Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

وقاحة نتنياهو.. من أجل رومني أم الحرب؟!

يتّصف نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بوقاحة فائقة، وهو يستخدم هذه الأيام أسلوبه الوقح ليفرض على الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، جدولاً زمنيًّا يعلن عنه، ويحدد فيه موعدًا للإيرانيين يعلنون بحلوله قبو

A A
يتّصف نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلي، بوقاحة فائقة، وهو يستخدم هذه الأيام أسلوبه الوقح ليفرض على الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، جدولاً زمنيًّا يعلن عنه، ويحدد فيه موعدًا للإيرانيين يعلنون بحلوله قبولهم بما يعرض عليهم من حلول دولية لبرنامجهم النووي.. ويهدد الأمريكيون في إعلانهم المقترح بشن حرب على إيران إذا لم تفعل ذلك، أي أن تضع أمريكا خطًّا أحمر، يرتبط بفترة زمنية أيضًا، تعلن الحرب على إيران إذا تجاوزته.
وقاحة نتنياهو هي في جرأته على نقل معركته مع أوباما وإدارته إلى داخل أمريكا خلال معركة انتخابية رئاسية حساسة، وظهوره في برامج حوارية أمريكية متحدثًا عن خلافه مع الإدارة في رؤيتها لطريقة معالجة الملف الإيراني النووي.. ولم يمانع الإعلام الأمريكي في أن يكون منصة يستخدمها نتنياهو للتدخل في السياسة الأمريكية.. بل سعت أجهزة الإعلام للترويج لنتنياهو وكأنه واحد من صناع السياسة فيها.
وليس من الواضح ما إذا كان نتنياهو راغبًا في إشعال نار الحرب ضد إيران أم أنه يسعى لدعم صديق طفولته ميت رومني المرشح الجمهوري المنافس لأوباما على كرسي الرئاسة، بإظهار أوباما وإدارته كطرف ضعيف لا يفقه في السياسة الخارجية، وأنه ترك الفرصة للإيرانيين لتطوير قدراتهم النووية، التي يرى نتنياهو أنها تستهدف الوصول إلى القدرة على إنتاج سلاح نووي، ممّا سيؤدي إلى تهديد إسرائيل وأمريكا ومصالحهما.
وكان نتنياهو قد سجل لنفسه السبق بأن يكون أول رئيس دولة أجنبية يزور البيت الأبيض، ويُوبِّخ الرئيس الأمريكي أمام عدسات المصورين في آخر زيارة استقبله فيها أوباما، وذلك عندما عبّر عن رفضه الحديث عن إيقاف البناء في المستوطنات الإسرائيلية، والقدس الشرقية، وأعطى أوباما درسًا في تاريخ القضية الفلسطينية من وجهة نظره.. ولم تُعبِّر أجهزة الإعلام الأمريكية عن غضبها عمّا أصاب الرئيس من مهانة، بل وقف أعضاء الكونجرس بمجلسيه يُصفِّقون لعدة دقائق عندما ألقى نتنياهو بعد ذلك خطابًا استفزازيًّا أمامهم حول فلسطين وإسرائيل.
إيران ترفض الاستجابة لمطالب المجتمع الدولي لمعالجة طموحاتها النووية بشفافية، رغمًا عن أنها تعلن أن طموحها هو لأغراض سلمية وليس عسكرية.. وهي تسير في نفس المسار الذي أصر الرئيس العراقي السابق صدام حسين على اتباعه في رفض التعامل بشفافية مع مشروعاته النووية (التي ظهر بعد سقوطه أنه لا وجود لها)، وحينها أتاح الأسلوب الذي أصر على الإقدام عليه، إقامة جبهة قوية من مختلف دول العالم، وتجميع ما لا يقل عن نصف مليون جندي لمهاجمة عراق صدام حسين، الذي تهاوى بشكل سريع، ولازال العالم يعاني من نتائج تلك الحرب التي أدت إلى تقسيم طائفي للعراق.
الموقف الإيراني الحالي أدّى أيضًا إلى تجميع أساطيل بحرية لحوالى خمس وعشرين دولة تقوم بمناورات في الخليج، وبحر العرب غير بعيد عن مضيق هرمز الذي يهدد الإيرانيون بغلقه في حال شنّت إسرائيل أو أمريكا هجومًا عليهم.
السؤال القائم هو ما إذا كانت أمريكا ستضرب المواقع النووية الإيرانية بعد هذا التحريض الإسرائيلي المكثف.. وشخصيًّا لا أعتقد أن مثل هذا الأمر يمكن أن يحدث في عهد إدارة أوباما، إذ تتميّز إدارته بالنأي بنفسها عن الدخول في أي مغامرات عسكرية، وهي انسحبت من العراق وتركتها للمالكي وحلفائه الإيرانيين، وفي طريقها للانسحاب من أفغانستان وتركها لحرب أهلية ستكون لطالبان اليد العليا فيها بل حرصوا على القيادة من الخلف (حسب تعبيرهم) خلال قيام الناتو بضرب ليبيا.
وما يمكن أن يؤدّي إلى ارتفاع احتمال إقدام الأمريكيين على توجيه ضربة عسكرية لإيران هو صعود المحافظين الجدد إلى رئاسة أمريكا مع المرشح الجمهوري ميت رومني، إذا فاز في انتخابات نوفمبر القادم، أو وقوع حدث عسكري غير متوقع في الخليج يوجّه اللوم فيه إلى الإيرانيين.. وإن كانت كل الاحتمالات واردة في مثل هذا الوضع المعقد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store