Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المرأة العربيِّة

u0627u0644u0645u0631u0623u0629 u0627u0644u0639u0631u0628u064au0650u0651u0629

عطفاً على مقال الأسبوع الفارط، "أيّةُ أخلاقٍ في الجاهليِّة هذه" سأكمل حديثي عن "مكانة المرأة العربيِّة في الجاهليِّة"؛ ولكنَّني أحبُّ التَّأكيد على أنَّ الإسلام أَحْدَثَ نقلةً نوعيِّة وعظيمة وجوهري

A A

عطفاً على مقال الأسبوع الفارط، "أيّةُ أخلاقٍ في الجاهليِّة هذه" سأكمل حديثي عن "مكانة المرأة العربيِّة في الجاهليِّة"؛ ولكنَّني أحبُّ التَّأكيد على أنَّ الإسلام أَحْدَثَ نقلةً نوعيِّة وعظيمة وجوهريِّة في حياة العرب شملت كلّ مناحي الحياة، مع تفهمي الجيّد أنَّ تلك النَّقلة قامت على أرضيِّة تساعدها على الثَّبات والاستمرار؛ ولهذا قال الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم: "إنِّما بعثت لأتمِّم مكارم الأخلاق"، كدليلٍ قائمٍ على أنَّ تلك الحياة في الجاهليِّة لم تكن بذلك السُّوءِ الذي تصفه الكثير من الكُتب المتداولة المليئة بعمليِّة الاسقاط والانتقاء.
والمرأة العربيِّة في ذات العصر ليست بَدْعًا من عمليِّة التَّوصيف التي طالت العصر الجاهلي كلّه حتَّى وُصِفتْ بكلِّ قبحٍ وسوءٍ، ثمَّ باتت عند بعضهم من سقْطِ المتاع، تُبَاع بثمنٍّ بخسٍ دراهمَ معدودة!!
فهل يصحُّ ذلك الحكم على عواهنه؟!
وهل يستقيم هذا التَّعميم الجائر؟!
أعرف أنَّ الإجابة لن تكون بالأمرِ السَّهل وفينا مَنْ لم يزل يَسْتَعيبُ العيب كلّه من ذكر اسم أمّه، أو زوجته، أو أخته ولو عند الحاجة!! ولن يكون الأمر هيّنًا وبيننا من يُقَدِّم (أَكْرَمَكم الله) قبل نطق اسم امرأة، حتَّى ولو جاء اسمها عرضاً في حديثٍ عابر دون قصد..!!
لهذا دعوني أذكر شيئًا بسيطًا شريطة أن يُقْرأ في سياقه الخاصّ بعيدًا عن الخلفيِّة العقليِّة المشبَّعة بكلِّ سوءٍ عن المرأة العربيِّة في العصر الجاهلي، فإذا اتَّفقنا على ذلك؛ فيحقُّ لي أنْ أُقَرِّرَ قبل الاستشهاد أنَّ الرَّجلَ في العصر الجاهلي كان أكثر منّا وعياً وتحضُّرًا..!!
فهذا المنذر بن ماء السَّماء، ملك الحيرة، لم يعبه انتسابه إلى أمّه فـ(ماء السماء) لقب أمّه، وهي مارية بنت عوف، وينسحب هذا على عمرو بن هند، وكذا الحال في نسب وَلَد إلياس بن مضر إلى أمهم خندف، وبنو عمرو بن أُدّ بن طابخة ونسبهم إلى أمهم مزينة بنت كلب بن وبرة .
وتساوقًا مع ذلك فليس بغريب على الشَّاعر الجاهلي أنْ يفتخر بأمّه:
لقد ولدتني حرَةٌ ربعيةٌ
من اللاّء لم يحضرن في القيظ دندنا
وكذا الحال في الآخر:
أنا ابن خيار الحجر بيتًا ومنصبا
وأميّ ابنةُ الأحرار لو تعرفينها
وإذا تجاوزنا هذه الدَّلائل، فلن يستطيع مكابرٌ أنْ يتجاوز تلك المواقف الحاضرة للمرأة وهي تُجير الهارب؛ بل وتحميه.
روي أنَّ خماعة بنت عوف بن محلم الشَّيباني أجارت مروان بن زنباع العبسي، وروي أنَّ فكيهة بنت قتادة بن مشنوء، أجارت السّليك بن السَّلكة؛ بل وروي عن ابن مسعود بن مالك أنَّه وضع خباء زوجته سبيعة بنت عبد شمس حَرَماً في حرب الفجار، بحيث أَمن فيه مَنْ دخله من أعدائه من قريش وأصبح سَالِماً.
وإذا تجاوزنا كلَّ ذلك؛ فلن نعدم أسماء كثيرة ممَّن امتلكن أدوات الحكمة، وقوة الرَّأي وسداده؛ كابنة الخُسّ الاياديِّة، وخصيلة بنت عامر بن الظرب العدواني، والحمراءُ بنتُ ضمرةَ النهشليّ، وحذامِ بنتُ الريّان.
وللحديث في هذا المقام صلة...

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store