Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

تركيا.. بين الخلفية العثمانية والاستغراب الأتاتوركي

يقوم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان منذ سنوات، بمغازلة الوجدان العربي والإسلامي، محاولًا تقديم نفسه كوريث للإمبراطورية العثمانية التي كانت منذ تأسيسها إلى هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، تتع

A A

يقوم رئيس الوزراء التركي رجب طيب أردوغان منذ سنوات، بمغازلة الوجدان العربي والإسلامي، محاولًا تقديم نفسه كوريث للإمبراطورية العثمانية التي كانت منذ تأسيسها إلى هزيمتها في الحرب العالمية الأولى، تتعامل مع الغرب من موقع الند للند.
هذا الإطار الذي يصر أردوغان على وضع صورته وصورة بلاده داخله، سيبقى مجرد وسيلة لتسويق دور تركيا الجديد في المنطقة، ما لم يعمل الأتراك على تجاوز التصريحات إلى الأفعال فيما يخص علاقتهم بالكيان الإسرائيلي وبالمنظومة الغربية عمومًا.
تركيا التي تقدم نفسها باعتبارها حاملة لواء توحيد المسلمين ووريثة الإمبراطورية العثمانية، هي عضو فاعل ضمن حلف شمال الأطلسي، (النيتو).. وما إمداد الحلف لتركيا بمنظومة الصواريخ المضادة للصواريخ (باتريوت) إلا دليل على مكانة تركيا المتميزة ضمن هذا الحلف الغربي الذي يسعى لتكريس الهيمنة الغربية على أكبر حيز ممكن من رقعة العالم.
تركيا أيضا ورغم خطابها غير المهادن لإسرائيل في العلن، هي واحدة من أكثر دول العالم التي ترتبط بشراكة تجارية وعلاقات اقتصادية متميزة بالكيان الصهيوني. وهو ما تجسد على الأرض من خلال الارتفاع الكبير الذي شهده حجم التبادل التجاري بين الطرفين في العام ٢٠١٢ قياسًا إلى العام ٢٠١١، حيث بلغ حجم التبادل التجاري أربعة مليارات دولار بزيادة تقدر بمليار دولار عن الرقم الذي وصل إليه حجم التبادل في العام ٢٠١١.
الحقائق السابق ذكرها تؤكد أن دور تركيا الجديد في المنطقة لا علاقة له بالخطاب المعلن من قبل حزب العدالة والتنمية. كما أنه يؤكد ارتباط الدور التركي بالمصالح الاستراتيجية الغربية في المنطقة.
لقد حاول الأتراك بالتنسيق مع حلفائهم الأمريكيين، استغلال حالة الفراغ السياسي والاستراتيجي في المنطقة منذ أن فقد نظام حسني مبارك أية مصداقية له على الصعيدين الوطني والقومي. ولقد كان من الطبيعي عقب الانتفاضات العربية التي أسقطت بعض الأنظمة وفي مقدمتها النظام المصري السابق، أن تتعمق حالة الفراغ على الساحة العربية، مما سمح لتركيا بممارسة دور الوصي على كثير من الدول العربية.. وهو ما تؤكده الوقائع على الأرض في كل من مصر وسوريا والعراق.
إن دور تركيا التي عادت للانفتاح على محيطها الاستراتيجي في العالمين العربي والإسلامي، يعبر عن طموحات الأتراك في استعادة السيطرة على المنطقة دون فض علاقة الشراكة والتحالف الاستراتيجي مع الغرب. وهذه الطموحات تجمع بين أسوأ ما في الدولة العثمانية والدولة القومية الحديثة التي نشأت على يد كمال أتاتورك.
لن تستطيع تركيا أن ترث الدور المصري في الوطن العربي.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store