Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

اعملوها كونفيدرالية خليجية.. أو فيدرالية.. بس اعملوها!!

أكثر من ثلاثين عاما مضت على تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومازال عدم الرضا عن أداء هذا المجلس يعم الكثير من المواطنين في دول الخليج..

A A
أكثر من ثلاثين عاما مضت على تأسيس مجلس التعاون لدول الخليج العربية ومازال عدم الرضا عن أداء هذا المجلس يعم الكثير من المواطنين في دول الخليج.. فالمواطن الخليجي كان يطمع في أن يحقق أكثر مما تحقق، وكان يأمل في أن يكون جزءًا من عملية صناعة القرار في هذا المجلس الخليجي.. إلا أن هناك إنجازات اقتصادية وأحيانا سياسية لا يمكن تجاهلها، كما أن قادة المجلس يلتقون فيما بينهم في كل عام، مرة وأحيانا أكثر من ذلك إن كانت هناك أحداث تستدعي التقاءهم.. وفيما بين لقاء القادة في ديسمبر من كل عام واللقاء التالي بعده يجتمع الوزراء والخبراء الخليجيون لدراسة ومناقشة ما أوكل إليهم من أمور.. ولكن لم يتم حتى الآن اختيار وزير واحد لدول مجلس التعاون الخليجي يتولى أي شأن من شؤون المواطن الخليجي، أكان اقتصاديا أو اجتماعيا أو تربويا أو صحيا.. إذ بقى كل كيان خليجي مصرا على استقلاليته، وحريصا عليها.. ولم يحدث الاندماج الذي كنا نأمل في أن يتحقق بعد مرور كل هذه السنوات من العمل الخليجي المشترك.
في آخر لقاء لقادة دول الخليج (قمة دول مجلس التعاون الثانية والثلاثين في الشهر الماضي - ديسمبر) صارح القائد السعودي عبدالله بن عبدالعزيز إخوانه بأن عليهم أن ينظروا إلى ما وصلوا إليه، وقال لهم: «لقد علمنا التاريخ والتجارب ألا نقف عند واقعنا ونقول اكتفينا، ومن يفعل ذلك فسيجد نفسه في آخر القافلة ويواجه الضياع، وهذا أمر لا نقبله جميعا لأوطاننا واستقرارنا وأمننا، لذلك أطلب منكم أن نتجاوز مرحلة التعاون إلى مرحلة الاتحاد في كيان واحد».. دعوة حكيمة من رجل حكيم وقائد محنك.. فماذا أنتم يا خليجيون فاعلون؟!
لاشك أن الدراسات والمباحثات في هذا الأمر تدور الآن في صوالين مجلس التعاون الخليجي.. إلا أن التجربة علمتنا أن عجلة حركة القرارات الخليجية بطيئة ولذا فإن ما نخشاه أن يطول الأمر بالمحاورين والمتباحثين والمجادلين إلى أن يفقد مجلس التعاون الخليجي القدرة على المبادرة في تحديد مساره ومستقبله وتتحول الأحداث إلى فاعل وفارض لتوجه لن يكون في صالح المواطن الخليجي.. فالقرارات المطلوبة في هذا الشأن صعبة وتخلق تحديا لصاحب القرار الخليجي لم يواجهه من قبل، وهي تتطلب حلولا مبتكرة وجريئة وجاذبه لأغلبية شعبية تدعمها وتشارك في إنجاحها.
من التحديات الخارجية التي يواجهها الخليجيون أطماع إيرانية متواصلة في السيطرة عليهم وإثارة القلاقل في بلدانهم، بالإضافة إلى أطماع دول أخرى صغيرة وكبيره يسعى كل منها إلى أن يكون له نصيب في (الكعكة) الخليجية، ولن تستطيع دول الخليج وهي كما هي عليه الآن أن تواجه أخطار تحول إيران إلى قوة نووية.. وحتى وإن رأى البعض أن «الحديد لا يفله إلا الحديد» وقرر امتلاك رادع نووي، فهل سيؤدي ذلك إلى امتلاك الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون رادعا نوويا واحدا أم أن كلا منها سيمتلك رادعا خاصا به، مع ما يشكله ذلك من أعباء ومخاطر على كل الدول الخليجية.
ومن التحديات الداخلية قضية السكان المثيرة للقلق، ففي أحـد الإحصاءات (عام 2009) ظهر أن المواطنين في قطر يشكلون 14% فقط من السكان والباقون (86%) من المقيمين، وأن الإماراتيين يشكلون نسبة 19% من سكان بلادهم والمقيمون 81%، وفي الكويت 31% مواطن مقابل 69% مقيم يسكنون البلاد، وفي البحرين يشكل المواطنون 57% (و43% مقيم) من السكان وفي عمان والسعودية نسبة المواطنين 72% (المقيمين 28% في كل من البلدين)، ولا يستطيع الخليجيون أن يتجاهلوا وجود نسب عالية من غير المواطنين في بعض دولهم، بل إن هناك ضغوطا دولية لإعطاء هؤلاء حقوقا في البلاد تصل إلى حق المواطنة.
اتحاد الخليجيين في كيان واحد أصبح أكثر من ضرورة، وجعل المواطن الخليجي شريكا فاعلا في تطوير بلاده وصناعة مستقبلها أمر لا مفر منه ولا بد من أن يتدرج الخليجيون فيه بخطوات أسرع مما كان حتى الآن.. وفي ورقة عمل قدمها الأمير تركي الفيصل، رئيس مجلس إدارة مركز الملك فيصل للدراسات والبحوث الإسلامية، وقرأها في مؤتمر (الخليج والعالم) الذي عقد في الرياض أوائل شهر ديسمبر الماضي، دعا إلى: «التأسيس لجزيرة عربية موحدة، ومجلس شورى منتخب لدولة واحدة».. كما قال الأمير مقرن بن عبد العزيز في نفس المؤتمر: «إن النظام العربي لم يعد كما كان عليه قبل عقدين من الزمان، حيث اجتاح الربيع العربي العديد من الدول العربية في ظاهرة تلفت الانتباه، الأمر الذي يشير إلى أهمية دور الإصلاحات في كيفية إدارتها من حيث التوقيت والمراحل التي يجب أن نجتازها».
هناك دعوات ملحة لدخول دول مجلس التعاون الخليجي في مرحلة متقدمة من الاتحاد فيما بينها.. ودعا الدكتور عبدالله النفيسي، في لقاء تليفزيوني معه، إلى إقامة «كونفيدرالية خليجية».. كما توجد دعوات للدخول في اتحاد فيدرالي مشابه للولايات المتحدة الأمريكية، أو النظام الاتحادي القائم في الهند.. والأهم من كل ذلك التعجيل باتخاذ القرار وتفعيله، فالدول الخليجية لا تعيش في جزيرة منعزلة عن محيطها، والأحداث كما شاهدنا في أكثر من بلد عربي لن تنتظر الخليجيين ليقرروا على مهل بل قد تفاجئهم وتدفعهم إلى القبول بما لن يكون محققا لمصالح شعوب الخليج، وقد تورطهم في قضايا حرب وسلام لا أحد مستعد لها في وضعه الحالي. فعجّلوا بوحدتكم أيها السادة..عجلوا غفر الله لنا ولكم!!.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store