بعد أن طوى حافظ ابراهيم الحديث عن مقتل عمر تمهيداً.أتى في عمريته الى اسلام عمر لكنه سبق الحديث عن اسلامه بالحديث عن موافقة عمر لبعض آيات القرآن فقال:رأيت في الدين آراء موفقةفأنزل الله قرآنا يزكيهاوكنت أول من قرت بصحبتهعين الخليفة واجتازت أمانيهاقد كنت أعدى اعاديها فصرت لها بنعمة الله حصنا من أعاديهاويوم أسلمت عز الدين وارتفعتعن كاهل الدين اثقال يعانيها نجد هنا ان حافظاً بدأ بمنقبة جليلة للفاروق وهي ما يعرف بموافقات عمر للقرآن الكريم وقد نبه بعض الباحثين الى ان هذه الموافقات انما تدل في المقام الاول على شدة فهم عمر رضي الله عنه واستيعابه لمقاصد القرآن الكريم ومن اشهر تلك الموافقات ما ذكره عمر رضي الله عنه عن نفسه حين قال: وافقت ربي في ثلاث، قلت يا رسول الله لو اتخذت من مقام ابراهيم مصلى فانزل الله تعالى ذلك، فقلت يا رسول الله يدخل عليك البر والفاجر فلو أمرت أمهات المؤمنين بالحجاب فانزل الله تعالى آية الحجاب. قال: وبلغني معاتبة النبي صلى الله عليه وسلم بعض ازواجه فدخلت عليهن فقلت: إن انتهيتن أو ليبدلن الله رسوله خيراً منكن، حتى أتيت احدى نسائه، قالت: يا عمر اما في رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يعظ نساءه حتى تعظهن أنت، فانزل الله (عسى ربه إن طلقكن ان يبدله ازواجاً خيراً منكن مسلمات مؤمنات قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وابكارا).وقطعاً ان هذا كله وقع بعد اسلام عمر لكن حافظاً لجلالة هذه المنقبة جعلها توطئة للحديث عن اسلام عمر ونراه في قوله:قد كنت أعدى اعاديها فصرت لهابنعمة الله حصناً من اعاديهايستمد حافظ هذا المعنى عما جاء عن ابن مسعود رضي الله عنه انه قال:(ما زلنا أعزة منذ اسلم عمر ولقد رأيتنا وما نستطيع ان نطوف بالبيت ونصلي حتى اسلم عمر فلما اسلم قاتلهم حتى تركونا فصلينا وطفنا).ومن هنا ندرك أنه لا يمكن أن نطالب آحاد المسلمين جميعاً بمطلب واحد، فالناس يختلفون في قدراتهم، كما أن الديار تختلف في من يسكنها ومن يحكمها، فليس من العقل ولا من الحكمة أن نكلف الناس مالا يطيقون والواجب في الشرع مقرون بالقدرة (لا نكلف نفساً إلا وسعها) أما أعمال القلوب فهذه التي تنفك عن أعمال الجوارح وفيها جاء قول الله (يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته). كما أنه يحسن بنا أن ندرك أن التدرج سنة ربانية حتى في هداية الناس فإن عمر رضي الله عنه إنما رق قلبه أول ما رق حين رأى بعض نساء قريش يتركن بلدهن ويرحلن إلى بلاد بعيدة بسبب ما لقين منه ومن أمثاله، قالت أم عبدالله بن حنتمه: لما كنا نرتحل مهاجرين إلى الحبشة أقبل عمر حتى وقف عليّ، وكنا نلقى منه البلاء والأذى والغلظة علينا، فقال لي: إنه الانطلاق يا أم عبدالله؟، فقلت نعم، والله لنخرجن في أرض الله، آذيتمونا وقهرتمونا، حتى يجعل الله لنا فرجاً فقال عمر: صحبكم الله، ورأيت منه رقة لم أرها قط) أهـ. فضائل الصحابة للإمام أحمد بإسناد حسن.وهذا كله يجعل الداعية الموفق لا يحتقر كلمة يسيرة يقولها هنا أو هناك، وليس لزاماً أن ترى ثمرة دعوتك في حينها لكن المهم أن تغرس لنفسك في طريق الدعوة إلى الله غرساً ستجني ثمرته يوم تلقى ربك الذي كنت تدعو إليه.والآن من غير ما تعليق دعونا نقف أمام يراع حافظ وهو يصور موقف عمر بن الخطاب مع سيف الله خالد بن الوليد في عمريته الخالدة.سل قاهر الفرس والرومان هل شفعتله الفتوح وهل أغنى تواليهاغزا فأبلى وخيلُ الله قد عقدتباليُمنِ والنصر والبشرى نواصيهايرمي الأعادي بآراء مسددةوبالفوارس قد سالت مذاكيهاما واقَعَ الروم إلا فرّ قارحهاولا رمى الفرس إلا طاش راميهاولم يُجزْ بلدةً إلا سمعت بهاالله أكبر تدوي في نواحيهاعشرون موقعة مرت محجلةمن بعد عشر بنان الفتح تحصيهاوخالدٌ في سبيل الله موقدهاوخالد في سبيل الله صاليهاأتاه أمر أبي حفص فقَبَّلهكما يقبِّل آي الله تاليهاواستقبل العزْل في إبان سطوتهومجده مستريحُ النفس هاديهاألقى القياد إلى الجرّاح ممتثلاًوعزّة النفس لم تُجرح حواشيهاوانضم للجند يمشي تحت رايتهوبالحياة إذا مالت يُفدِّيها
(العُمرية 2/3)
تاريخ النشر: 03 يونيو 2010 23:30 KSA
بعد أن طوى حافظ ابراهيم الحديث عن مقتل عمر تمهيداً.أتى في عمريته الى اسلام عمر لكنه سبق الحديث عن اسلامه بالحديث عن موافقة عمر لبعض آيات القرآن فقال:رأيت في الدين آراء موفقةفأنزل الله قرآنا يزكيهاوكنت أول من قرت بصحبتهعين الخليفة واجتازت أمانيهاقد كنت أعدى اعاديها فصرت لها بنعمة الله حصنا من أعاديها
A A