلمة.
حقًّا لقد اختصرت تلك الحُرَّة الشَّاميَّة كلَّ الكلام في «بعدْ شُو جِيتُو؟»...!
*****
.. أخيرًا.. وجوهُ الأوطان لا تغيبُ عندمَا تسكن دماءُ الأحرارِ...!
سَلامٌ مِن صَبَا بَرَدَى أَرَقُّ
وَدَمْعٌ لَا يُكَفْكَفُ يَا دِمَشْقُ
وتذكَّرتُ بوحَ حزنِ الجوهري لدجلة:
أَدِجْلَة إنَّ فِي العَبَراتِ نطقًا
يُحيِّر فِي بلاغتِهِ العُقُولَا
إنَّها ذات المشكاة التي تقطر ألمًا ومآسيَ..!
*****
.. هذا الرَّبط التلقائي منهلُهُ ذلك المشهد الدمشقيِّ، بذاك المشهد البغداديِّ..
هنا في دمشق مشهدُ تلك الفتاة السوريَّة المكلومة على أهلها وشعبها ووطنها، التي انفجرت قهرًا وحِنقًا في وجه مبعوث الأمم المتحدة (بيدرسون)، وهو يزور دمشق ولسان حالها: أينَ كُنتم؟ الآنَ جِئتُم بعد ذبح الشَّعب السوريِّ؟ وفقدت السَّيطرة على أوجاعها وأحزانها، وأخذت حذاءَهَا في يدها، واندفعت إليه وهي تصيحُ بحرقةٍ شديدةٍ، وبلغتها الشَّاميَّة العفويَّة: «إنتو كلياتكُن علَى وين؟!» وأردفت سؤالها المقهور بآخرَ: «بعدْ شُو جِيتُو؟ بعدْ شُو؟ ماعد بدنياكُن، ماعد بدنياكُن»!
حاولُوا إمساكها، ولكنَّها حين تحرَّك بسيَّارته قذفته بالحذاء: «يا الله درب يسد ما يرد»...!
*****
.. هذا المشهد المؤثِّر يُعيد إلى الأذهان ذلك المشهد المهيب هناك في بغداد، حين رمى الصحفيُّ العراقيُّ منتظر الزيدي بحذائه على الرَّئيس جورج بوش الابن، في المؤتمر الصحفيِّ الذي عقدهُ ببغداد أثناء زيارته للعراق، بعد الغزو في عام 2008.
حذاء الزيدي الأوَّل أخطأ وجهَ بوش، الذي انحرف عنه، لكنَّ حذاءَهُ الثَّاني لم يخطئ العَلَمَ الأمريكيَّ.
تختلف الأماكن والمسمَّيات والألوان والوجوه، ونظلُّ نحنُ -العربَ- الضَّحايا، وتدفع أوطاننا أثمانَ المؤامراتِ والصِّراعات...!
*****
.. مشاهدُ صادمةٌ جدًّا، وموجعةٌ جدًّا في كل مكان في سوريا، وخصوصًا عند سجن صيدنايا، حيث تختلط الخفقاتُ والعَبَرَاتُ، والدُّموعُ والقهرُ الذي لا يحتملهُ قلبُ بشرٍ.
تخيَّلوا سيَّدةً مُسنَّةً تحمل في يدها صورَ أولادها، وهي تطوفُ الأماكن، وتتطايح فوق أكوام التُّراب، تبحثُ وتسألُ وتصيحُ وتبكي، وحين أعياها التَّعبُ والقهرُ واليأسُ جلست أمام أحد الممرَّات وفي عنقها حبلُ مشنقةٍ أخذتهُ من الدَّاخل وراحت تتلمَّسهُ وتشمهُ علَّها تجد فيه بقايَا من رائحة أولادها!!
جبرَ اللهُ مصابَكُم ومآسيَكُم وجراحاتِكُم يَا أهلنَا فِي سوريَا..
*****
.. والغريب المريب.. كل هذا الطغيان، من ذبح وحرق، وقتل وإبادة، وقهر وتطهير، وسجن وتشريد، وتعذيب واغتصاب، ودمار وسجون تحت الأرض، ومقابر جماعية على مدار أكثر من أربعين عاما والعالم يتفرج، والسيد بيدرسون والجوقة الأممية كانوا كمجرد من يفتل خيوط العنكبوت في خفايا الزوايا المظلمة.
حقًّا لقد اختصرت تلك الحُرَّة الشَّاميَّة كلَّ الكلام في «بعدْ شُو جِيتُو؟»...!
*****
.. أخيرًا.. وجوهُ الأوطان لا تغيبُ عندمَا تسكن دماءُ الأحرارِ...!