سارعي للمجد والعلياء
مَجدِّي لخالق السماء
وارفعي الخفاق أخضر
يحمل النور المسطر
رددي الله أكبر.. يا موطني
موطني:عِشْتَ فخر المسلمين
عاش المليك: للعلم والوطن
لقد أصخت السمع لهذا النشيد منذ اعتماده طيلة ثمانية وعشرين عامًا مبتهجًا ومنتشيًا به، وعلى الرغم من بساطة مفرداته وبلاغه معانيه فلم يسلم هذا النشيد من أخطاء منشديه في جميع ما رصدته من مناسبات وطنية ورياضية وثقافية واعلامية؟!
وقبل أن آتي على تفنيد تلك الاخطاء أورد للقراء الكرام قصة كتابة هذا النشيد، وليكون في التذكير بهذه القصة الجواب الشافي على ذلك السؤال البسيط الذي ألقاه أحد مذيعي قناتنا الاخبارية في أحد برامجها الجماهيرية القديمة واستهدف به شريحة كبيرة من الجماهير، حيث كان نص السؤال: من هو كاتب النشيد الوطني السعودي؟
فكانت المفاجأة لمذيع الإخبارية ولي من خلف الشاشة ولكل من شاهد تلك الحلقة، حيث عجز الجميع عن معرفة كاتب نص النشيد!!!
تُرى كم من القراء الأكارم لهذه السطور يعرف هذا الكاتب المبدع؟!
وللأمانة العلمية سأترك كاتب النشيد نفسه يحكي قصة كتابته لهذا النص كما سمعتها منه منذ وقت طويل وهو يتحدث بها للمذيع فريد مخلص عبر أثير البرنامج الثاني من جدة.
حيث يقول:(لقد جاءت فكرة كتابة نص النشيد ابان زيارة رسمية قام بها الملك خالد بن عبدالعزيز - يرحمه الله - الى جمهورية مصر العربية، واثناء استقباله الرسمي من الرئيس المصري: محمد أنور السادات، اعجب الملك خالد بالنشيد الوطني المصري، فقال على هامش الزيارة لوزير الإعلام السعودي المرافق آنذاك الدكتور محمد عبده يماني - رحمه الله - لماذا لا يصاحب السلام الملكي السعودي نشيدًا وطنيًا؟
وعلى الفور خاطب الدكتور اليماني كبار شعراء المملكة المبرزين طالبًا منهم تحقيق رغبة الملك خالد، منبهًا الى ان يكون متوافقًا في وزنه ولحنه مع موسيقى السلام الملكي السعودي المعروف وهو السلام الذي قام بتلحينه الملحن المصري عبدالرحمن الخطيب بتوجيه من الملك فاروق ملك مصر ليكون هدية بمناسبة زيارة جلالة الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود يرحمه الله إلى مملكة مصر في عام 1365/هـ 1945م.
«.. ويذكر كاتب النص أنّ صاحب السمو الملكي الأمير عبدالله الفيصل - يرحمه الله - هو من اقترح على القيادة وأصحاب الشأن تكليف الشاعر المكّي إبراهيم خفاجي كتابة النشيد، وذلك لمعرفته الشخصية بقدرة خفاجي على ذلك؟!
وصادف أن خفاجي كان يقضي إجازته في القاهرة، فبحث عنه السفير السعودي في مصر آنذاك الأستاذ أسعد أبو النصر، وعندما اهتدى إلى عنوانه ترك له إشعارًا بمراجعة السفارة السعودية في القاهرة لأمر هام وما ان علم خفاجي بالرغبة الكريمة وتشريفه بهذه المهمة الوطنية، حتى استعد لها، ولكن شاءت ارادة الله تعالى أن ينتقل الملك خالد إلى رحمة الله تعالى 1402هـ فتأخر تنفيذ الفكرة!
بعدها وكما يقول خفاجي بلغه رغبة الملك فهد بن عبدالعزيز - يرحمه الله - الشروع في تنفيذ الفكرة، وبلغه اشتراط الملك فهد أن يكون النشيد خاليًا من اسم الملك وألا تخرج كلمات النشيد عن الدين والعادات والتقاليد!
ويضيف خفاجي: أنه مكث ستة أشهر في إعداد نص النشيد!
ثم سُلم النص للموسيقار السعودي المعروف سراج عمر العمودي الذي كلف بتركيب نص النشيد وتوزيعه على موسيقى السلام الملكي.
وكان الأستاذ علي الشاعر قد أصبح وزيرًا للإعلام السعودي خلفًا للدكتور يماني فقدم له نص النشيد في صورته النهائية، فقام بدوره وقدمه للملك فهد بن عبدالعزيز والذي بعد سماعه له وإعجابه أجازه وأمر بتوزيع نسخ منه على جميع سفارات المملكة العربية السعودية، وإثر ذلك منح الملك فهد الشاعر المبدع إبراهيم خفاجي شهادة البراءة والوسام الملكي الخاص بذلك، ومن اللافت أن يوم الجمعة أول أيام عيد الفطر المبارك 1404هـ /1984م كان هو يوم ميلاد نشيدنا الوطني الحالي، وقد سمعه الشعب السعودي والعالم بعد أن بثته إذاعة وتلفزيون المملكة في افتتاحية برامجهما ذلك اليوم!.
