Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

مصر: الحل بيد الرئيس لا الجيش

غريب أمر النظام الجديد في مصر.. وأغرب منه موقف جماعة الإخوان المسلمين.. فهم يعيشون حالة من الإنكار المتواصل، إنكار للذات (أي الأفعال التي يقومون بها) وإنكار لما يجري حولهم..

A A
غريب أمر النظام الجديد في مصر.. وأغرب منه موقف جماعة الإخوان المسلمين.. فهم يعيشون حالة من الإنكار المتواصل، إنكار للذات (أي الأفعال التي يقومون بها) وإنكار لما يجري حولهم.. فمن كان يتصور أن ذلك المواطن المصري البسيط، محمد صابر، الذي جرت تعريته وسحله ورفسه أمام شاشات التلفزيون على أيدي رجال الأمن وغير بعيد عن القصر الرئاسي وعلى مرأى من ملايين المشاهدين، يظهر تحقيق النائب العام المصري أنه اعترف له بأن الذين قاموا بتعريته وسحله وضربه هم المحتجون.
هناك إصرار من قبل بعض من يظهرون على شاشات القنوات التلفزيونية التابعة لبعض حركات الإسلام السياسي على أن الذين يتظاهرون في الشوارع هم شرذمة صغيره من الناس وبلطجية وليس لهم أي تأثير يذكر، في الوقت الذي يتساقط فيه العشرات ما بين قتلى وجرحى، وتمتد المظاهرات المناوئة للنظام القائم في أنحاء عدة من مصر.. ويصر الإخوان المسلمون على أنهم استولوا على السلطة عبر صناديق الاقتراع وأن الرئيس جرى انتخابه بطريقة ديمقراطية، وبالتالي فلا داعي للاهتمام بالدعوات القائمة لإسقاط نظام الإخوان.
ولا شك أننا يجب أن نتفق مع من يُطالبون بأن يكون التظاهر سلميًا، وأن يبتعد المتظاهرون عن أعمال الشغب، ولكن هذا لا يُعطى الحق لرجال الأمن أو غيرهم إطلاق النار على المتظاهرين وقتلهم أو الاعتداء عليهم بالضرب.. والأسوأ من ذلك أن يقول كثير من رجال الأمن على شاشات التلفزيون أنه لم يتم تزويدهم بأي سلاح للدفاع عن أنفسهم، وأن الضحايا منهم بلغوا خلال أحداث الثورة وحتى الآن حوالى المائة قتيل، ورغمًا عن أنهم غير مسلحين فإن العشرات من المتظاهرين سقطوا قتلى وجرحى نتيجة لإطلاق النار عليهم، الأمر الذي أدى إلى انتشار الشائعات حول نزول ميلشيا مسلحة تابعة لجماعة الإخوان المسلمين أطلق عليها مسمى (الفرقة 19) وأنها هي التي تطلق النار على المتظاهرين.
هناك قناعة لدى الإخوان المسلمين ومن يواليهم بأن هناك مؤامرة تستهدف إسقاط حكمهم.. ومثل هذا الأمر صحيح بناءً على أنه يوجد من لا يرغب في حكم الإخوان وسيتآمر عليه، بالإضافة إلى أنه لا يوجد نظام حكم في العالم لا يكون هناك من يسعون إلى إسقاطه والتآمر عليه (الليبراليون وإدارة أوباما كانوا يتهمون دائماً وول ستريت ورجال الأعمال بالتآمر عليهم لإفشالهم وتبديد فرصة أوباما وجماعته للعودة لفترة رئاسية ثانية).. ولكن الإحساس بأن هناك من يتآمر على نظام الإخوان يجب ألا يؤدي إلى تقوقع النظام ضمن جماعته ورفض القبول بأن عليه السعي لإدخال إصلاحات لتحقيق الاستقرار للمواطن المصري.
البعض يغضب من الكُتَّاب الذين ينتقدون الإخوان، ويعتبر هذا عداءً لهم.. في حين أن انتقاد الإخوان ليس انتقادًا لحركة دعوية وإنما لحركة سياسية وحاكمة، والحاكم دوره القيادة وعليه أن يخرج للناس بحلول لا أن يلوم الآخرين.. ولدى الحاكم من الأدوات التي لا تتوفر لأي جهة معارضة أخرى.. وفي ظل النظام الديمقراطي الذي أخذ الإسلام السياسي يتغنى به مؤخرًا يكون دور الحزب الحاكم هو إدارة الدولة بينما تسعى القوى المعارضة إسقاط النظام القائم وحزبه.
الحلول اليوم تختلف.. البلد في مرحلة ثورية انتقالية تتطلب جهودًا مشتركة من الحزب الحاكم والمعارضة التي شاركت في صنع الثورة للانتقال بالبلد إلى مرحلة الاستقرار.. ولا يمكن الادعاء بأن الصناديق أعطت مرسي وحزب الأغلبية لتحكم منفردة.. فالرئيس يجب أن يكون في موقع القائد الأب للجميع.. أما الحكومة فلا تكون على الأقل في هذه المرحلة، حكرًا على الحزب الواحد.. بل لا بد من أن تقوم حكومة وحدة وطنية تساعد على الانتقال من الحالة الثورية الحالية إلى حالة أكثر استقرارًا.
المعضلة التي تواجهها مصر هي انشقاق كبير للوطن تسببت فيه سياسات خاطئة.. أكانت حينما تتخذ القرارات ثم يتم التراجع عنها، أو الآن حيث لا يجري تعديل مسار أي قرار مهما كان خاطئًا ومعيبًا.. وفي ظل هذا الوضع الذي يتسم فيه موقف الحزب الحاكم بالعناد وإنكار ارتكابه أي خطأ بينما تعيش البلد في غليان كبير نخشى أن يسعى الجيش إلى إجراء عملية جراحية قاسية للكيان السياسي الجديد لمصر.. فالعودة لحكم العسكر لن تكون حلاً، وإنما تأزيمًا آخرًا لوضع متأزم.
شخصيًا مازلت أعتقد أن الحل لدى رئيس البلاد، محمد مرسي، بعيدًا عن تأثره بالتشدد الخاطئ للجماعة.. فدور الرئيس إدارة الأزمة لا صناعتها.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store