Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

من ينقذ سوريا ؟!

تتزايد المؤشرات يوماً عن يوم منذرة بمصير مأساوي للثورة السورية.. فالحماس الذي أظهره المجتمع الدولي عندما تفجرت الثورة بدأ يخبو.. والحديث عن الدعم المالي واللوجستي لم يزد عن أن يكون كلاماً في كلام..

A A
تتزايد المؤشرات يوماً عن يوم منذرة بمصير مأساوي للثورة السورية.. فالحماس الذي أظهره المجتمع الدولي عندما تفجرت الثورة بدأ يخبو.. والحديث عن الدعم المالي واللوجستي لم يزد عن أن يكون كلاماً في كلام.. ولا تستطيع الثورة السورية، أو أي ثورة أخرى، النجاح في مواجهة خصم مدجج بالسلاح وتنهمر عليه الأموال من أكثر من طرف، أبرزها طهران، ما لم يتوفر لها دعم مماثل، في النوع وليس في الكم، يمكنها من الصمود والنجاح.
فما الذي حدث؟!
يبدو أن أمريكا، وهي الدولة الكبرى التي تحرك المجتمع الدولي، اكتشفت كما تقول بعض التقارير الصحفية أن المجموعة التي يمكن أن تتولى السلطة بعد الأسد لن تكون جماعة إسلامية معتدلة مثل الإخوان المسلمين، بل جماعات جهادية متطرفة ربما تحول سوريا إلى قاعدة للانطلاق في عمليات جهادية ضد أوروبا وأمريكا.. ولذا فإنها تراجعت عن المضي قدماً في مساعدة الثوار على إسقاط نظام الأسد، وفضلت الدخول في سياسة جديدة، تؤيدها إسرائيل، تعتمد على إبقاء الثورة قائمة في حدود ضيقه واحتواء سوريا بحيث تكون مخاطر وضعها غير المستقر قليلة بالنسبة لجيرانها.
أسوأ ما يحدث الآن في سوريا أن المعارك فيها تتحول إلى معارك طائفية، فالأكراد استقلوا عملياً بمنطقتهم ومنعوا المقاتلين من دخولها، والشيعة الذين أعلن بعضهم على الإنترنت تشكيل «لواء أبوالفضل العباس» لحماية مقام السيدة زينب تقاطروا على سوريا من حزب الله اللبناني إلى الجماعات العراقية الشيعية المقاتلة التي تستعين بها المخابرات الإيرانية إلى الطائفة العلوية السورية ليقفوا في وجه المقاتلين السنة الذين التحق بهم مجاهدون من بلدان عدة، مثل إندونيسيا والصين ومصر وليبيا والعراق، توزعوا فيما بين الحركات الجهادية ابتداءً من الجيش الحر مروراً بلواء الإسلام وكتيبة الأنصار وأحرار الشام وجبهة النصرة وغيرها.
أمريكا وإسرائيل حذرت نظام الأسد من استخدام الأسلحة الكيماوية ضد مواطنيه، ثم تحدثت أجهزة الإعلام فيهما عن احتمال سقوط الأسلحة الكيماوية التي تشكل خطراً على إسرائيل بين يدي جماعات جهادية. وهي نغمة كان يطلقها بشار الأسد، الذي لم يتوقف عن وصف الثوار بأنهم جماعات إرهابية جهادية، سوف تستخدم سوريا لخدمة القاعدة ورسالتها الإرهابية العالمية.
مشكلة الثورة السورية أن إدارة أوباما، وخاصة الجديدة في دورته الرئاسية الثانية، هي أقرب ميلاً إلى اليسار، وربما ينعكس هذا الميل إلى محاولة تبرير التفاهم والالتقاء مع أنظمة الحكم اليسارية الديكتاتورية في مختلف أنحاء العالم.. بالإضافة إلى أنها إدارة تتجنب المغامرة، وهو ما أكدته حين وجهت اللوم إلى الرئيس الفرنسي ساركوزي عندما انطلق في عمليته العسكرية لإسقاط القذافي واتهمته بالتسرع واكتفت بالقيادة من الخلف، حسب وصف وزيرة الخارجية هيلاري كلينتون، وتكرر الأمر الآن في موضوع فرنسا ومالي، إذ ترفض إدارة أوباما تقديم دعم للمغامرة الفرنسية في مالي بينما يقول الفرنسيون أنهم تلقوا تأكيدات من الأمريكيين قبل دخولهم مالي بأن أمريكا ستقدم الدعم لهم.. ورفض البيت الأبيض حتى الآن تقديم طائرات محملة بالوقود لتزويد الطائرات الفرنسية بها في الجو واكتفوا بإرسال طائرتين لنقل المعدات والجنود تعطلت إحداهما في فرنسا قبل استخدامها واشترطوا أن يكون ذلك لوقت محدود أيضاً.
ما يواجه المنطقة بكاملها احتمال حدوث تغيير في السياسة الأمريكية تجاه الشرق الأوسط.. فهل سيستخدم الأمريكيون الثورة السورية كبش فداء يقدمونه للإيرانيين مقابل تفاهم حول قضية السلاح النووي الإيراني؟! أم أن سوريا ستكون محطة أخرى بعد العراق في تقسيم البلاد على أساس طائفي وعرقي؟! أسئلة مقلقة تبحث عن إجابات، إلا أن الأكثر وضوحاً هو أن الأسد سيحتفل، على الأرجح، برأس السنة القادمة وهو على رأس حكومة ما في سوريا.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store