Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الإخوان يحكمون.. ماذا عن تنظيمهم العابر للحدود ؟!

تواجه حركة الإخوان المسلمين واقعاً جديداً لم تكن تتوقع أن يحدث لها بالشكل الذي تم به..

A A
تواجه حركة الإخوان المسلمين واقعاً جديداً لم تكن تتوقع أن يحدث لها بالشكل الذي تم به.. فهي الآن تحكم أو تشارك في الحكم أو بطريقها إليه كسلطة وطنية في أكثر من قطر عربي تحت مسمى حزب قامت الحركة بإنشائه، بينما أبقت على تنظيمها الرئيسي في مصر قائماً بتركيبته القديمة بما فيها المرشد والصلاحيات التي يتمتع بها على الحركة في مصر وخارج مصر.
فالحركة تنظيم عابر للقارات بينما أتاحت لها التطورات الأخيرة بأن تتولى الحكم في بلدان يتوقع من الحاكم في كل منها أن يحافظ على حدود الدولة ويحميها.. الأمر الذي يتعارض مع التنظيم القائم على العمل عبر الأوطان وتوحيدها في كيان واحد ولا يقبل بالحدود القائمة لأي منها.. ويثير هذا الوضع التساؤل فيما إذا كان رئيس الدولة (الإخواني) وجهاز الدولة العامل معه يعمل بتوجيهات السلطة التنفيذية والتشريعية في الدولة، أم أنه يلتزم بتوجيهات الجماعة ومرشدها.
هذه الإشكالية أدت بالبعض إلى اقتراح حل تنظيم جماعة الإخوان المسلمين بما في ذلك بمصر وإقامة أحزاب سياسية محلها.. إلا أنه يبدو أن هذا الاحتمال بعيد المنال في الوقت الحاضر، وإن كان سيوفر للجماعة استمرار النشاط في العمل السياسي والمحافظة على تواصلها وتعاونها ما لم يمنع ذلك قانون أو دستور في هذه البلد أو تلك.
وليست هذه الإشكالية جديدة على الحركات التي تسعى للعمل السياسي وتطبيق أفكارها التوحيدية.. فحزب البعث كان حركة سياسية عابرة للحدود العربية، يدعو إلى إقامة كيان عربي واحد وإلغاء الحدود فيما بين الدول العربية القائمة، وكذلك الأمر بالنسبة لدعوة القوميين العرب والناصريين (الذين ينشطون الآن في مصر)، وشاهدنا حزب بعث يحكم في العراق يعادي حزب بعث آخر يحكم في سوريا ويتقاتلان فيما بينهما ويتآمر كل منهما على الآخر بما في ذلك القيام باغتيال بعضهما البعض.
والتنظيم العالمي للشيوعية الماركسية كان أيضاً يتمدد في مختلف أنحاء العالم، وقويت شوكته بقيام الاتحاد السوفيتي وكان يسعى إلى توحيد العالم تحت راية الشيوعية.. وبالرغم عن أن موسكو هي التي دعت وسعت إلى قيام وانتشار الشيوعية إلا أن الصين أقامت نظاماً شيوعياً (لازال قائماً) يختلف عن النظام الشيوعي السوفيتي، بل ويدخل في عداء معه بين الحين والآخر.
الحركات السياسية العابرة الحدود ليست أداة سياسية ناجحة، مهما كانت الدعوات والمبررات التي يتبناها القائمون عليها جذابة، وبالرغم عن أن تنظيم الإخوان المسلمين انتشر في أنحاء العالم ونجح في إقامة كيانات له بحجة الأعمال الخيرية والدعوية، إلا أن تحقيق جماعات الإخوان المسلمين النجاح والوصول إلى السلطة سوف يؤدي إلى بداية التغيير في عملها حيث من الصعب توافق النشاط الدعوي والعمل السياسي.. فالأول يتطلب الصدق والشفافية، بينما يتميز الثاني بتغيير المواقف حسب المتطلبات العملية للواقع الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والعلاقات الدولية، بل يتطلب أحياناً تصريحات وأفعال لا تكون متوافقة مع العمل الدعوي.
إضافة إلى ذلك برز من تصرفات الحركات العابرة للحدود، وأمامنا البعث والشيوعية كمثالين، أنه من الصعب أن تتوافق حركة تصل إلى الحكم في أي وطن مع حركة أخرى مماثلة لها ومنتمية إلى مبادئها وشعاراتها تصل هي الأخرى إلى الحكم في وطن آخر.. حيث نجد كل منهما يعتقد ويروج إلى أنه هو الأفضل في تبنّيه لمبادئ حركته وكذلك إدارته لشؤون دولته، وعلى الطرف الآخر الالتحاق به.. ويتحول الأمر شيئاً فشيئاً إلى عداء فيما بينهما.
حركة الإخوان المسلمين انتشرت في أكثر من دولة خليجية تحت مسمى (حركة الإصلاح)، ولها وجود قوي في الأردن واليمن وفي بلدان أخرى.. وسيواجه الناشطون تحت مظلة حركة الإخوان المسلمين بمختلف مسمياتهم الشك في انتمائهم إلى الوطن الذي يعملون فيه، وفيما إذا لم يكونوا أدوات لمكتب الإرشاد للتنظيم الرئيسي في مصر وذلك بعد أن وصل الإخوان لكراسي الحكم.. وهذه معضلة أخرى على الإخوان المسلمين أن يجدوا لها حلاً إن أمكنهم ذلك.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store