Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مستقبل مصر.. مستقبل العرب

الحراك السياسي والإعلامي الديناميكي الدائر اليوم في القاهرة حل محل الركود الذي شهدته مصر خلال عقود طويلة من عمرها..

A A
الحراك السياسي والإعلامي الديناميكي الدائر اليوم في القاهرة حل محل الركود الذي شهدته مصر خلال عقود طويلة من عمرها.. ومن المسلم به أن بلدين مهمين في العالم العربي يؤثران على الإطار العام للمسار السياسي للعرب واحدة منهما مصر التي انتقلت من الدولة المحافظة باعتدال، إلى بلد يبحث لنفسه عن صفة جديدة بعد ثورة 25 يناير الخاصة به.
ومن اللافت للنظر أن رئاسة الجمهورية التي تجمعت بين يديها صلاحيات أكثر مما كان متوفرًا للرئيس السابق، حسني مبارك، وبخاصة بعد حل البرلمان وتحويل صلاحياته التشريعية إلى رئيس الجمهورية، تجد نفسها تتخبط في قرارات سرعان ما تتراجع عنها إما نتيجة لمشورة مستشارين محدودي الخبرة أو رغبة في رمي الكرة ومعرفة ردود الفعل تجاهها تمهيدًا لتنفيذ خطط أكثر دقة وإحكامًا.
وكانت الخطوة الأخيرة هي إقالة النائب العام ثم التراجع عن الإقالة بل والتمديد له بعد أن سبقها التراجع عن قرار إعادة انعقاد البرلمان نتيجة لحكم قضائي بتأكيد حكم سابق بحل هذا المجلس، ولا يغير من الأمر شيئًا أن يظهر عصام العريان، القائد الإخواني، ليُعلن أن قبول النائب العام للإقالة ولمنصب سفير في الفاتيكان تم تسجيله في محادثة هاتفية جرت بين الرئاسة والنائب العام نفسه.. الأمر الذي كذبه النائب العام وطلب التحقيق فيه.
إلا أن القرار الجمهوري بإقالة كبار قادة القوات المسلحة أدى إلى اكتساب الرئيس محمد مرسي شعبية كبيرة وخلق لدى المصريين انطباعًا بأنه رئيس قوي.. ويشير التصريح الذي نقلته وكالة الأنباء المصرية عن متحدث عسكري يشجب فيه خبرًا نشر في صحيفة (الجمهورية) عن منع الطنطاوي وعنان من السفر والتحقيق معهما، والذي اعتبره المتحدث العسكري خبرًا غير مقبول من القوات المسلحة كافة ومسيئًا إليها، يدل مثل هذا التصريح على أن ما أشيع عن أن إجراءات إقالة القيادات العسكرية العليا قد تمت بناءً على تفاهمات خاصة هو الأمر الأكثر ترجيحًا، خاصة بعد أن تعجّل رئيس مجلس الشورى بإقالة رئيس تحرير (الجمهورية) وفتح تحقيقًا مع الصحفي الذي نشر الخبر، ثم قيام رئيس الجمهورية نفسه بالحديث إلى القوات المسلحة في سيناء مثنيًا على الطنطاوي وعنان مؤكدًا أنه يستشيرهما باستمرار.
كل هذا يُشير إلى أن النظام الإخواني الحالي في مصر يتلمس طريقه في غابة سياسية جرى رميه فيها فجأة وبدون أن يكون مستعدًا لتولي إدارتها.. إلا أن الإخوان المسلمين ما زالوا اللاعب الرئيسي في مصر، وهم ينطلقون بالرغم عن كل الأخطاء في السير ضمن اللعبة السياسية، خاصة الدولية، بحذر (اختاروا رئيسًا لحزبهم سعد الكتاتني الأقل إثارة للجدل واستبعدوا عصام العريان المتسرع في تصريحاته والساعي إلى جذب أجهزة الإعلام إليه).
وتسعى القوى السياسية المختلفة إلى إعادة بناء كياناتها، كما تحاول القوى الجديدة الصاعدة تحديد دور لها في اللعبة السياسية.. إلا أن الأكثر دويًا في الشارع السياسي اليوم هو أجهزة الإعلام الخاصة صحافة وإذاعة وتلفزيونًا، وكذلك وسائل التواصل الاجتماعي، التي بإمكانها صناعة رأي عام يتفاعل مع الآراء والتوجهات للأحزاب السياسية المختلفة.. وتتوارى كثير من الوجوه الإعلامية البارزة لحساب وجوه أخرى قديمة وجديدة، وكمثال فإن عماد الدين أديب عاد إلى التلفزيون ببرنامج حواري أسماه (بهدوء) وتفرع من هذا البرنامج ما لا يقل عن برنامجين حواريين لضيوف دائمين كانوا يشاركون في برنامج (بهدوء)، كما ارتفع صوت الإعلامية لميس الحديدي، وبالمقابل تقلصت شعبية برنامج زوجها الإعلامي عمرو أديب.
ما يحدث في مصر أكثر أهمية من الدور الذي تسعى إلى لعبه دول صغيرة تقع على أطراف العالم العربي، وسيتحول الزخم الإعلامي والسياسي إلى القاهرة شيئًا فشيئًا ليصبح الرأي العام العربي واقعًا تحت تأثير أحداثها وجدل سياسييها وأجهزتها الإعلامية المسموعة والمشاهدة والمقروءة على مستوى العالم العربي كافة.. وما يحدث في مصر ما زال في بداية تكونه وتشكيله.. وعسى أن يكون الناتج النهائي يخدم صالح استقرار مصر أولًا وأشقائها العرب ثانيًا.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store