Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لماذا ثار المصريون؟

في ثورة الخامس والعشرين من يناير خرج ملايين المصريين ليضعوا حداً للانفراد بالسلطة، وليلجموا رغبة الرئيس السابق في ممارسة الحكم المطلق دون أي اعتبار لمؤسسات الدولة.

A A
في ثورة الخامس والعشرين من يناير خرج ملايين المصريين ليضعوا حداً للانفراد بالسلطة، وليلجموا رغبة الرئيس السابق في ممارسة الحكم المطلق دون أي اعتبار لمؤسسات الدولة.
المصريون خاطروا بحياتهم وكانوا مستعدين لبذل أرواحهم في مشهد يصعب على التاريخ أن يغيبه، لا من أجل إسقاط النظام السابق وحسب، بل من أجل بناء دولة القانون، ومن أجل تشييد نظام جديد قائم على مبدأ الفصل بين السلطات.
وعندما جرت الرياح بما لم تشتهه سفن الثوار حيث لم يتم العمل بموجب الشرعية الثورية إلى أن يتم التخلص من رموز النظام السابق الذين كانوا قابضين على مفاصل الحياة السياسية والاقتصادية وإلى حد ما الإعلامية، لم يلجأ الثوار إلى فرض مطالبهم بالقوة، بل وافقوا على ما توافق عليه الشعب وقبلوا بنتيجة الاستفتاء الذي قضى بأن تسبق الانتخابات الرئاسية عملية صياغة دستور جديد للبلاد. وقد كان هذا القرار أكبر غلطة وقع فيها الثوار، أو إن شئت، أكبر فخ نصب للثوار.
الخلاصة أن جميع القوى توافقت على العمل بشرعية القانون منذ اللحظة الأولى لسقوط النظام بدلا من العمل بشرعية الثورة. وهذا يعني أن الخروج على شرعية القانون خصوصا بعد انتخاب رئيس للجمهورية، هو خروج على شرعية الدولة، ومحاولة لتقنين وشرعنة سلطة الفرد في مواجهة سلطة القانون.
لقد منح الإعلان الدستوري الجديد لرئيس الجمهورية، صلاحيات لم يسبق لها مثيل مقارنة بكل الدساتير التي تم العمل بموجبها في مصر منذ عهد محمد علي. صحيح أن أغلب الرؤساء المصريين كانوا يخرقون الدساتير عمليا، لكن أياً من رؤساء مصر لم يشرعن هذه الخروقات عبر بنود دستورية تضع قراراته فوق القانون وتمنحه صلاحية تعطيل عمل جميع مؤسسات الدولة إذا ما أحس بإمكانية وقوع خطر ما، دون أن يحدد طبيعة أو ماهية أو مفهوم الخطر المنصوص عليه في الإعلان الدستوري.
وإذا ما أضفنا إلى ما سبق، أن الرئيس الحالي هو أول رئيس مدني يصل إلى السلطة عبر صناديق الاقتراع، فإن محاولة شرعنة الانفراد بالسلطة وجمع اختصاصات وصلاحيات السلطات الثلاث، القضائية والتشريعية والتنفيذية، في يد الرئيس، تبدو أكثر غرابة من محاولات الرؤساء السابقين لممارسة الشيء ذاته، على اعتبار أن أحدا من الرؤساء السابقين لم يصل إلى السلطة عن طريق الاقتراع.
السؤال الذي فرضه الإعلان الدستوري الجديد هو: لماذا ثار المصريون؟ والجواب يجري تحريره الآن في الميادين والشوارع، فترى ماذا ستكون النتيجة؟
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store