Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

والآن.. كيف ستنجح أنظمة “الربيع” الصاعدة..؟!

عندما سقطت الطائرة العسكرية التركية على الساحل السوري كان الاعتقاد الأول إما أن تكون سقطت نتيجة لخلل فيها، أوأن الدفاعات السورية أسقطتها..

A A
عندما سقطت الطائرة العسكرية التركية على الساحل السوري كان الاعتقاد الأول إما أن تكون سقطت نتيجة لخلل فيها، أوأن الدفاعات السورية أسقطتها.. وعندما قام الأتراك بانتشال الطائرة وطاقمها قيل في بعض أجهزة الإعلام التركية: إن الطائرة لم تُصَب بأي قذيفة، وأن جسمها سليم، وكذلك الأمر بالنسبة لطاقمها الذي لم تظهر عليه أي إصابات قد يكون تسبّب فيها إطلاق النار على الطائرة.. وانتشرت حينها في تركيا، بين بعض الأوساط، شائعة تقول: إن الأسطول الأمريكي الموجود غير بعيد عن الساحل السوري قام بتعطيل أجهزة الطائرة مما أدى إلى سقوطها.. ويقول لك من صدق هذه الشائعة بأن الهـدف هو دفع تركيا للدخول إلى الأراضي السورية ومحاربة النظام السوري، لأن الأمريكيين يرغبون في إثارة حرب طائفية بين السنة والشيعة، يقود السنة فيها النظام التركي ويتولى قيادة الشيعة نظام الملالي في طهران.
الأحداث التي تمر بها المنطقة هذه الأيام، هي بتركيبتها غير عادية، وإن كانت متوقعة.. وتؤدي الأحداث المتلاحقة ومحاولة القوى الدولية والإقليمية الاستفادة منها، أو الحد من مخاطرها عليها، إلى انتشار التحليلات المتناقضة والمتضاربة، وتسربت الشائعات عما يحدث ومن يقف خلف هذه الأحداث.. وبالرغم من أن الأنظمة التي تهاوت كانت أنظمة قمعية لا يمكن لها الاستمرار بالشكل الذي أصرت على مواصلة الحركة به، إلا أن سقوطها عبر حركات شعبية في الشارع ووقوف الأجهزة الأمنية، وخاصة القوات المسلحة في بعضها، موقف المتفرج مما يجري، والحماس الذي أظهرته بعض القوى خاصة أمريكا وأوروبا وتركيا لسقوط الأنظمة القائمة وصعود بدائل لها كانت في معظمها من لون سياسي واحد.. كل ذلك أدى إلى إثارة الشكوك وإطلاق الشائعات إما عن سذاجة أو سوء نية وربما غير ذلك.
عاشت المنطقة سنينًا طويلة من التعتيم على أداء أجهزة الدولة، وساد أسلوب اتخاذ القرار من أعلى وتطبيقه بدون أي تفسير، مما تسبّب في إثارة روح الشك والشائعة بين الناس.. لذا عندما حدث أن خرج بعض الشباب إلى الشوارع وتصاعدت احتجاجاتهم وتجمعاتهم إلى أن سقطت أنظمة بسببها، وعندما تمكنت جماعات من لون واحد من ركوب الموجة وحوّلت نفسها إلى المستفيد الأول من الفراغ الذي أحدثه سقوط النظام، كان لابد وأن تنتشر الشائعات والتحليلات المتناقضة.. وهو أمر سيتواصل إلى أن تستقر الأوضاع وتتضح خلفية صورة الأنظمة الجديدة في جمهوريات (الربيع العربي).
أظهرت الأحداث هشاشة الأنظمة التي تساقطت واحدًا بعد الآخر، والتي كان سقوطها سريعًا بما في ذلك النظام السوري الذي أصبحت نهايته مسألة وقت ليس إلا.. كما أن استفادة تيار سياسي معين من الثورة الشعبية كان بسبب قدراته التنظيمية في الداخل والخارج في مقابل عجز فاضح عن ذلك لدى التيارات الأخرى.. وهو عجز لازال قائمًا حتى الآن، باستثناء الجماعات الليبية.
المرحلة الجديدة التي تعيشها الأنظمة الصاعدة تتطلب ثقافة سياسية وتربوية مختلفة عما تعوّد عليه المجتمع في السابق.. فالنظام الديمقراطي يتطلّب درجة عالية من الشفافية، والرغبة في تحقيق الرخاء للمجتمعات التي تحكمها هذه الأنظمة يحتم مشاركة شعبية واسعة، لا احتكارًا للسلطة.. فعدم الشفافية سيؤدي إلى تواصل الشائعات وهذا سيقود إلى أضرار للمجتمع عبر التشكيك في قادته ونواياهم، والاستئثار بالسلطة سيخلق دكتاتورية جديدة سيكون رد الفعل لها عنيفًا مثلما هو الحال في الدكتاتوريات.
نقول هذا الكلام وعيننا على تونس ومصر بشكل خاص، فالنظامين القائمين فيهما بحاجة إلى درجة عالية من الحساسية في أدائهما، حتى يتحقق الهدف الذي تسعى إليه الجماهير التي رفعتهما إلى السلطة.. فعسى أن يتحقق لهذه الأنظمة الوعي المطلوب لمسيرة العدالة والرخاء والاستقرار.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store