الحلف الأمريكي البريطاني من إيدن إلى كميرون وخيارات صعبة

تعلم الإنجليز الدرس جيداً بعد حرب السويس 1956م، فهم لا يقدمون على أمر إلا بالتنسيق مع حلفائهم الأمريكيين، ولهذا عندما قررت بريطانيا استرجاع جزيرة الفوكلاندز Faklands، لم يكن أمام رئيسة الوزراء آنذاك – مارغريت تاتشر – إلا الاستعانة بالرئيس الجمهوري –آنذاك- رونالد ريغان، وردت له الجميل بإفساح المجال البريطاني أمام أمريكا عندما قررت توجيه ضربة للزعيم الليبي الراحل معمر القذافي عام 1986م كما غضت الطرف أمام –ريغان- لغزو جزيرة جريندا Grenada، مع أنها كانت التاج البريطاني – لوجود جالية بريطانية ويدير شؤونها حاكم يمثل ملكة بريطانيا، ومع وصول رئيس وزراء عمالي في بريطانيا في عام 1997م، لم يتغير في معادلة التحالف الأمريكي البريطاني – شيء بل يمكن القول بأن جورج بوش الابن كان يمارس دور المعلم والموجه بينما كان «بلير» في موقع المريد الذي يتلقى التعليمات من رئيسه أو شيخه فكان «بلير» حاضراً في الوجود الأمريكي في أفغانستان وفي الغزو الأمريكي – البريطاني للعراق.
* وعندما خلفه في رئاسة الوزراء سنة 2007م، وزير ماليته جوردن براون حاول أن يبتعد قليلاً عن السياسة الأمريكية الجامحة ولكن ضعف أنصاره داخل الحزب وتطلع المحافظين لعودة التقارب الأمريكي – البريطاني دفع برئيس الوزراء الشاب ديفيد كميرون Cameron، بأن يقترب وهو الذي يقود تآلفا بين المحافظين والأحرار الديمقراطيين من الرئيس الأمريكي الديمقراطي «أوباما» الذي وعد بوعود كثيرة لم يستطع أن ينفذ منها إلا القليل، وبقيت أقدام الأمريكيين وحلفائهم وأفغانستان غارقة في الوحل، هذا وسواه دفع الصحافة البريطانية المحافظة أو اليمينية مثل الديلي تلغراف بأن تدعو في كلمتها الرئيسة وبعنوان مثير بأن الوقت قد أضحى ضرورياً للخروج من أفغانستان وخصوصاً بعد مقتل عدد من الجنود الإنجليز ليتجاوز عدد من فقدوا حياتهم هناك إلى أكثر من 400 جندي بريطاني، وذكرت الصحيفة في عددها الأسبوعي 4 March,-2012، بأن الجنود البريطانيين يخوضون حرباً لا يؤمنون بها، ويمكن القول إنهم يتبعون حلفاً لا يؤمنون به أيضاً.