(١)
هل حقاً الصورة تساوي ألف كلمة؟
لابد أنكم سمعتم بهذه العبارة، والصورة التي (تراها) أفضل وأكثر مصداقية لديك من كلمة (تسمعها).
ولكن: من الذي يملك الكاميرا؟..
من هذا الذي يحدد التوقيت لالتقاط (اللقطة)؟..
أي (مشهد) وأي لحظة من الحدث تلك التي يتم تمريرها لعينك، وترسيخها في وعيك، وحفظها في ذاكرتك؟
(٢)
(الصورة) أصدق: لأنك تراها، (الكلمة) تشكك بها لأنك تسمعها.
أنت تثق بعينك أكثر من أذنك..
عينك تقدم لك النتيجة المريحة، أذنك تتعبك وتحرضك لتحريك عقلك، ومراجعة ما سمعته، لتقرر مدى مصداقية الحدث. ولكن الصورة تكذب أحياناً - مثل الكلمات - ويتم تزييفها بالفوتوشوب!
- وماذا عن الفيلم المتحرك؟
- هذا يا صديقي يُنتج ويُخرج كما يشاء من يملك الكاميرا.
(٣)
في بدايات الاحتلال الأمريكي للعراق:
كانت الكلمات تقول: القصف يتواصل على "الفلوجة".
أما الصورة فكانت تنقل هذا المشهد: جنود مارينز يوزّعون الخبز على الأطفال في "الرمادي"!
هل (الصورة) هنا تساوي ألف كلمة؟!
(٤)
بعض الدول: كل الصور التي تأتي منها هي صور ملونة ومبهجة.
بعض الدول: صورها ثلاثية الأبعاد.
بعض الدول: ما تزال تعيش مرحلة الأبيض والأسود!
(٥)
الصورة المُتقنة: تقول كل ما يجب أن يُقال بشكل جميل ودون ثرثرة.
تأخذك إلى الموقف وتؤثر بك بيسر وسهولة.
هي: لحظة في عمر الزمن - ثانية ضغط فيها المصوّر على الزر - لا تعرف ما الذي حدث قبل هذه اللحظة أو بعدها، وهل يتفق أو يتناقض تماماً مع تلك اللحظة المحبوسة في صورة؟
لا تعرف!
الذي تعرفه أن هذه (اللحظة المصورة) وجّهتك بشكل ما، وحددت موقفك تجاه قضية ما، وحبستك أنت في تلك اللحظة، وحبست تلك اللحظة في وعيك.. وجعلتها لحظة تساوي زمناً بأكمله!
(٦)
الموت يقوم بتثبيت الصورة: الأميرة ديانا ما تزال شابة وجميلة!
نحن نتقدم بالعمر، و(الصورة) المخادعة لا تكبر.
(7)
عبر هوليوود استطاعت أمريكا أن تصنع وتروّج (صورة) العدو حتى انطبعت في الذاكرة الجمعية.
كانت صناعة الصورة تسبق - أحياناً - قرار السياسي.
في سنوات الحرب الباردة مع الاتحاد السوفيتي: كان الغالبية العظمى من الجمهور - حول العالم - يرون السوفيتي/ الروسي بصورة القاتل الدموي الذي يريد أن يدمر العالم.
كانت الكاميرا - وما زالت - تقاتل بجانب البندقية..
والطلقة تُصيب واحدا، والصورة تُصيب الملايين.
(8)
السياسي - في العالم الثالث - يهتم بصورته أكثر من كلماته!
(9)
يستطيع السياسي - في أي مكان - أن يصنع ما يشاء من الصُور، ويقوم بترويجها على الجماهير بما يملكه من وسائل متعددة لترسخ في الوعي الجمعي.
ستقع - دون وعي منك - في فخ (الصورة) الرائجة.
ستكتشف في لحظة ما أنك تدافع عنها كأنها (الصورة) الوحيدة.. والحقيقية.
الألف كلمة = لن تمحو هذه (الصورة).. هذا إذا استطعت أن تشكك بمصداقيتها!
(10)
انفجار يحدث في مكان ما في هذا العالم:
صورة تنقله لك كعمل بطولي لمناضل.
وصورة تنقله لك كعمل إرهابي لمجرم عديم الإنسانية.
من يملك الكاميرا الجيدة، والزاوية والتوقيت المناسب، والمنابر الأكثر والأقوى لنشرها: سيجعلك تحدد موقفك تجاه (المناضل/ الإرهابي) ويرسخ الصورة التي يريد في ذهنك!
(11)
تقوم بعض شركات الإنتاج السينمائي بـ"تلوين" بعض أفلامها القديمة المصورة بالأبيض والأسود لإعادة عرضها.. بعض الساسة يظن أن "الإصلاح" يتم بهذه الطريقة: تلوين الصورة القديمة للنظام!.
صورة الصورة !
تاريخ النشر: 22 سبتمبر 2012 04:48 KSA
(١)
هل حقاً الصورة تساوي ألف كلمة؟
لابد أنكم سمعتم بهذه العبارة، والصورة التي (تراها) أفضل وأكثر مصداقية لديك من كلمة (تسمعها).
ولكن: من الذي يملك الكاميرا؟..
A A