Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

كيف نتغلب على العادات السيئة في رمضان؟!

عيدكم مبارك.. رمضان أكملناه ثلاثين يومًا.. فما الذي خرجنا به من هذا الشهر الكريم؟..

A A

عيدكم مبارك.. رمضان أكملناه ثلاثين يومًا.. فما الذي خرجنا به من هذا الشهر الكريم؟.. ليت الهيئات البحثية والدراسية، ما وجد منها، تستطيع أن تستخلص من العادات الرمضانية ما يجب التركيز عليها، فإن كان إيجابًا حثّت عليه، وإن كان سلبًا تسعى لتوعية الناس واقتراح الإجراءات لتجنبه.. إذ إن النواحي الاجتماعية خلال شهر الصيام بحاجة للنظر فيها.
أكثر العادات المقلقة كميات الأكل التي تعد وتستهلك.. فنحن من أكثر شعوب الأرض استهلاكًا لنوعية غذاء تسبب الأضرار للجسم، ومن أقل الأمم حركة ونشاطًا يمكن بهما تقليص مخاطر هذه الأكلات الدسمة.. وفي دراسة أخيرة نشرتها مجلة (لانسيت) الطبية عن أكثر الشعوب قلة حركة، وشملت (122) بلدًا كانت نسبة السعوديين قليلي الحركة (69%)، أي ما يقرب ثلثي السكان الذين يعتبرون مما يسمى (فريق الكنبة)، وإن كان أهل مالطة تجاوزوا هذه النسبة ووصلت نسبة قليلي الحركة فيهم إلى (72%).
ولمن يحب الاستزادة في المعرفة بما يتعلق بالمعيار الذي بنيت عليه هذه الدراسة فهو التالي: اعتبرت الدراسة النشاط البدني الكافي هو نصف ساعة من التمارين المعتدلة خمسة أيام في الأسبوع أو ثلث ساعة من التمارين العنيفة ثلاثة أيام في الأسبوع.. والمشي يعتبر من التمارين المعتدلة.
وكميات الأكل الكبيرة التي تعد وتستهلك هي ظاهرة تبقى معنا طوال السنة إلا أنها تتضخم وتزداد خلال شهر الصيام.. ويتحول الشهر إلى عادة من الكسل والنوم خلال النهار والنشاط غير المنتج في الليل، فالأعمال تتضرر لأن بعض الصائمين يعتقدون أن من حقهم عدم الإنتاج لأنهم صيام، وتلتهب الشوارع والمكاتب بأولئك الذين يفقدون القدرة على التعامل مع الآخرين، إما لأن التدخين الذي أدمنوه أصبح عادة يؤدي امتناعهم عنها إلى سوء تصرفهم، أو لأن هناك أمراضًا لا يعرفون كيف يتعاملون معها خلال الصيام تدفعهم إلى التصرف السيئ أو لا ينامون إلا ساعات قليلة، هذا إذا ناموا، في الليل، وينعكس ذلك على حركاتهم وردود أفعالهم.
وحب الناس لفعل الخير خلال الشهر الفضيل دفع بمافيا الشحاذة إلى تنظيم صفوفها.. وأخذت توزع الشحاذين على مواقع وأحياء يتم اختيارها من قبل المافيا بعناية، بحيث يتحدد أين تشحذ النساء، وأين يكون الأطفال، وماذا يفعل أصحاب العاهات.. وبالإضافة إلى ذلك لاحظنا مؤخرًا، وخاصة هذا العام، أن الكثيرين منّا ساعدوا على تحويل عمال نظافة الشوارع، الذين يعملون في شركات تتعاقد مع الأمانة إلى شحاذين، فترى عامل النظافة يحوم حول السيارات متى توقفت عند إشارات المرور بانتظار أو تحفيز الركاب للجود عليهم بالمال.
هناك عادات كثيرة تسيء إلى الصيام الذي لم يستهدف توقف الإنتاج ولا زيادة عدد الشحاذين أو تضخيم كميات المأكولات السيئة الضارة بالصحة.. وسعى الدعاة، جزاهم الله خيرًا، إلى التركيز على مفهوم الصيام في خطبهم ومواعظهم.. لكن الظواهر السيئة تزداد سوءًا سنة بعد سنة.. ومنها تلك المراكز التجارية الكبرى التي أصبح بعضها يعمل حتى الثالثة صباحًا والبرامج التلفزيونية السيئة التي تتضاعف أنواعها وقنواتها عامًا بعد عام، ويتوفر تمويلنا لها.. لذا فإن المطلوب دراسة متعمقة للعادات السيئة ومضارها، وهي على الأرجح معروفة، واقتراح وسائل التخلص منها ووضع برامج وإجراءات يمكن تطبيقها.
فالعادات تكتسب خلال سنوات طويلة، وليس من السهل تغييرها بدراسة أو بإجراء واحد، بل سيتطلب الأمر سلسلة من الإجراءات الشعبية والرسمية لإدخال تغيير تدريجي للتخلص من العادات الضارة وإحلال عادات مفيدة محلها.. وليس المطلوب وعظًا فحسب، فالعادات السيئة استفحلت، ولابد من خطة مدروسة يتعاون فيها المعنيون، بمن فيهم الدعاة، لتحقيق هدف التخلص من العادات الضارة وتوجيه الناس إلى تحقيق الفائدة المستهدفة من صيام رمضان، الروحية والعملية.. وهو ما آمل أن تتفرغ له هيئات بحثية ودراسية، قد يكون بعضها جزءًا من جامعاتنا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store