Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أين ذهب قراصنة الصومال ؟!

اختفت، أو تقلصت، الأخبار التي تتناقلها وكالات الأنباء عن عمليات القرصنة التي يقوم بها قراصنة صوماليون.. ولا يبدو أن هناك نشاط محتمل واضح لتصعيد القرصنة..

A A
اختفت، أو تقلصت، الأخبار التي تتناقلها وكالات الأنباء عن عمليات القرصنة التي يقوم بها قراصنة صوماليون.. ولا يبدو أن هناك نشاط محتمل واضح لتصعيد القرصنة.. إذ أوقف الممولون لهذا النشاط تمويلهم، وتحول القراصنة المحتملون إلى مجالسة بعضهم البعض في مجالس القات داخل الصومال، وليس على متن القوارب كما كانت الحال في السابق.
وكان يمكن أن يؤدي قيام حكومة فعالة في الصومال، عبر ممارستها السيطرة على البلاد، إلى اختفاء ظاهرة القرصنة، لكن المجتمع الدولي لازال يمارس لعبة تجربة الحلول السياسية بأشكال مختلفة بدون وضع الأدوات المادية والدعم المعنوي للحكومات التي توالت على مقديشو.. فما هو سر عمليات القرصنة الصومالية المتقلصة؟!
التكلفة التي تسببت فيها عمليات القرصنة كانت عالية، وهددت البحار الواقعة ما بين خليج عدن وسواحل الهند بعدم الاستقرار، وجرى الاستيلاء في هذه البحار على العديد من السفن والرهائن، بحارة وركاب السفن المختطفة، من جنسيات متعددة، مما استدعى تحرك دولي أدى إلى أن تجوب البحار قريبًا من الصومال أساطيل بحرية دولية تنتمي إلى الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو والبحرية السعودية والصينية والهندية واليابانية والإيرانية والروسية.. بصلاحيات واسعة، وتلتقي قيادات هذه الأساطيل أربع مرات في السنة للبحث في التكتيك المتبع والاستفادة من المعلومات الاستخبارية التي توفرها طائرات المراقبة والأجهزة الاستخبارية الأخرى.
هذا الاستنفار البحري العسكري تسلح بقرارات دولية أتاحت له ردع القراصنة من التحرك، كما أن مجلس الأمن أجاز قرارًا يعطي الحق لقوات أي بلد في ملاحقة القراصنة حتى داخل الأراضي الصومالية.. بالإضافة إلى أنه جرى تزويد السفن برجال أمن مسلحين وإعدادها بشكل أفضل لأي محاولة قرصنة.
الإجراءات الاحترازية والعقابية أدت إلى تقليص عمليات القرصنة، وانخفض عدد السفن المحتجزة لدى القراصنة على الساحل الصومالي من (33) سفينة و(758) رهينة بداية العام الماضي (2011) إلى تسع سفن و(154) رهينة حتى نهاية شهر أكتوبر العام (2012)، ومعظمها سفن ورهائن لا يتجاوب مالكو السفن مع طلبات القراصنة بشأنها.. وحسب ما ذكره قائد عمليات القوة البحرية للاتحاد الأوروبي، الأدميرال دنكان بوتس، فإن النموذج التجاري لعمليات القرصنة الصومالية جرى تحطيمه وأصبحت مخاطر القرصنة أعلى من مردودها.. وأشار إلى أن هذا العام 2012 شهد (31) محاولة فقط للاستيلاء على سفن نجح القراصنة في السيطرة على خمس فقط من السفن التي هاجموها، مقابل (151) محاولة للقراصنة العام الذي قبله (2011) نجحوا عبرها في الاستيلاء على 25 سفينة.
العبرة من كل ذلك أن الصومال تركت فريسة سهلة للعابثين بها من الداخل، والطامعين فيها من الخارج.. وتحولت البلاد إلى منطقة تجارب لمختلف الأفكار والسيناريوهات السياسية، التي يمكن تطبيقها على القارة الإفريقية والدول الإسلامية.. ونشاهد عجزًا كبيرًا للدول العربية، وكذلك الإسلامية، في توحيد جهودها لإنقاذ البلاد من العبث الذي يمارسه القراصنة والمراهقون السياسيون وتجار السياسة والحروب ومن التدخلات الأجنبية التي لم تؤد حتى الآن إلا إلى تعميق معاناة الشعب الصومالي، واستمرار عدم الاستقرار الذي يعاني منه.. ويغفل العرب والأفارقة عن حقيقة أن العبث في الصومال هو نموذج سوف يتكرر في أكثر من بلد لصالح قوى كبرى تسعى لتحقيق مصالحها على المدى البعيد بأساليب جديدة.. وبينما القرصنة الصومالية في طريقها للاختفاء.. إلا أن التجربة الصومالية تستحق أن يلتفت إليها ويدرسها من يعيشون غير بعيد عن أراضي الصومال وحدودها، لأنها تجربة قد تستهدفهم أو تستهدف جارًا لهم.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store