Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الحاكمية.. ماذا تعني؟

لم يكن المفكر والمنظر الإخواني الشهير سيد قطب، أول من نادى بمبدأ الحاكمية لله كما يعتقد الكثيرون. هذا المبدأ أو هذه النظرية لها جذور موغلة في القدم في التاريخ والتراث الإسلاميين.

A A
لم يكن المفكر والمنظر الإخواني الشهير سيد قطب، أول من نادى بمبدأ الحاكمية لله كما يعتقد الكثيرون. هذا المبدأ أو هذه النظرية لها جذور موغلة في القدم في التاريخ والتراث الإسلاميين.
نظرية الحاكمية ظهرت لأول مرة خلال معركة صفين الشهيرة بين علي كرم الله وجهه ومعاوية. والسبب في ظهور تلك النظرية هو أن فريقاً من جيش علي رأى في رفع المصاحف من قبل جيش معاوية، دعوة للاحتكام إلى كتاب الله، بينما رأى علي كرم الله وجهه أن الأمر لا يعدو كونه خدعة الهدف منها كسب الوقت والالتفاف على نتائج المعركة التي كانت في طريقها للحسم على يدي جيش علي.
لكن المناصرين لفكرة الاحتكام لكتاب الله، خيروا علياً بين النزول على رأيهم وبين الحرب، مدعين أن رفض الاحتكام لكتاب الله كفر، فما كان من الإمام علي إلا أن رد عليهم رده التاريخي: (( هذا كتاب الله بين دفتي المصحف صامت لا ينطق، ولكن يتكلم به الرجال )). أي أن القرآن الكريم لا يمتلك آلية قراءة نفسه بنفسه، وإنما هو كلام الله الذي يخضع في النهاية للتفسيرات البشرية المختلفة طالما أن الوحي رفع بانتقال رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الرفيق الأعلى.
بقية القصة معروفة طبعا وخلاصتها أن الخوارج عادوا وكفروا الإمام علياً لقبوله بالتحكيم الذي أرغموه هم على القبول به، رافعين شعار ( لا حكم إلا لله ) .. وهي العبارة التي رددها الشقي ابن ملجم وهو يهم بضرب رأس الإمام علي بالسيف غيلة! ومنذ ذلك التاريخ لم تتوقف الحروب بين المسلمين بعضهم البعض.
ما يمكن استنتاجه من كل ما سبق، هو أن رفع شعار الحاكمية لا يعني الاحتكام إلى الله سبحانه وتعالى، بقدر ما يعني الاحتكام إلى من يعتقد أنه صاحب الحق الحصري في تفسير كتاب الله، مما يمنحه الحق تلقائيا، في تمثيل الإرادة الإلهية على الأرض.. وهو ما وضح الإمام علي بمنتهى الجلاء، فساده وتناقضه من خلال رده الذي كتبناه سابقا، والذي أجد أن من الضروري إعادة نقله ثانية، عل من يلتبس عليه الأمر أن يعيد حساباته مرة أخرى: (( هذا كتاب الله بين دفتي المصحف صامت لا ينطق ولكن يتكلم به الرجال )).
الخطورة الحقيقية في الأمر، أن شعار الحاكمية الإلهية يمنح الحصانة لمن يرفعه أيا كان، في حين أنه يتضمن تكفيراً صريحاً لمن لا يوافق عليه حتى ولو كان الإمام علي شخصياً..! واللجوء إلى آلية التكفير في العمل السياسي لا تعني إقصاء الآخر وحسب، ولكنها تعني هدر دمه واستباحة ماله وعرضه أيضا.
يجب أن يوضح الإخوان صراحة موقفهم من مبدأ الحاكمية.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store