Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

بانتظار المرحلة الوحدوية الخليجية القادمة

من الترف القاتل أن يتجادل أهل الخليج فيما إذا كان عليهم أن (يتقاربوا) أكثر مما هم عليه ضمن إطار "مجلس التعاون الخليجي".. وفيما إذا كان قد حان أوان الخطوة التالية في الوحدة الخليجية..

A A
من الترف القاتل أن يتجادل أهل الخليج فيما إذا كان عليهم أن (يتقاربوا) أكثر مما هم عليه ضمن إطار "مجلس التعاون الخليجي".. وفيما إذا كان قد حان أوان الخطوة التالية في الوحدة الخليجية.. فالمخاطر التي تهدد أهل الخليج، مواطنين وحكاما، كبيرة ومتعددة، ولا طاقة لهم منفردين، ضمن كياناتهم القائمة، بمواجهة هذه التحديات.. والمكاسب التي يمكن أن يجنيها المواطن الخليجي عبر مزيد من التقارب ضخمة بشكل من المؤسف أن تضيع على أيدي بيروقراطية عجزت حتى الآن عن تحقيق لا ما يطمح قادة الخليج في تحقيقه فحسب، بل في تنفيذ قرارات القمم الخليجية وترجمتها إلى واقع عملي.رغما عن كل المعوقات البيروقراطية فإن الكثير تحقق ضمن إطار مجلس التعاون الخليجي، وكمثال على ذلك فإن التبادل التجاري بين دول المجلس قفز من (15) مليار دولار في عام (2002) ميلادية إلى (65) مليار دولار في عام (2010).. وتم تحرير العديد من الأعمال أمام دخول مواطني المجلس في المجالات التجارية والاستثمارية، واعتمد تطبيق العمل بنظام بطاقة الهوية الوطنية للمواطن الخليجي في تنقله بين العديد من دول المجلس، وهناك إنجازات ملموسة في مجالات الاتحاد الجمركي والســــــوق الخليجية المشتركة وقيام المجلس النقدي (لتحقيق العملة الموحدة) والعمل على تفعيل استراتيجيات العمل المشترك في مجالات الصناعة والإسكان والربط الكهربائي ومد شبكة طرق وسكة حديد وغيرها.المكاسب من العمل الخليجي المشترك كبيرة.. فلماذا التباطؤ والتردد في التعجيل بتنفيذ القرارات الخليجية المشتركة؟.. البعض يعتقد أن مزيداً من التعاون والوحدة ستؤدي إلى فقدان الهوية الوطنية في بعض الدول والقرار السيادي لكل منها.. وهذا جدل بيزنطي، أي أنه يدخل ضمن جدل لا مكان له هنا.. فالقرارات التي ستصدر والأنظمة التي ستعتمد للدخول في مرحلة اتحادية جديدة ستكون بتوافق من الجميع، كما جرت العادة منذ أن أنشئ هذا الكيان في عام 1981، وبالتالي فلا داعي بالادعاء أن هناك مخاطر (وطنية) في الدعوة إلى مزيد من التلاحم ضمن إطار مجلس التعاون الخليجي.. فالذين سيتضررون من مزيد من التلاحم الخليجي هم أعداء الخليج وليس أصدقاؤه، وبالتأكيد ليس أهله.. فالتلاحم المنشود سيكون ضمن إطار ما يسمي بالكونفدرالية.عبدالله بشارة، الأمين العام السابق لمجلس التعاون الخليجي، كتب مقالاً في جريدة (الوطن) الكويتية، آخر شهر فبراير الماضي، وأعتقد أن المقال في جزء كبير منه كان موجهاً للكويتيين الذين يتساءلون ويتجادلون حول موضوع المزيد من (الوحدة) الخليجية، وقال لهم في مقاله: "مجلس التعاون بقياداته وسكانه، هدف لحركة إقليمية متجددة أشعلها ويقودها جيل مختلف، وفق اقتناعات غير التي نعرفها وبأطروحاتها الإعلامية