Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

لماذا انهارت البنية التحتية في تبوك ؟!

من أهم المشكلات التي واجهت إنشاء خط حديد الحجاز (الذي بدأ عام 1900م وفُعّل عام 1908م) مشكلة التربة التي سيمرّ بها القطار في الحجاز من تبوك وما بعدها فمنها الصلب، ومنها الليّن، ومنها الصخري، ومنها الوع

A A
من أهم المشكلات التي واجهت إنشاء خط حديد الحجاز (الذي بدأ عام 1900م وفُعّل عام 1908م) مشكلة التربة التي سيمرّ بها القطار في الحجاز من تبوك وما بعدها فمنها الصلب، ومنها الليّن، ومنها الصخري، ومنها الوعر، ومن أهمها الأمطار التي كانت من أهم العوائق التي أدى بعضها أثناء الإنشاء إلى انهيار الجسور التي كانت قيد الإنجاز، ولكن خبرة الخبراء تعاملت مع تلك البيئة بما مكّن من بناء مئات الجسور والأنفاق التي بقيت صامدة عشرات السنين، ومازال بعضها، وحتى ما أزيل منها لم يكن بفعل السيول، بل بسبب الإهمال في الصيانة أو الإزالة المتعمدة، ومن أهم أسباب ذلك الصمود هو دراسة طبيعة التربة في الأودية والجبال، وتناسُب فتحات العبارات والجسور في الأودية والجبال مع كمية المياه المنحدرة، والتفريق بين سرعة الانحدار في الجبال وفي الأودية، ومن أجاد في العمل حصل على نتائج عالية الجودة.
هذه المقدمة لبيان أن التخطيط السليم والتصميم الملائم سيصمد أمام الكوارث، وإذا حدثت سيول مدمرة فإن آثارها ستكون محدودة، وسرعة الإصلاح ممكنة في زمن مناسب، ولم يكن ذلك الزمن كزماننا الذي فيه الإمكانيات المالية والمعدات الثقيلة.
ولو صممت البنية التحتية في تبوك بدقة وبجودة عالية في المواصفات والتنفيذ لكانت الأضرار محدودة، ولما كانت هذه الفاجعة للمواطنين فلا عذر بأن ذلك من الكوارث.
والفساد الإداري ليس محصوراً في المال وحده بل يكون في غيره كالإخلال بدقة التصميم، وبسلامة التنفيذ، وبأمانة المشرف والمنفذ للمشروع، وإن كان المال هو رأس السمكة الذي يبدأ الفساد منه، ومن ذلك أن يسند تنفيذ المشروع إلى شركة محدودة الإمكانيات، وكل ما أهّلها أنها قدمت العرض الأقل، وفي مقابل ذلك ستنخفض جودة التنفيذ، وذلك من الفساد.
الأودية في تبوك معروفة مشهورة إن لم يعرفها مهندسو الطرق ومنفذو المخططات السكنية فليرجعوا إلى كتب الجغرافيا وكتب رحلات الحج وإلى كبار السن وأهل المنطقة الذين يعرفون فحولة هذه الأودية وأن سيلها لن يجامل عبّارة دون قوته، ولا جسراً أقل من تدفقه، ولا بيوتاً سكنية نُثرت في مجراه، أو ضُيّق عليه لينحرف إليها وإن لم تكن في مجراه.
لقد نزل البلاء بأهل تبوك كما نزل بأهل جدة من قبل، بسبب عدم درء أخطار السيول، وإن لم يهلك من السكان إلا طفل عوّض الله أهله خيراً، فإن الخسائر كبيرة في الممتلكات، أو في تشريد السكان، وفيما صرف من المال العام، وفي تعطل الدراسة، وكل ذلك سببه التخطيط السيئ لمجاري الأودية، وسوء تصريف السيول، وإنه لمن السوء أن ترى مياه الأمطار تشفط بالصهاريج (الوايتات) عند سقوط الأمطار.
الفساد في تبوك لم يطل برأسه، بل حسرها بلا أي غطاء، فهل نرى من هيئة مكافحة الفساد إشهاراً صريحاً ترفعه لولي الأمر الذي أصدر أوامره برصد الأموال وإنفاذ المشروعات، فلما جاء السيل جعلها عديمة الفائدة، ولحقت الأضرار بالسكان، مما كان هدراً للمال، وإضراراًً للوطن، نرجو ذلك، فالآن توجد هيئة لم تكن موجودة عند كارثة جدة.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store