Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

جامعة الباحة ووأد الموهبة

تعكس السلوكيات الممارَسة تجاه أي فعل إنساني الفكر الذي يحمله الفاعل أيِّاً كان مستوى تأهيله العلمي ، أو مكانته الاجتماعية أو الاقتصادية ؛ لأن البداهة في التعامل مع الأمور ستكون لها الغلبة في نهاية الأ

A A
تعكس السلوكيات الممارَسة تجاه أي فعل إنساني الفكر الذي يحمله الفاعل أيِّاً كان مستوى تأهيله العلمي ، أو مكانته الاجتماعية أو الاقتصادية ؛ لأن البداهة في التعامل مع الأمور ستكون لها الغلبة في نهاية الأمر ، أما التصنع الذي يُظهره البعض جراء المركز الوظيفي الذي يشغله ، ويحاول من خلاله تمثُّل بعض الأدوار التي لا ترتبط عضوياً بسيكولوجيته الداخلية – فحتماً – سيكون مصيرها الفشل ، وإن تمررت له في موقف محدد ، فسيأتي آخر ويكشف الحقيقة التي لا تُحجب بغربال التصنع .
هذا تشخيص – ذاتي – لبعض القيادات التي تسنمت سُدة بعض الكليات وربُما الإدارة العُليا في جامعاتنا ، وخلقت لها بُرجاً عاجياً فصلت نفسها بناءً على ذلك بين الواقع المعاش للكثير من الطلاب والطالبات ، وبين ما يجب أن تُقدِّم لهم هذه القيادات من خدمة تُسهِّل عليهم مسيرتهم الأكاديمية ، لا أن تكون هذه القيادات حجر عثرة في طريق تقدمهم معرفياً ومهارياً ووجدانياً ، في الوقت الذي ينتهج ولاة الأمر سياسة الباب المفتوح ، بل ويُنادون مراراً وتكراراً بضرورة قضاء حوائج المواطنين باللقاءات المباشرة .
إن ما حدث من انتهاك صارخ لحق الطالبة : هند عبد العزيز الغامدي – الطالبة في كلية العلوم والآداب بفرع جامعة الباحة ببلجرشي – من قبل عميد الكلية ، والذي قام سعادته – بحكم أنه حارس للفضيلة – بتمزيق لوحات الطالبة في المعرض الذي أُقيم بين رُدهات الكلية ، بمعنى أن الطالبة لديها موافقة مُسبقة بإقامته ، ومُبرره الوحيد في تبريره لهذا الفعل غير المُنضبط هو اشتمال اللوحات على تلميحات مُخلة بالآداب ، أقول إن ما قام به سعادة العميد يُعد مُخالفة صريحة لا تقبل التأويلات المُشخصنة للأعراف الإنسانية – أولاً – والتربوية – ثانياً - ، فقائد تربوي مثل سعادة عميد الكلية يجب أن يمتلك وعياً ناضجاً ينطلق من خلاله في معالجة السلوكيات التي يرى أنها لا تتوافق مع أدبيات الحرم الجامعي ، أما أن يمارس دوره السلطوي في إيذاء نفسيات طلابه وطالباته بفوقية لا تمت للأساليب التربوية بصلة ، فهذا مرفوض جملة وتفصيلاً مهما كانت المُبررات التي أفرزتها تداعيات القضية بعد حدوثها ، وحاول هو ومن معه تدارك الوضع المُزري الذي وضع نفسه والجامعة فيه جراء تصرفه الأرعن الذي لا يعكس إلا فكراً يتوجس خيفة من كل ما يمت للإبداع بصلة ، كما أنه مؤشر على التقليدية التي ينتهجها في إدارته للكلية ، في الوقت الذي تعالت الأصوات لأن تكون المؤسسات التربوية – عموماً – والجامعات – تحديداً – هي الحاضن الرئيس للمواهب المُبدعة في جميع المجالات ؛ على اعتبار أنها تمتلك من الكوادر البشرية المؤهلة لتنمية مهارات الموهوبين والمُبدعين ما يجعلها تقوم بمثل هذه الأدوار باقتدار ، ولكن مثل هذه التصرفات التي صدرت من سعادة العميد أصابت هذه الرؤية في مقتل ، وجعلت الكثير يُعيدون النظر في مدى نقل هذه الرؤية إلى رسالة للجامعات ، ومن ثم ترجمتها إلى أهداف تسعى إلى تحقيقها كجزء لا يتجزأ من دورها المأمول - تنظيرياً - المفقود - واقعياً - .
حسناً فعل معالي مدير الجامعة عندما استقبل ولي أمر الطالبة مُقدِّماً اعتذاره لما بدر من العميد تجاه ابنته ، ولكن كنت أتمنى أن يكون الاعتذار للطالبة مباشرة لا عن طريق والدها ؛ لأنها هي المكسورة نفسياً لا والدها ، وتبعاً لذلك كانت المعالجة السليمة هي أن يذهب معاليه – مشكوراً – لمكان الحدث ويُقدم اعتذار الجامعة للمُبدعة فاطمة أمام لوحاتها الممزقة عله يُعيد كرامتها المسلوبة ، ويُلملم انكسارها النفسي أمام مدعواتها اللائي جئن لمشاهدة إبداعها الذي تحوَّل – بفعل فاعل – إلى أشلاء ممزقة ، كما كنت أتمنى على معالي المدير أن يُصدر إجراءً ملموساً للجميع ضد العميد الفاعل لكي لا تتكرر المُشكلة في عدد من الكليات ورُبما الجامعات .

Zaer21@gmail.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store