والسياسية، تأتي متحدية نحو الخليج حاملة شهادات النجاح بعد أن أزالت قيادات عربية قديمة، سوء حظها أنها لم ترصد التيارات الشعبية الساخطة والمسكونة بالبؤس والفقر والاستبداد".. وعبدالله بشارة هو عضو في الهيئة الاستشارية للمجلس الأعلى لدول التعاون الخليجي، والذي يبحث في تفعيل دعوة خادم الحرمين الشريفين إلى مزيد من التلاحم الخليجي، وربما يكون قد أعطى في مقاله هذا الذي عنونه (الاتحاد الخليجي.. الإقلاع إلى منابع التطوير) صورة عما يدور وراء الكواليس من نقاش حول هذا الأمر حيث يقول: "الاتحاد الخليجي.. اتحاد رحب فيه احترام الخصوصيات الوطنية، ولا يمس السيادة وتوابعها من سفارات وأعلام وأناشيد وطنية.. ولا تملك هيئات الاتحاد تفويضاًَ يعطيها صلاحيات فوق السيادة الوطنية".. وهنا يأتي التساؤل إذاً ما هو الاتحاد الذي تبحث فيه (الهيئة الاستشارية) فيوضح المقال ما يعنيه كاتبه بالقول: "اتحاد خليجي يقدم آليات إضافية لما يملكه مجلس التعاون مثل اللجان الوزارية المتابعة لتنفيذ القرارات، ودور هذه الآليات هو معالجة العقبات التي وقفت أمام التنفيذ، وهي آليات تتعامل بحزم وقوة مع المعلقات التي لم يتجاوزها مجلس التعاون بصيغته الحالية".ما يقوله عبدالله بشارة قد لا يكون ما يرجوه الكثيرون منا للاتحاد المتوقع.. ولكن الأمر بكامله يدخل ضمن (السياسة) وهي كما يقولون "فن الممكن ".. وما دام الأمر يتم بالتراضي وسيتواصل كذلك فلا بأس أن نخطو خطوة أخرى في هذا المجال على أمل أن نتمكن من الخطو بخطوات أكثر تقدماً في المستقبل.. فما يحدث اليوم هو أنه بعد صدور قرارات قمة مجلس التعاون الخليجي، يكون المطلوب صدور قرارات وطنية في كل دولة خليجية لوضع قرارات هذه القمة موضع التنفيذ.. وهنا يأتي دور البيروقراطية في كل دولة من دول الخليج بعراقيلها وعقدها، وتطلب هذه الهيئات طلبات متعددة فالبعض يتقدم بطلبات استثناء أو تأجيل تنفيذ لأسبابه الخاصة أو يطلب تفسيرات قد تتعارض مع التفسير الذي لديه وغير ذلك من الطلبات والإجراءات التي تؤدي إلى تعطيل أو تأخير تنفيذ أو استكمال العديد من قرارات القمم الخليجية.عبدالله بن عبدالعزيز، عاهل السعودية، صاحب رؤية إستراتيجية صائبة، وهو يسعى عبر دعوته إلى مزيد من التعاون والالتحام الخليجي إلى توفير المزيد من المكاسب للمواطن في دول الخليج كافة، وإلى حماية المكتسبات الخليجية عبر التلاحم والتكاتف.. وبعد النظر الذي يتمتع به هذا القائد السعودي الكبير أدت فعلاً إلى نقله نوعية داخل بلاده (السعودية) حيث تنطلق عجلة التطوير بإشراف مباشر منه، ومتابعة مستمرة.. وهو يسعى الآن إلى أن يحقق للخليجيين نظاماً اتحادياً لا يتم عبره اتخاذ القرارات على مستوى القمة فحسب، وإنما إلى تنفيذ وتطبيق هذه القرارات عبر آلية اتحادية لديها قدر كاف من الصلاحيات تستطيع بها متابعة التنفيذ بأسرع وقت وبأفضل شكل.ونحن بانتظار الجنين الذي ستلده القمم القادمة لتحقيق هذه الوحدة المرحلية المطلوبة.ص. ب 2048 جدة 21451adnanksalah@yahoo.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store