Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل سمعت بالوحش الذي يسكنك؟!

في أبعد نقطة من أعماق كل واحد منا يختبئ حيوان غير مروض وغير مستأنس.. حيوان لا هم له سوى إشباع رغباته حتى ولو أدى ذلك إلى التعدي على حقوق الآخرين، بما فيها حقهم في الحياة نفسها.

A A
في أبعد نقطة من أعماق كل واحد منا يختبئ حيوان غير مروض وغير مستأنس.. حيوان لا هم له سوى إشباع رغباته حتى ولو أدى ذلك إلى التعدي على حقوق الآخرين، بما فيها حقهم في الحياة نفسها.
الإنسان ليس عقلا ووجدانًا وروحًا فقط، هناك داخل كل واحد منا منطقة مظلمة أشبه ما تكون بالقفر الموحش الذي لا يتردد داخله سوى صدى الزئير والعواء. هناك في أعماق ذلك القفر الموحش، يلجأ الحيوان فينا إلى كهف حصين لا تطاله فيه يد القانون، ولا ترقبه عيون الناس، ولا يستطيع المجتمع أن يطلع على ما يخفيه من شرور، لأنه لا يراه من الأصل.
هذا الجزء المظلم من تكويننا هو المسؤول عن جميع الشرور التي عرفها البشر عبر تاريخهم، وهو المتسبب في حدوث تلك النقلات النوعية في مسار الشر الذي ارتقى بفضل التطور العقلي والتقدم العلمي، إلى مستويات لم يكن يحلم بها الشيطان نفسه.
فشل البشر في التعامل مع هذا الجزء المعتم من تكوينهم، يعود إلى إنكارهم إياه. لو تحلى البشر بالشجاعة والوعي الكافي وما يلزم من ضمير، لاعترفوا بوجود المشكلة ومن ثم استطاعوا التعامل معها. لكن معظم البشر غير مستعدين لمواجهة الحقيقة، ولعل ما عمق هذه النزعة لديهم هو تجاهل معظم الكتابات التي اهتمت بدراسة أو تأمل الشأن الإنساني، لذلك الجانب المظلم من التكوين الإنساني. معظم الكتابات لا تنبه لوجود هذا الجانب ولا تشير إليه ولا تهتم بمخاطبته، تمهيدًا لترويضه والسيطرة عليه.. وقد يكون هذا التجاهل هو أهم الأسباب في مد الوحش الذي يسكن داخل كل واحد منا، بأسباب الاستمرارية وعوامل القوة.
بعيدًا عن الدين وخطابه العميق في هذا الشأن (فألهمها فجورها وتقواها) فإن الأدب هو مجال الكتابة الذي سلط الضوء على دوافع الإنسان السلوكية في الجانبين معا: الشر والخير. لكن هل يملك الأدباء القدرة على التأثير المطلوب وسط عالم خاضع لمنطق الصراع، ومحكوم بالتنافس المحموم، والشهوات القاتلة، والرغبة المرضية في الامتلاك؟!
الوحوش التي تسكننا تستمد قوتها من الجهل في المقام الأول، ومن الضعف في المقام الثاني.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store