Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الإخوان والسادات: التحالف الذي غيّر وجه المنطقة

هناك فارق كبير بين تديين السياسة وتسييس الدين.

A A
هناك فارق كبير بين تديين السياسة وتسييس الدين.
تديين السياسة يعني استلهام قيم الدين ومبادئه التأسيسية لإقرار العدل والمساواة. أما تسييس الدين فيعني العمل على البحث عن مبرر ديني لكل قرار أو نهج أو خطة يسير السياسي بوحي من هديها. وهو ما يتم عن طريق لي ذراع النصوص الدينية لتصبح ذات دلالات مفصلة خصيصاً لخدمة هدف السياسي ودعم موقفه إزاء خصومه.
الخطير في هذا النهج الذي تسير عليه كل جماعات الإسلام السياسي مهما اختلفت مسمياتها، هو توظيف الدين أو النصوص الدينية لمنح المشروع السياسي غطاء شرعيا.. أي منح الأولوية لما هو سياسي على حساب ما هو ديني، وحصر دور الدين في الدعاية والتبرير والدعم، وليس في التأسيس والتأطير والاستلهام.
ظاهرة تسييس الدين هذه ظهرت لأول مرة في مصر عندما تحالف الرئيس الأسبق أنور السادات مع جماعة الإخوان المسلمين لتحقيق عدد من الأهداف الاستراتيجية، أولها: إقرار النظام الرأسمالي في البلاد، ورهن مقدرات الوطن لقوى الهيمنة العالمية وأدواتها المتمثلة في البنك الدولي وصندوق النقد الدولي. ولقد تم تسويق هذه الرؤية الساداتية في إطار إسلامي جعل من احترام الدين للملكية الفردية، منطلقا له. في الوقت الذي تجاهل فيه من استخدم هذا التبرير، كل إشارة وردت ضمن النصوص المقدسة، تفيد بإعلاء قيمة العدالة الاجتماعية وتحض المجتمع المؤمن على تحري السبل المؤدية إلى تطبيقها!
ثاني أهداف التحالف الذي جمع بين السادات والإخوان، تمثل في العمل على فك الارتباط مع الاتحاد السوفييتي وتحويل مصر إلى أداة يستخدمها المشروع الأمريكي في حربه الباردة ضد المعسكر الشيوعي.. وقد تم تسويق ذلك أيضا تحت لافتات دينية، حيث شن رجال الدين المنتمون لتنظيم الإخوان، حملة شعواء ضد الاتحاد السوفييتي بصفته الدولة المصدرة لقيم الإلحاد. وهو ما ساهم في منح التقارب المصري الأمريكي في ذلك الوقت، صبغة دينية، رغم عدم وجود علاقة بين الدين وبين ذلك التقارب الذي كان يهدف إلى إعادة رسم خارطة التحالفات بما يخدم مصالح أمريكا في المنطقة.
أما ثالث أهداف التحالف الساداتي الإخواني فتمثل في سعي السادات لعقد اتفاقية سلام مجحفة مع العدو الإسرائيلي، وعزل مصر عن محيطها العربي، وخروجها من دائرة الصراع، وتخليها عن التزاماتها فيما يخص القضية الفلسطينية.. ورغم صغر سني في تلك الفترة فإنني ما زلت أذكر اللافتات التي وضعها نظام السادات في معظم شوارع القاهرة خلال تلك الفترة، والتي كتبت عليها الآية القرآنية الكريمة: ((وإن جنحوا للسلم فاجنح لها)).
لكن الخلافات سرعان ما بدأت في الظهور بين طرفي التحالف بعد أن استفاد السادات من مساعدة الإخوان العظيمة في تحقيق كل ما سبق من أهداف، ثم تخليه عنهم وإصراره على عدم منحهم ولو جزءا صغيرا من كعكة السلطة. وهو ما أدى في آخر الأمر إلى اعتقال قيادات الإخوان إضافة لباقي رموز وقادة التيارات الأخرى، ثم اغتيال السادات في نهاية المطاف.
إنها صفحة من تاريخ الإخوان لا يتم الحديث عنها كثيرا.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store