Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

عطية الأولاد..همسة في أذن كل أب ميسور الحال

u0639u0637u064au0629 u0627u0644u0623u0648u0644u0627u062f..u0647u0645u0633u0629 u0641u064a u0623u0630u0646 u0643u0644 u0623u0628 u0645u064au0633u0648u0631 u0627u0644u062du0627u0644

يشتكي بعض الأبناء من شح وبخل آبائهم حينما يكون الأب ميسور الحال والأبناء يعانون لوعة الفقر وشغف العيش ، بل ربما يمدون أيديهم للغير من الحاجة وقد يكونوا أحسن حالاً من ذلك لكنهم من ذوي الدخل المحدود

A A

يشتكي بعض الأبناء من شح وبخل آبائهم حينما يكون الأب ميسور الحال والأبناء يعانون لوعة الفقر وشغف العيش ، بل ربما يمدون أيديهم للغير من الحاجة وقد يكونوا أحسن حالاً من ذلك لكنهم من ذوي الدخل المحدود الذين لا يملكون سكناً وقد أثقلهم الإيجار السنوي تحت طمع وجشع ملاك العقار، فأقول للآباء الأغنياء الذين هذه حال أبنائهم : اتقوا الله في أنفسكم وفي من تحت أيديكم ممن ولاكم الله أمرهم وجعلكم مسئولون عن رعايتهم ،كيف ترضى أيها الأب أن تعيش في رغد من العيش وسعة من المال وأبناؤك عالة يتكففون الناس ، أو تحسبهم أغنياء من التعفف لا يسألون الناس إلحافا ، ألم تعلم أن المال مال الله ، ومن شكر هذه النعمة معرفة حق الله فيه ، والإنفاق منه في وجوه الخير ، وأولى الناس بهذا الإنفاق هم أولادك الذين هم زينة الحياة الدنيا ، وحاجتهم إليك لا تنتهي بالنفقة عليهم في الصغر ، فقد يظن بعض الآباء أن الابن إذا كبر وتزوج واستقل بنفسه انتهت مسئوليته ولا حق لابنه عليه وتركه يعتمد على نفسه في مواجهة تكاليف الحياة ويعاني من الفقر والمسكنة .
هذا فهم خاطئ ويتعارض مع وصية الله لنا في أولادنا ، وأن نجعلهم أغنياء خير من أن نجعلهم في ضيق ومعاناة بسبب قلة ذات اليد .
أني لأعجب من أب يملك ملايين الريالات وأبناؤه لا يجدون كفايتهم ، ألا يعلم هذا الأب أنه بمثابة الحارس الأمين لهذا المال حتى يتوفاه الله ثم تعود تلك الأموال إلى ورثته من أبنائه وغيرهم كما قسم الله ، إذا كانت هذه هي الحقيقة فلم لا يبادر الأب بأن يكسب رضا الله سبحانه وتعالى أولاً ثم رضا أبنائه فينفعهم في حياته ويقسم جزءاً من المال بينهم بالتساوي بحيث يستطيع كل ابن من سداد ديونه وشراء حاجاته الضرورية ، أو يقوم بالمتاجرة بهذا المال ليعيش من كسبه ، ويكون الأب بهذا التصرف كسب ود أبنائه وحقق لهم مطالبهم في الحياة وحفظهم من سؤال الناس ، ورفع من معنوياتهم ، وسيكون لذلك أثر كبير في زيادة برهم بأبيهم ، وفي ذلك – أيضاً – حفظ للأسرة من الضياع وصيانة لعرض الأب من الهمز واللمز ، إذ كيف يعيش في سعة من المال وأولاده في حرج وضيق .
ما أجمل أن نسمع في مجتمعنا عطية الأولاد العادلة في كل أسرة في حياة الأبوين تفوح منها رائحة المودة والرحمة، فبدل أن يتحمل الابن إيجار السكن وأقساط السيارة وتبعات الزواج يدفع ذلك كله من عطية أبيه له ، من المال الذي مآله إليه في المستقبل . فمن فرج عن مسلم كربة من كرب الدنيا فرج الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، فكيف إذا كان هذا المسلم أحد أولادك .
إنها حقيقة غفل عنها كثير من الآباء ، بسبب ضعف النفس وحب الذات وغلبة الشح وضعف الشعور بالمسئولية ، والتفكك الأسري الذي تعاني من أغلب الأسر.
جلست ذات يوم عند رجل يعد من رجال الأعمال الموسرين فجرى الحديث بيننا في مشاكل الحياة من غلاء المهور وغلاء السكن والمعيشة والفراغ لدى بعض الشباب ، فقلت له لو أن كل رجل مثلك ينفع الشباب ويعينهم على تحمل المسئولية وشق طريقهم في الحياة لقضينا على كثير من تلك المشاكل ، وذكرته بقول الرسول صلى لله عليه وسلم ( ابدأ بنفسك ثم بمن تعول ) وأحق الناس بذلك هم أبناؤك ، فسألته عن أبنائه فعرفت أنهم من ذوي الدخل المحدود جداً ويسكنون بالإيجار ولديهم سيارات بالتقسيط ، فقلت سبحان الله كيف يكون ذلك وأنت أبوهم ، هم اليوم أحوج ما يكون إلى عطفك ومساعدتك ، ومتى أعنتهم في حياتك فلك الفضل عليهم بعد فضل الله ، أما بعد وفاتك فلا فضل لك عليهم ، والفضل كله لله الذي ملكهم أموالك بالإرث بلا منة من أحد ، فدخلت الموعظة في قلبه ، وكان له ثلاثة أبناء فقط فحرر لكل واحد منهم شيكاً بمبلغ ( 300 ) ألف ريال وطلب منهم السماح عما حصل منه من تقصير في جانبهم ، ووعدهم بمتابعة أحوالهم في المستقبل .
هكذا ينبغي أن تكون علاقة الأب بأبنائه بعيداً عن البخل والأنانية ، وهكذا ينبغي أن تكون كل أسرة على قدر كبير من التلاحم والتعاطف والشعور بالمسئولية ، إذ لو سلك هذا المسلك كل أب موسر لتوصلنا إلى حل معاناة شريحة كبيرة من شرائح المجتمع المحتاجة .
فعلى كل أب أنعم الله عليه بنعمة المال أن يراعي هذا الجانب ، ولا يجعل أبناءه عالة على غيرهم ، أو لقمة سائغة للديون البنكية التي أثقلت كاهل كثير من شبابنا اليوم ، تحت وطأة ما يسمى بالقرض المريح . والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل .
المعهد العالي للقضاء

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store