Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

خليك في البيت

رغم أنها كلمة بسيطة ولا تحمل أي نوع من أنواع الإساءة أو الإهانة، بل إنها كلمة لها عشاقها من العاطلين عن العمل، وأولئك الذين يبحثون عن النوم والراحة، لكنها أصبحت كابوسًا يعيشه ذوو الاحتياجات الخاصة الذ

A A
رغم أنها كلمة بسيطة ولا تحمل أي نوع من أنواع الإساءة أو الإهانة، بل إنها كلمة لها عشاقها من العاطلين عن العمل، وأولئك الذين يبحثون عن النوم والراحة، لكنها أصبحت كابوسًا يعيشه ذوو الاحتياجات الخاصة الذين يُغتالون كل يوم بهذه الكلمة: خليك في البيت.
عند عودتي إلى المملكة وأنا في العاشرة من عمري واجهت الصدمة الأولى عندما اصطحبني والدي لإحدى المدارس لمواصلة دراستي التي كنت قد بدأتها في الولايات المتحدة في إحدى المدارس الأمريكية، وكنت خلالها من المتفوقين فكان اقتراح مدير المدرسة الموقر لأبي أن يلحقني بإحدى المدارس الخاصة بالمعاقين ذهنيًّا، ثم جاءت منه تلك الكلمة التي أراد أن يقضي بها على مستقبلي، ويعصف بها أحلامي وطموحاتي، فقالها ببرود: خليك في البيت.
بعد حصولي على شهادة الثانوية العامة بامتياز رغم أنني كنت أدرس بنظام الانتساب وعند التحاقي بالجامعة ورغبتي الملحة في دخول قسم الإعلام تكرر المشهد نفسه، ولكنه هذه المرة كان من أحد أولئك الذين يدعون أنهم حصلوا على شهادة الدكتوراه من أمريكا وبريطانيا، لكنهم لم يتجاوزوا بفكرهم المحدود أبعد مما تراه أبصارهم، فكانت الإجابة التي نطق بها ذلك الذي يتباهى بحرف الدال قبل اسمه: (ما في داعي خليك في البيت).
ويتكرر السيناريو وتتكرر عبارة الرصاصة في كل مرة أحاول أن أثبت فيها ذاتي، أو أحقق فيها طموحاتي، والأمر المؤكد أنني لو كنت فاقدًا لصوت الإرادة لبقيت حقًّا في البيت مستسلمًا؛ كحال كثير من ذوي الاحتياجات الخاصة؛ لذلك الصوت اليائس الذي لم يجد ما يدمر به تلك الهمة العالية وروح التحدي والعزيمة سوى تلك العبارة البائسة: خليك في البيت.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store