تعيش المرأة السعودية حقبة نوعية في تاريخها الحديث جراء المكاسب التي بدأت تُحققها على أرض المشاركة في صناعة القرار الوطني في كل الاتجاهات ، بعد أن غُيِّبت في الماضي وأُختزل دورها في إطار ضيِّق لا يتجاوز أسوار المنزل الذي أسقط عليه في غفلة من الزمن مسمى : مملكة المرأة ، لكي يطمئن قلبها وتحاول في مملكتها المُصطنعة ممارسة صلاحيتها التي تصطدم بدستور « سي السيد « المُتقلب باستمرار تبعاً لتبدل مزاجه ؛ لتفيق من سباتها الوردي على واقع مؤلم لا تملك فيه سوى الانصياع بالإكراه للتعليمات غير القابلة للمناقشة من قبل « سي السيد « ، الأمر الذي أدى إلى تعطيل نصف المجتمع ، وضياع الكثير من الكوادر النسائية التي تمتلك كماً لا يُستهان به من القدرات الكامنة متى ما أُعطيت الفرصة فإنها ستُثبت جدارتها في أنها مؤهلة نظير ما تلقته من علوم ومعارف جعلت منها عقلية منتجة أكثر منها مستهلِكة .
إن دخول المرأة لمعترك العمل البرلماني بداية قوية لإثبات ذاتها وتغيير الصورة الذهنية النمطية التي رسمها البعض عن عدم قدرتها على القيام بمثل هذه الأدوار ، مُغلِّفين دعواهم ببعض الآراء التي لا تستند على منطق مُقنع ، بقدر ما تتوقف عند بعض النصوص المتواترة إليهم لمُجتهدين – نُجلَّ علمهم – ولكن لسنا مجبورين باتباع ما توصلوا إليه لأن مُتغيِّر الزمن يلعب دوراً مهماً في ديمومة الرأي أو توقفه لعدم المواءمة لا أكثر ، مما أحدث فجوة بين واقع يحتاج للتجديد دون المساس بالثوابت ، وبين تشدد يرفض التطوير بحجة أن تطبيق مثل هذه الإجراءات لا يعدو كونه نتيجة لضغوط تستهدف تغريب المجتمع ، وفسخاً لحيائه وهدماً لقيمه العُليا ، في الوقت الذي لا يُمكن لعاقل أن يُساهم في تحقيق هذه المآرب لأي كائن من كان ؛ فالمصالح العُليا للوطن بُنيت على تعاليم الدين الإسلامي الذي هو في الأصل منهج للحياة ، وليس طقوساً كهنوتية تُمارس بعيداً عن الواقع ، فتؤمن ببعض وتكفر ببعض .
أجزم أن القرار التأريخي الذي أصدره خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز – يحفظه الله – ونص على دخول المرأة إلى مجلس الشورى كعضو فاعل له كامل الأهلية بعد أن كانت في دورات سابقة مجرد مراقب يُعد واحداً من القرارات المفصلية في عملية الإصلاح التي تبناها وتحمَّل تداعياتها وبدأها منذ أن تولى مقاليد الحكم وفق خطة زمنية تتواءم ومُقتضيات الحال ، وتبتعد عن الانسياق وراء الدعوات غير الممنهجة ، والدليل على ذلك أن مصفوفة القرارات في هذا السياق جاءت متوالية بشكل احترافي لم تُحدث نوعاً من الخلل في توازن القوى في المجتمع ، بقدر ما كان الترحيب بها هو المُسيطر في كافة الدوائر الرسمية والشعبية .
ماذا بقي قوله - على حد تعبير الصديق اليميني أحمد العرفج - بقي بعد هذه المُكتسبات التنظيمية للمرأة السعودية أن تكون عند مستوى المسئولية الملقاة على عاتقها ؛ إذ يقع العبء الكامل في مستقبل الأيام على الدور المأمول منها والمتمركز على الفعل الإيجابي لحراكها في تسريع عجلة التنمية في المجالات المتعلقة بشئون بنات جنسها ، بل وتجاوزه إلى المشاركة الفاعلة في كافة المسارات التي ترى أن رؤيتها ستُحقق خدمة لصالح الوطن ، وأتمنى على حواء عدم الالتفات إلى التهييج الإعلامي الذي متى ما ارتهنت إليه فإنه سيؤثر سلباً على حضورها ، والمتمثل في بروز بعض النداءات في مواصلة منحها المزيد من الحقوق - فمع وجاهة المطلب من حيث المبدأ - إلا أنه سابق لأوانه ، فالنجاح وإثبات الذات في العمل البرلماني في الوقت الراهن هو بوابة حصولها على بقية طموحاتها المستقبلية.
حواء تحت قبة الشورى
تاريخ النشر: 20 يناير 2013 03:57 KSA
تعيش المرأة السعودية حقبة نوعية في تاريخها الحديث جراء المكاسب التي بدأت تُحققها على أرض المشاركة في صناعة القرار الوطني في كل الاتجاهات ، بعد أن غُيِّبت في الماضي وأُختزل دورها في إطار ضيِّق لا يتجاو
A A