نقتل دون أن نشعر أحاسيس كثير ممن يعيشون بيننا ونلتقيهم ليل نهار، بل ولا يحرص بعضنا على ذكر المحاسن قبل العيوب، فاللغة التي اعتدناها هي لغة النقد سواء كان ذلك النقد سليما أم أنه عقيم يمثل عقلية ضحلة لا تؤمن إلا بالاستجداء.
لماذا لا ننظر لمن حولنا من الناجحين كل في مجاله وكيف كسب بعضهم قلوب الناس وكيف خسر البعض قلوب الآخرين؟ لنعرف كم نحن قاسون على أناس لهم أياد خفية لا تريد أن تعلن ما تقدم حتى لا تعلم اليمين ما قدمت الشمال، وهذه النماذج ليست مقتصرة على فئة دون أخرى، بل نجد أصحابها يمثلون اتجاهات مختلفة في النشاط، فذاك يعمل في المجال التقني وآخر في المجال التعليمي وثالث في المجال الرياضي، وغيرهم كثير ممن يجتمعون على خصال حميدة، فالإنفاق في سبيل الله ديدنهم، وقضاء حوائج من حولهم من أسر محتاجة وفقيرة هدفهم، كسبوا حب الناس، وسعوا للبذل دون أن يعلم الآخرون ماذا قدموا؟ فالذي يهمهم في المقام الأول قضاء الحوائج دون انتظار الشكر والثناء من الآخرين.
إن الحديث عن هؤلاء الباذلين في الخفاء حتى وإن كان البذل قليلا أمر مستحسن ومطلوب حتى ولو لم نشر إلى أسمائهم صراحة، إنما الفعل هو الذي يلفت النظر، خصوصا عندما تسمعه من المستفيدين فإن ذلك يزيد إعجابك بهذا المحسن، وسرني كثيرا أن يكون من أصحاب الأيدي الخفية رياضيون يقتطعون أجزاء من رواتبهم أو من استثماراتهم ليقدموها طواعية للمستحقين، فهي بادرة تدل على طيب النفس والإحساس بأحوال الآخرين، فهناك من اللاعبين من إذا سمعت اسمه وعرفت سلوكه في الملعب ربما تتضايق أو يصدر منك ردة فعل تجاهه، لكن تجده شخصا آخر خارج الملعب، بل تجده يحرص على الفعل الخيري والبذل في سبيل ذلك، وهناك من النجوم المشهورين من يصرف على أسر ويقدم لها التبرع الشهري ويصرف على تلك الأسرة من سنوات طويلة، ولولا علمي أن هؤلاء لا يريدون أن تذكر أسماؤهم لحددتهم ، لكن رغبة في تحقيق رغبتهم التي علمتها من مقربين منهم اكتفي بالإشادة بهذا الجهد الإنساني الخيري، الذي ينم عن عقلية تنشد الآخرة قبل أن تنشد الدنيا وزخرفها، وربما كان هذا اللاعب أو ذاك صدر منه سلوك معين فلا يكون هذا السلوك هو الأصل الذي نبني عليه كل أمور حياته، ففي غمرة الخطأ وملابسات الحادث يغيب عن ذهننا المبدأ الشرعي ويضيع في المعمعة، فيكون في إعادة إعلان المبدأ والجهر بالقاعدة الشرعية رد لمن أخطأ، وهي ما يدل عليها قوله - صلى الله عليه وسلم من رواية مسلم (لينصر الرجل أخاه ظالما أو مظلوما إن كان ظالما فلينهه وإن كان مظلوما فلينصره) واخيرا اقول ولأن الشيء بالشيء يذكر فمثلما ينتقد اللاعب علينا تلمس الأمور الإنسانية في حياته والإشادة بها وذكر المحاسن والصفات الطيبة لديه، فهو بشر يصيب ويخطئ، وفي الوقت ذاته نفرح لحسن تصرفه وقدرته الفائقة على السير في طريق العمل الخيري الصالح، وأتمنى أن نسمع عن نماذج أخرى تمارس دورها في المجال الإنساني والخيري وسط مجتمعنا الذي يمثل أسرة واحدة حري بنا تأييدها والتكاتف معها.
نجوم باذلة
تاريخ النشر: 05 أكتوبر 2012 02:42 KSA
نقتل دون أن نشعر أحاسيس كثير ممن يعيشون بيننا ونلتقيهم ليل نهار، بل ولا يحرص بعضنا على ذكر المحاسن قبل العيوب، فاللغة التي اعتدناها هي لغة النقد سواء كان ذلك النقد سليما أم أنه عقيم يمثل عقلية ضحلة لا
A A