يوجد لدينا ثلاث مدن رئيسة مرشحة لتصبح -بعد عشر سنوات تقريبًا- مدنا عملاقة (Mega cities)، حيث من المتوقع أن يصل عدد سكان كل منها عشرة ملايين نسمة، وهي العاصمة الرياض، وجدة، والدمام.
عدد السكان يعد المعيار الرئيس، لذلك (Mega city) المصطلح المتفق عليه دوليًا بكل ما تتطلبه المدن العملاقة من خدمات وسكن ووسائل حياة وتعامل حضري.
وبما أن تجربتنا حديثة عهد بمقياس من سبقنا في تجربة المدن العملاقة مثل لندن وباريس وغيرها.. فنحن بحاجة ماسة لرصد معدلات النمو في مدننا الكبرى بدقة لمعرفة الاحتياجات المستقبلية من الماء والكهرباء والمدارس والمصحات والقوى البشرية من أفراد أمن وعمال نظافة وغير ذلك من متطلبات أي مدينة ومحافظة، والمعضلة المقلقة التي تعاني منها المدن الكبرى -في الوقت الحالي- وستزداد حدتها وتعقيداتها إذا لم نبدأ عاجلًا في وضع حلول مدروسة لها موضوع النقل العام، حيث لا يوجد لدينا شبكة مترو.. ولا أتوبيسات منتظمة.. كما هو الحال في مدن العالم الشبيهة.. والاعتماد كليًا على المركبات الفردية وسيارات الأجرة فقط.. ولذلك نجد الزحام المرهق والمكلف والخطر يخنق حركة السير في المدن الرئيسة، ويعطل مصالح المواطنين، ويؤثر على الاقتصاد ككل.. ومن يعيش في جدة والرياض والدمام يُدرك مدى المعاناة من أزمة الزحام المتزايدة باستمرار.
الأحياء العشوائية التي كثر الحديث عنها تشكّلت بسبب الضغط السكاني، ونتيجة قصور متراكم في التخطيط حتى أصبحت تلك الأحياء عبئا ثقيلا على المدن الرئيسة في كل جوانب متطلبات الحياة، وينبغي البت في معالجتها بجدية، وفي أسرع وقت ممكن خوفًا من أي تراجع اقتصادي أو شح في الموارد وتضاعف التكاليف.
البنية التحتية تئن تحت وطأة التوسع العمراني وازدياد عدد السكان، والتباطؤ في الاستجابة لتلك التحديات بحلول عملية، وكأن الجهات المعنية مُصرِّة على عدم الاكتراث بكل ما يُقال ويُكتب عن ضعف مستوى الخدمات، وفي اعتقادي أن السبب مصدره الترهل الإداري الموجود لدى بعض الجهات، والذي يتطلب هيكلة تنظيمية جادة تشمل بعض العناصر غير المنتجة بالإحالة إلى التقاعد المبكر، أو النقل إلى مواقع أخرى وإحلال دماء جديدة تستطيع التعامل مع التقنية الحديثة، ويكون لها طموح في تحقيق إنجازات تبرز قدراتها وتطلعاتها لما ينبغي أن يكون عليه الفعل الإداري الإبداعي في الوطن بصفة عامة، مع وضع آليات جديدة لمحاسبة المقصر، ومكافأة المجتهد من واقع النتائج في كل قطاع.
هناك من يرى تحقيق الحلول باجتثاث الأحياء الشعبية (العشوائية) بالكامل، وإنشاء أحياء حديثة تستجيب لمتطلبات السكن العصري.. وهناك من يُقاوم ذلك التوجه تخوفًا من فقد حق الملكية، وعدم الحصول على سكن مناسب!. وفي دوامة هذا الجدل تزداد معاناة تلك الأحياء من نقص الخدمات وتزايد أعداد السكان.. والواقع أنه لا يوجد حل بدون أعباء مادية وتضحيات.. وقد يكون من المستحسن البدء بتنظيف تلك الأحياء من العمالة المتسيبة والمقيمة بشكل غير نظامي، ومن أوكار الفساد أينما وجدت، حيث إن هناك زعما أن البعض منها تقطن تلك الأحياء.. وبعد ذلك يتم إعادة النظر في تخطيط تلك الأحياء والإبقاء على الطابع العمراني محافظة على بعض المزايا التي لها علاقة بتاريخ تلك الأحياء وفترات نموها، لأن اجتثاثها بالكامل يضيع المعالم ويفقد المدينة بعض مزاياها التاريخية.
ومن واقع الحال يرى المراقب أن بعض أمانات المدن تركز على بعض الأحياء وتنسى البعض الآخر.. في جدة -مثلا- نرى تركيزا مكثفا وبشكل مستمر على الأحياء الشمالية، وترك الوسط والجنوب والشرق.. أما الواجهة البحرية فأصبحت مصبا للمياه الملوثةّ مع أنها لم تُحرم من التحسينات المستمرة، ولكن إساءة الاستخدام وقلّة الصيانة سرعان ما تقضي على بريقها!.
وإذا كانت الأسباب ناجمة عن قصور في الاعتمادات المالية فإن الحاجة ملحة لعمل حصر لدخل كل مدينة من المدن الثلاث الكبرى على حدة حتى يتضح أسباب تآكل البنية التحتية وعدم وجود الاعتمادات المالية لتحسينها.
إن العبء الأكبر في مواجهة تحديات المدن الكبرى يقع على عاتق وزارة الشؤون البلدية والقروية وتخطيط المدن، وهي مطالبة بالاستجابة لتوجيهات خادم الحرمين الشريفين -أطال الله في عمره ومتعه بالصحة والعافية- التي أطلقها مع صدور موازنة 1434/1435هـ وحمّل المسؤولية للوزراء كل فيما يخصه.. فهل نرى التطوير المنشود لمدننا في القريب العاجل..؟!.
مستقبل المدن الكبرى إلى أين؟!
تاريخ النشر: 10 يناير 2013 00:48 KSA
يوجد لدينا ثلاث مدن رئيسة مرشحة لتصبح -بعد عشر سنوات تقريبًا- مدنا عملاقة (Mega cities)، حيث من المتوقع أن يصل عدد سكان كل منها عشرة ملايين نسمة، وهي العاصمة الرياض، وجدة، والدمام.
A A