Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

خدع رمسفيلد رئيسه ونفذ “الفوضى الخلاقة” بالعراق

عندما احتل الأميركيون العراق عام 2003 ، كانت لديهم خطة أجازها الرئيس الأميركي حينها ، جورج بوش ، وتضمنت أن لا يتم تسريح الجيش العراقي ، وإنما الاكتفاء بإعفاء القيادات العليا فقط والإبقاء على القوات

A A

عندما احتل الأميركيون العراق عام 2003 ، كانت لديهم خطة أجازها الرئيس الأميركي حينها ، جورج بوش ، وتضمنت أن لا يتم تسريح الجيش العراقي ، وإنما الاكتفاء بإعفاء القيادات العليا فقط والإبقاء على القوات المسلحة العراقية بتركيبتها للاستعانة بها في المحافظة على الاستقرار والأمن بالبلاد وكذلك الأمر بالنسبة للأمن العام وأجهزة الاستخبارات .. وشملت الخطة أن يتم حل حزب البعث وفصل كبار قياداته من مناصبهم في الحكومة مع الإبقاء على كافة الكوادر التي تسير عجلة الدولة بها ، بما في ذلك المدرسون ورجال الأمن والفنيون وكافة الموظفين ..
ويقول كولين باول ، وزير الخارجية الأسبق في كتاب مذكرات له يصدر قريبا ، ونشرت مجلة (النيوزويك) الأميركية مقتطفات منه أن دونالد رمسفيلد ، وزير الدفاع في عهد بوش ، وبول بريمر ، أول حـــاكــم أميركي للعراق بعد الإحتــلال ، قاما بتنفيذ سياسة مختلفة تماماً حيث توليا إلغاء كل أجهزة الدولة العراقية وتسريح كافة العاملين بها وخلقا فراغاً نتج عنه فوضى كبيرة ، ووفرا أعداداً مــن المسرّحين الناقمين ليجري استخدامهم في العمليات الإرهابية داخل البلاد .
وبالرغم عن أن الرئيس جورج بوش ، ومستشارة الأمن القومي ، كوندليزا رايس ، وكولين باول نفسه قد فوجئوا بما يقوم رمسفيلد بتنفيذه على الأرض العراقية ، فإن الرئيس الأميركي شعر بأن عليه تأييد وزير دفاعه وعدم إعلان إستنكاره .. وتنتهي إلى هنا ملاحظات كولين باول الورادة في مذكراته .
ولاشك أن دونالد رمسفيلد ، وزير الدفاع حينها ، لم يكن يعمل منفرداً ، ولا قام بتسريح كافة العاملين في الدولة العراقية بما فيها القوات المسلحة والأمن والإستخبارات والمدرسون والمهندسون ، اعتباطاً ..
بل كان ينفذ سياسة اقتنع بها ، ووجد دعماً لها ضمن الإدارة الأميركية في ذلك الوقت . ولم يفاتح بها الرئيس جورج بوش ولا مستشارته للأمن القومي كوندليزا رايس ووزير خارجيته كولين باول ، لأنه ومسانديه كانوا يعتقدون أن هؤلاء لن يقبلوا بمخططهم ولا بالسياسة المستهدفة من وراء كل ذلك .. ومن الواضح أن خطوة مثل هذه تبدو من الوهلة الأولى غير منطقية ..
فما الذي يستفيد منه جيش إحتلال من تفريغ البلد الذي يحتله من كل أدوات الإدارة وحفظ الأمن وتحويل مئات الآلاف من المسرّحين إلى جيوش ناقمة مهيأة للانقضاض على جيش الاحتلال ومن يتعاون معه انتقاماً مما أصابهم .. وحينها كان عدد من القادة العرب يسعون إلى إقناع الرئيس جورج بوش بوقف سياسة التسريح ، والمحافظة على الأقل على بعض الولاء أو الرضى من أفراد القوات المسلحة والأمن بدفع معاشات رمزية مقابل البطالة التي دفعوا جميعاً إليها ، ولم يفهم أحد كيف يمكن أن يقدم الإحتلال الأميركي على الإضرار بنفسه بمثل هذا التصرف غير المنطقي ( من وجهة نظرنا نحن المتفرجين على الأقل ) .. ولا كنا نعلم بأن الرئيس الأميركي عاجز عن تغيير سياسة نفذها دونالد رمسفيلد ، وزير دفاعه ، المدعوم من قوى أخرى سيطرت على إدارة جورج بوش.
بعد فترة من الفوضى التي تسببت بها إجراءات رمسفيلد وحاكمه على العراق ، ظهر أفراد من القوى الداعمة للسياسة الخاصة ببث الفوضى في العراق ، ظهروا في أجهزة الإعلام ينادون بنشر الديمواقراطية في منطقة الشرق الأوسط وذلك عبر تشجيع ( الفوضى الخلاقة ) .. وهي سياسة أخذت الإدارة الأميركية تتبناها بالتدريج ، وشملت اقتناع كوندليزا رايس التي تحولت من مستشارة للأمن القومي لتصبح وزيرة الخارجية بها والإعلان عن ذلك .
لم يستفد العراق خلال التسع سنوات تقريباً منذ أن احتله الأميركيون من الفوضى .. ولم تتحقق دولة ديمقراطية .. ولا تحقق الإستقرار له .. ولازالت الفوضى هي الغالبة .

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store