Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تعويضات نزع العقار.. الثمن والموقع والصرف

كان الناس يفرحون سابقًا إذا نزعت عقاراتهم لمشروعات تنموية أو خدمية أو تطويرية، لأن تقديرات الأسعار كانت مجزية، فهو يشتري ببعضها عقارًا جديدًا ويفيض منها ما يستثمره، بل أحيانًا يُدخله التثمين عالم الثر

A A
كان الناس يفرحون سابقًا إذا نزعت عقاراتهم لمشروعات تنموية أو خدمية أو تطويرية، لأن تقديرات الأسعار كانت مجزية، فهو يشتري ببعضها عقارًا جديدًا ويفيض منها ما يستثمره، بل أحيانًا يُدخله التثمين عالم الثراء، وبلا شك أن قيمة التثمين تتطور بتقدم الزمان وبالأسعار في وقتها، فقد يُنظر لتقدير في سنوات سابقات على أنه قليل الآن، ولكنه في وقته كان مجزيًا يشتري منه صاحبه عقارًا أفضل ويفيض منه، أما الآن فإن الشكوى من التقديرات توضح أن ما يدفع تعويضًا قد لا يكفي لشراء أرض، وبخاصة إن كان العقار صغيرًا.
مقياس التعويض ليس القيمة المادية على أهميتها بل هنا أهمية الموقع، فأكثر العقارات المنزوعة في أحياء مكتملة فيها الخدمات العامة، ومكانها قريب، ولن يجد من سيبحث عن بديل مكانًا قريبًا بل سيجده في الأطراف، وفي المخططات البعيدة وبسعر غالٍ، ولذا فإن التقدير له مقياسان: القيمة المادية وموقع العقار، وهذا الأخير لابد أن يكون له ثمن.
وعند التقدير لابد أن يُبعَد عن المشاركة فيه كل من له منفعة في الموقع بعد نزعه، كالشركات المنفذة للمشروع، وأن يُدفع التعويض قبل نزع الملكية، وأن يعطى صاحب العقار مدة كافية لا تقل عن سنتين بعد دفع التعويض العادل ليؤمن له سكنًا بالبناء أو الشراء، فالشكوى من سرعة نزع ملكية العقار وتأخر التعويض أحيانًا إلى سنوات، وقد تصل قيمة العقار عند دفع التعويض إلى ضعف قيمة التعويض أو قريب منها.
وهناك بدائل وبخاصة للأحياء الشعبية وهو بناء أحياء جديدة بمنازل واسعة بحيث ينقل إليها من نزع عقاره مع تعويضه بالزيادة إن وجدت، ويكون الحي فيه كل الخدمات العامة وموصولًا بالطرق السريعة ويكون به أسواق.
ولجان التعويض مكونة من دوائر حكومية ذات صلة بالمكان المنزوع وهذا لا بأس به، ولكن تقدير القيمة من حيث الثمن والموقع تكون لأصحاب الخبرة الذين يبرئون ذممهم قبل أي شيء آخر، لأن تلك الجهات الحكومية ذات منفعة يهمها انخفاض قيمة العقار المنزوع لتتمكن من تنفيذ المشروع ثم إنهم ليسوا أصحاب خبرة في الأسعار.
وهناك شكوى من تباين التقديرات ويطالب ملاك العقارات بالعدالة السِّعْرِية بالمساواة بالأسعار في الأحياء المجاورة، فحتى الآن ما نُشر من تعويضات يقل كثيرًا عن أسعار العقارات في الأحياء المجاورة بل والبعيدة أحيانًا، فضلًا عن أن دفع التعويض بعد سنوات يجعل سعر السوق وقت الدفع أعلى كثيرًا أحيانًا عن سعر التعويض وقت النزع.
وبعض البلديات أوقفت الإضافة أو البناء في بعض الأحياء، ولم تمنح الرخصة لمن طلب رخصة بناء بحجة أن الحي سيُطوّر ويُخطَّط ويستمر هذا المنع لسنوات، فلا سُمح لهم بالبناء، ولا نُزعت الملكية ولا طُوّر الحي، وهذه شكوى في أكثر من مدينة، وقد يُعدَل فيما بعد عن التطوير إلى نزع ملكية الحي كله، ويخسر المواطن استثمار عقاره أو بيعه عدة سنوات.
وليس المهم في الحي من يسكنه، فقد تسكن عمالة، وينتقل منه سكانه لطلب السعة أو عدم السكن وسط عمالة، ولكن المهم من يملكه فصاحب المِلْك يرى أن الموقع أصبح ذا قيمة مادية في الاستثمار، لأن التعويض للعقار وليس للساكن، وإلا نُظر إلى أكثر من عائلة تسكن في منزل صغير وتعوّض على أساس السكن لا العقار.
أكثر من تنزع عقاراتهم فقراء أو متوسطو الدخل، ووجود سكن عندهم مهم بالرغم من تواضعه فهو يكفيهم الحاجة، وهم ينظرون لتوافر السكن لا إلى القيمة المادية فهي قليلة، لذا لابد من إعادة النظر في آلية نزع الملكيات من حيث الوقت المناسب، وحالة الساكن المعيشية، ودفع التعويض قبل النزع، وإعطاء وقت كافٍ للحصول على سكن، وأن تقدر قيمة الموقع كما تقدر مساحته، وبعض التظلمات أثبتت تدني التقدير الأول وأضيفت تعويضات جديدة، والعدل في كل تلك الأمور هو أساس التعويض، وهل يجد المواطن سكنًا، أم أنّ تعويضه لا يؤمن له سكنا؟!.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store