Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

النهوض باللغة العربية بالتعليم بها

لا خوف على اللغة العربية فهي محفوظة بحفظ الله، الذي تعهد بحفظ القرآن الكريم، حتى لو قصّر العرب في العناية بها، ولكن الخوف على مستقبل العرب إن هم فرّطوا في العناية بها، فاللغة هوية، واللغة سيادة، ولا ه

A A
لا خوف على اللغة العربية فهي محفوظة بحفظ الله، الذي تعهد بحفظ القرآن الكريم، حتى لو قصّر العرب في العناية بها، ولكن الخوف على مستقبل العرب إن هم فرّطوا في العناية بها، فاللغة هوية، واللغة سيادة، ولا هوية أو سيادة بغير اللغة، وإذا كان قومنا العرب لا يقبلون الحقيقة إلا من شعوب الحضارة الأوروبية المهيمنة؛ فلينظروا لدول أوروبا، فقد اتفقت على كل شيء في السياسة وفي الاقتصاد إلا اللغة، فكل شعب تمسّك بلغته ولم يتنازل عنها، وبعض دول أوروبا لا يزيد تعدادها عن آلاف تقل عن أصابع اليد الواحدة، ومع ذلك لم تتنازل قيد أنملة عن لغتها، وأكبر برلمان فيه ترجمات هو البرلمان الأوروبي، وهذا الفارق الكبير بين شعوب واعية لمستقبلها وشعوب مقلّدة تنظر للقشور ولا تتعمق في مستقبلها وما يحفظ أجيالها.
لا يوجد شعب واحد في العالم (شرقه وغربه) لا يدرِّس العلوم بغير لغته إلا العرب الذين كانوا يدرسون باللغة العربية ثم انتكسوا بعد ثورات العسكر، فثاروا على اللغة، وحوّلوا تدريس العلوم من العربية إلى لغة أجنبية، مع اتفاق الشعوب أنه لم يسجل شعب نهضة علمية بغير لغته الوطنية. والمثال واضح في اليابان وكوريا والصين وألمانيا وفرنسا، فالمعرفة المتأصلة لا تكون بغير اللغة القومية وإن كابر بعض العرب، ومن يخلطون بين تعلّم اللغات والتعليم بها، وإن كابر من تعلّموا لغات أجنبية ويشكون ضعفاً في اللغة العربية يحاولون تغطيته بأن العربية ليست لغة علم، وإن كابر أيضاً من يرون أن الانفتاح على الثقافات لا يكون إلا بالتخلي عن اللغة الوطنية، وهل كوريا أو الصين منغلقة عن العالم أم هو النضوج أو التأخر في معالجة الأمور؟!
لا نهضة علمية، أو ثقافية، أو تنموية بغير اللغة الوطنية، وهذا لا يعني عدم تعلم اللغات الأخرى، فكل لغة لها إرث ثقافي، والتواصل مع ذلك لا يكفي فيه تعلم اللغة بل لابد من الترجمة، والترجمة لا تكون إلا بإجادة اللغتين لنقل العلم إلى الشعوب فلا يمكن أن يكون الشعب كله قد عرف اللغة الأجنبية.
عندما أطلقت مؤسسة الفكر العربي إعلانها «لننهض بلغتنا» وقدّمت توصيات مهمة في ذلك فقد نصحت لقومها ولمستقبل أمتها، وليس بإمكانها غير ذلك، لأن التطبيق والتمكين للغة في التعليم والحياة العامة هو بيد صاحب القرار السياسي الذي يملك القرار التربوي ومنه تعريب التعليم، واللغة قرار سيادي مثل أي قرار آخر سيادي، ومستقبل الرؤية المستقبلية بيد هذا القرار العربي، أما قرارات المؤتمرات ومجامع اللغة فهي قرارات ناصح خبير لا قرارات منفذ بيده السلطة التطبيقية.
هيمنة لغة أو حضارة أجنبية أو الانهزامية أمامها لم تلغِ الذاكرة الثقافية والحضارية عند الشعوب فهل اقتدى بها العرب؟!
قال حافظ إبراهيم على لسان اللغة العربية:
رعى الله في أرض الجزيرة أعظمًا
يعزّ عليها أن تلين قناتي
فاكس: 012389934
Ibn-Jammal@hotmail.com
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store