ما كنت أتصور أن يصل الحجز على مواطن لعدم تنفيذه حكماً أن يوقف العمل بالهوية الوطنية حتى قرأت ما كتبه الزميل عبدالعزيز السويد في الحياة يوم 23/1/1431هـ من أن مواطناً جمدت هويته المدنية لأنه عجز عن التسديد لدين، ومعنى ذلك أن جميع نشاطاته وحركاته قد توقفت، فهو لا يستطيع السفر، ولا قطع تذكرة، ولا استلام مبلغ من البنك، وقد يوقف من رجال الأمن بصفته مجهول الهوية ويحرم من المستشفى لأنه بلا هوية، ويحرم أبناؤه من دخول المدرسة، أو إضافة المولود الجديد، بل هو مثل مجهول الهوية وهو في وطنه، ويمتد الضرر لأسرته، ولا أتصور مواطناً يخرج من بيته بدون هوية فهي الوسيلة لإثبات مواطنته ولقضاء حوائجه التي تحتاج إلى إثبات شخصية.أتصور أن تُمارس كل الضغوط على من يتخلف عن سداد دين إلا أن يوقف العمل بهويته الوطنية، فالهوية هي الانتماء للوطن والسجل المدني الآن يُطلب في كل التعاملات المدنية والمالية بل حتى الخدمات العامة من هاتف وكهرباء وغيرها، ولا يفتح المواطن ملفاً طبياً في مركز الرعاية الصحية له ولأسرته إلا به، إنه أهم من الاسم الآن فقد لا يحتاج طالبه للسؤال عن الاسم لأن الهوية المدنية تغنيه عن السؤال فهي الشخص الآن، فالهوية المدنية هي إثبات المواطنة.يمكن أن يوقف عن المواطن أي شيء كتجميد الحساب ووقف صرف الراتب أما المواطنة فهي الإنسان نفسه بها يعيش، وبها يتنقل، وبها يحيا، وبها يدفن في قبره، فكيف تجمد؟ فهل قلّت العقوبات ولم يبق إلا صفة المواطنة، فمواطن بلا هوية في محفظته كأنه بلا وطن، ومواطن بلا هوية لا يستطيع قضاء أي أمر من أمور حياته أو حياة أسرته.لو كان إيقاف العمل بالهوية المدنية يحل الموضوع لهان الأمر، ولكنه لا يحل شيئاً منه، بل لا يمكن أن يكون حلاً، وهذا تعدٍ على حق المواطنة فهناك بدائل كثيرة تسهم في الحل إلا إيقاف العمل بالهوية فهو ضرر للمواطن دون نفع لصاحب الحق وهي عقوبة متعدية.إن كان هذا نظاماً فليعدّل لأن المواطنة تعلو على كل حق، فهي حق مواطن، وحق إنساني، وإن كان من أصدر الحكم أراد بذلك تكثيف الضغوط فهو اجتهاد تجاوز الحقوق، فحق المواطنة كالماء والهواء لا يمكن إيقافه عن إنسان حتى لو ارتكب خطأ في حق الوطن، فالعقوبة تكون في حدود الخطأ، وتكون في حدود المخطئ أما هذا الإجراء فهو إجراء ممتد إلى الأسرة وحق المواطنة فضل من الله لا من البشر.الوطن هو الحياة، والسجل المدني هو إثبات المواطنة، وهو طريق الحياة، لا شخصية بدونه، ولا آمال بدونه، ولا وظيفة بدونه، ولا علاج بدونه ولا سفر بدونه، ولا مدرسة بدونه، ولا هاتف أو كهرباء أو ماء بدونه ويمكن الاستغناء عن الاسم أو تغييره أما الهوية فلا يمكن ما لم يغير المواطن مواطنته بجنسية أخرى.قد تكون الحالات قليلة، ولكنها لا يتصور أن تقع، وفي العقوبات متسع لمن يماطل في حقوق الناس إذا ثبت الحق بحكم قضائي، فلا مواطن بلا هوية وطنية، مهما كانت الأسباب، وإيقاف العمل بها إجحاف في حق إنساني كفلته الأنظمة.
هل يمكن إيقاف العمل بالهوية المدنية؟!
تاريخ النشر: 04 يونيو 2010 05:06 KSA
ما كنت أتصور أن يصل الحجز على مواطن لعدم تنفيذه حكماً أن يوقف العمل بالهوية الوطنية حتى قرأت ما كتبه الزميل عبدالعزيز السويد في الحياة يوم 23/1/1431هـ من أن مواطناً جمدت هويته المدنية لأنه عجز عن التسديد لدين، ومعنى ذلك أن جميع نشاطاته وحركاته قد توقفت، فهو لا يستطيع السفر، ولا قطع تذكرة، ولا استلام مبلغ من البنك، وقد يوقف من رجال ال
A A