Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

هل لنا أن نتفاءل ؟!

هل نحن حقًا على أبواب تحول جذري في الصراع العربي - الإسرائيلي لصالح السلام؟!

A A
هل نحن حقًا على أبواب تحول جذري في الصراع العربي - الإسرائيلي لصالح السلام؟!
هناك عدة عوامل تجعل العديد من المراقبين السياسيين يشعرون بالتفاؤل.. وإن كانت هناك عوامل أخرى في الوضع الإسرائيلي الداخلي لا تُشجِّع كثيرًا على ذلك.. ولنبدأ في النظر إلى بعض من هذه العوامل السلبية.
لا يثق الإسرائيليون كثيرًا بالرئيس الفلسطيني محمود عباس، وسعوا إلى التقليل من شأنه، ولم يقبلوا به مفاوضًا عن الجانب الفلسطيني رغمًا عن كل ما قدمه لهم من أدلة على قدرته للجم الجماعات المتطرفة.. وينبع عدم تقديرهم له من حقيقة أنه قدَّم الكثير من المبادرات ليثبت للإسرائيليين أنه قادر على قيادة الجانب الفلسطيني ويملك الشجاعة لذلك.. إلا أن ما قدمه للإسرائيليين جعله في موقف ضعيف وأصبحت كل الأوراق تقريبًا التي كانت بيده محروقة، وانطلق الإسرائيليون، وخاصة اليمين الحاكم منهم، يطلقون الأوصاف عليه والعبارات عنه التي تؤكد أنه شخصية ضعيفة في نظرهم، وقال أفيغدور ليبرمان، وزير الخارجية المتطرف المستقيل إنه: «يكاد ألا يمثل سوى نفسه».
ومواصلة إسرائيل مخططاتها الاستيطانية تؤكد نيّتها المضي في الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، وتتجاهل مطالب الرأي العام الدولي التوقف عن ذلك، ولا تشير إلى أنها على استعداد للعودة إلى مائدة المفاوضات.
إلا أن الدكتور عبدالرحمن السعيد، وهو محلل سياسي قدير، كتب في صحيفة «الفايننشال تايمز» يوم الاثنين قبل الماضي (17 ديسمبر) تحليلًا متفائلًا يقول فيه: إن هناك احتمالًا بأن تتحول الهدنة الحالية بين غزة وإسرائيل إلى سلام دائم، وأن الوقت أصبح ملائمًا للوصول إلى السلام بين العرب وإسرائيل.. وأورد عدة عوامل تقود إلى هذا التفاؤل.
فهو يرى أن تردد إسرائيل القيام بغزو بري على غزة، وكذلك إيقاف إطلاق الصواريخ منها، يعد مؤشرًا على أن هناك تطورًا جديدًا.. وأن الربيع العربي، وما أنتجه، جعل من السهل على مصر التدخل لمعالجة الوضع الذي نشأ عن الهجوم الإسرائيلي على غزة وتحقيق حل له.. كما اعتبر نتائج الانتخابات الرئاسية الأمريكية والتي فاز فيها باراك أوباما بنسبة عالية من الأصوات لفترة رئاسية ثانية مؤشرًا على أن الشعب الأمريكي يؤكد رفضه بذلك طريقة معالجة المحافظين الجدد للعلاقات الدولية بما فيها النزاع العربي الإسرائيلي، مما يرفع الآمال بأن يتجه أوباما لسلوك سبيل المفاوضات بين العرب والإسرائيليين بشكل إيجابي.
ومن الواضح أن نتائج حرب غزة الأخيرة أدّت إلى بروز حماس كعامل تهدئة واعتدال ومحاور فعال، وإن كان حتى الآن عبر وسيط، مع إسرائيل.. كما أكدت العلاقة الوثيقة فيما بين نظام الإخوان المسلمين في مصر وجماعة حماس في غزة، ودفعت بقادة حماس للحديث بحميمية عن الوحدة الفلسطينية والعودة إلى كنف منظمة التحرير الفلسطينية.. يُضاف إلى ذلك ما قاله المفكر والسياسي المصري، وحيد عبدالمجيد، في إحدى القنوات التلفزيونية من أن السفيرة الأمريكية بالقاهرة وممثل الاتحاد الأوروبي فيها قاما بزيارات منفردة لقادة المعارضة بمصر وشرحا لهم أن أمريكا وأوروبا ترى أن الإخوان كحكام لمصر يمكنهم أن يساعدوا بشكل جيّد على حل القضية الفلسطينية والنزاع العربي - الإسرائيلي.
وحتى يوافق الإسرائيليون على الجلوس إلى مائدة المفاوضات والتوصل إلى حل مقبول، كما هو مبين في مبادرة العاهل السعودي والتي تبنتها القمة العربية ببيروت منذ حوالى عشر سنوات، فإن المتوقع أن يُمارس الأمريكيون نفوذهم على تل أبيب ويقنعوا الحكومة الإسرائيلية بالدخول في محادثات سلام تحت رعاية أمريكية ودولية، بعد أن يقوموا كما طالب عبدالرحمن السعيد في مقاله بالفايننشال تايمز، برفع حصارهم عن غزة وقبول المبادرة العربية لتكون إطارًا للمفاوضات القادمة.
هل لنا أن نتفاءل حقًا؟!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store