ويؤكد خفاجي أنه تلقى أول تهنئة بنجاح النشيد بعد بثه من الشاعر المكي الكبير حسين عرب يرحمه الله!.
وختامًا لهذه القصة أود أن أشير إلى أن نشيدنا الوطني السعودي الحالي لم يكن هو أول نشيد للمملكة كما قد يتبادر لأذهان بعض القراء الكرام بل كان أول نشيد وطني للمملكة قد كتبه الشاعر والدبلوماسي السعودي محمد فهد العيسى وكان ذلك على عهد الملك سعود بن عبدالعزيز يرحمه الله .
وأعود الآن لما صدّرت به هذه المقالة، وأعني بذلك ما رصدته طيلة عمر النشيد من أخطاء في ترديد النشيد وكتابته عبر الصحف وغيرها ولدّي من الشواهد على ذلك الكثير؟! ولكن يمكن إجمال ذلك في ثلاث فئات هي كما يلي:
• الفئة الأولى: وهم طلاب مدارس التعليم العام ومن في حكمهم وهؤلاء هم تحت مظلة وزارة التربية والتعليم. وأجدها فرصة كي أخاطب صاحب السمو وزير التربية والتعليم الأمير فيصل بن عبدالله والذي بالتأكيد لا يغيب عن ذهنه ضرورة التوجيه والمتابعة بما يضمن صحة نص النشيد الوطني عند ترديده في اصطفاف الصباح وإبراز هذا النشيد في أروقة المدارس وساحات النشاط المدرسية وأغلفة المقررات المدرسية ودفاتر الطلاب.
• الفئة الثانية: وهم رياضيونا الذين يمثلون الوطن في المناسبات الرياضية الداخلية منها والخارجية وعلى مختلف الدرجات فقد رصدت وقوعهم في نفس اخطاء الفئة الأولى وأجدها فرصة كذلك أن أخاطب صاحب السمو الملكي الأمير الشاب نواف بن فيصل بن فهد الرئيس العام لرعاية الشباب بضرورة التوجيه السريع بضبط نص النشيد الوطني عند ترديده في جميع المناسبات محلية كانت أم خارجية.
• وأما الفئة الثالثة فهم فئة الكتاب عبر الصحف ثم وسائل إعلامنا وخصوصًا القنوات الحكومية والخاصة، وإني أجدها فرصة سانحة أن أتوجه لمعالي وزير الثقافة والاعلام الدكتور عبدالعزيز محيي الدين خوجة طالبًا من معاليه بضرورة التوجيه السريع على جميع الجهات الثقافية والإعلامية بالحرص على صحة مفردات نشيدنا الوطني كما اعتمد عند إذاعته وكتابته وترديده في المناسبات والتثبت مما يردده (الكورال) المسجل في افتتاحيات القنوات وبخاصة الحكومية منها لما لاحظته من اختلاف مع نص النشيد المعتمد!.
ولتوضيح تلك الأخطاء المتكررة فإنها تنحصر في:
1- البيت الثالث من نص النشيد الذي تقول كلماته (وارفعي الخفاق أخضر) فيخطئ الطلاب والرياضيون فيه إذ يقولون (وارفعي الخفاق الأخضر) بزيادة ألف ولام في آخر البيت وهو ما يكسر وزن البيت ولا يستقيم مع موسيقاه!.
2- ويخطئ الطلاب والرياضيون وبعض الكتاب والقنوات التلفزيونية حكومية وخاصة في البيت السادس الذي تقول كلماته ( موطني: عشت فخر المسلمين) ويأتي خطأ هؤلاء جميعًا في إضافة حرف التحقيق (قد) إذ يقولون ويكتبون (موطني: قد عشت فخر المسلمين) وبدهي إن إضافة (قد) قبل الفعل الماضي (عشت) تذهب بالمعنى البلاغي والدلالي للبيت على غير ما قصده كانت النص ويفقد النص معناه الجميل وجرسه الموسيقي!.
بقي لي أن أتساءل لماذا يتحرج بعضنا من ترديد نشيدنا الوطني في المناسبات التي تشهد حضورهم؟! فيا ليتهم شاهدوا المستشارة الألمانية انجيلا ميركل وهي تردد فخورة بنشيد وطنها ألمانيا في مناسبة رياضية كبرى كنهائي كأس العالم؟!.
متمنيًا لوطني في الختام دوام العزة والتقدم والفخار والله من وراء القصد.
(*) عضو اللجنة الثقافية بالقنفذة - القوز
غازي أحمد الفقيه