Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

سليمان العيسى.. الإعلامي المتحدِّي

رحل سليمان بن محمد بن صالح العيسى يوم الجمعة 19/11/1433هـ، 5/10/2012م، بعد حياة حافلة بالعطاء الإعلامي، وسيبقى اسمه معدودًا من الإعلاميين الذين إن غابوا جسمًا، فسيبقون عطاءً ممتدًا، وإنتاجًا مسجلاً تت

A A
رحل سليمان بن محمد بن صالح العيسى يوم الجمعة 19/11/1433هـ، 5/10/2012م، بعد حياة حافلة بالعطاء الإعلامي، وسيبقى اسمه معدودًا من الإعلاميين الذين إن غابوا جسمًا، فسيبقون عطاءً ممتدًا، وإنتاجًا مسجلاً تتوارثه الأجيال.
لم يكن سليمان من الجيل الذي دخل الإعلام اليوم ليتخرج غدًا، بل بدأ كما بدأ الروّاد الإعلاميين، بتدريب مكثف دعمته قدرة ثقافية وموهبة إعلامية، وهذه الدعائم (التدريب والثقافة والموهبة) إذا اجتمعت استطاع الإعلامي أن يشق طريقه في دائرة التنافس الإعلامي، ولذا استطاع سليمان أن يبرز مع أن بداية ظهوره كانت وسط جيل إعلامي متمرس من الإعلاميين السعوديين وغير السعوديين.
برز في بدايته معلّقًا رياضيًّا، ثم حلّق قارئًا لنشرات الأخبار، ومعدًّا للبرامج، ولعلّ أبرزها برنامج (مع الناس) الذي حظي بمتابعة، لملامسته لحاجات الناس، وهمومهم، ولحرص المُعد على إبراز المشكلة للمسؤول دون زيادة أو مبالغة، وبرز مذيعًا للإذاعات الخارجية، وكان مدققًا في اختبار المذيعين عندما كان مديرًا للتنفيذ في التلفزيون، وله أن يعتز أنه لم يُجز نصف مذيع فضلاً عن إفساح المجال لمَن لا يصلح للعمل الإذاعي لفقره في الأداء، واللغة، والصوت، والموهبة، والقدرة على تطوير الذات.
تُحسب له قدرته في اللغة العربية في التطبيق الإعلامي، فقد كانت لغته سليمة، وكان ممّن يدقق ليسلم لسانه من زلقات الأخطاء اللغوية، وهو من جيل كان يتعهد نفسه بتنمية ثقافته اللغوية، مع حرص شديد على سلامة النطق، ولا يجد غضاضة في أن يضبط الكلمة أو الجملة، ويسأل عمّا يشكل عليه، بل هو من جيل يقطِّع جمل نشرة الأخبار صوتيًّا؛ ليعرف أين يقف، وأين يصل الكلام - وسلامة الأداء، والإلقاء، واللغة من أعمدة عمل المذيع، إضافة إلى الصوت الإذاعي.
جمع سليمان بين الإعلامَيْن المرئي والمكتوب، وكانت شهرته في الأول أكثر، وإن كانت بدايته في الصحافة مراسلاً، ومحررًا، وسكرتير تحرير، ثم كاتبًا لزاوية «على الهامش»، و»نوافذ الشمس»، وصدر له كتاب «من مدائن العقل»، وتحت الطباعة كتاباه «خالدون بلا دموع»، و»نسمات على وسائد الليل»، وهو إلى جانب إعلاميته المميّزة من المثقفين، فهو كفاية إعلامية وثقافية، وتلك صفة تكاد تكون عامة في جيل الإعلاميين المزاملين لفترته الزمنية.
تعرض لحملات إعلامية، وقابلها بالتسامح لا بالانتقام، وجلها فيها جناية عليه، ولا غرابة في ألاّ يجد المخفقون إلاّ النَّيل من الناجحين، وكان صموده في مقابلة تلك الحملات بالتسامح، لا يقل عن مقابلة غيرة بعض المسؤولين في وزارة الإعلام، بالصمت عنهم حينًا، وبالسماح بمرور الانفعالات، أو الغيرة من النجاح، أو الشهرة حينًا آخر، وذلك التحدّي الذي استطاع أن يتجاوزه بنجاح حتى كشفت تلك الحملات عن ساقيها، وعن هوى صاحبها، فهو من الرجال الذين قابلوا الضغن بالسكوت، فكان سكوته قاتلاً لضغينة الحاسدين أو المتحاملين على أنني أشهد أنه لا يسكت عن بيان الرأي الصائب في الاجتماعات عندما يرى أن الموقف للكلام، وليس للصمت، وهناك مواقف لوفائه، وصفائه وتسامحه، ونطقه بالحق، ولو كان مرًّا، وقد يأتي وقت للكتابة عنها -رحمه الله- فقد كان إعلاميًّا مثقفًا صامتًا إن كان الصمت أفضل رد، متكلمًا إن كان النطق يُسكت من امتلأ ضغينة، أو حسدًا، أو غيرة، أو قصورًا في المهنية الإعلامية، فقد تحدّى صعاب الإعلام وضغائن أصحاب الضغائن.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store
كاميرا المدينة