هنيئاً للصهاينة!

كتب أحدهم الأسبوع الماضي مقالاً تمنى فيه صراحة أن يشتبك العدو الإسرائيلي مع النظام السوري في معركة حربية تتكلل في النهاية بانتصار الصهاينة!
هذا الطرح خطير جدا من أكثر من وجه، فهو يقوم من ناحية على مبدأ الاصطفاف الطائفي البغيض الذي ينذر بانشغال الأمة بحروب داخلية تعيدها إلى الوراء مئات السنين، وتجعلها لقمة تذوب في فم الأجنبي الذي يحتل أراضيها ويهيمن على قرارها السياسي ومقدراتها الاقتصادية حتى قبل انشغالها بالحروب الطائفية التي يمهد هذا الطرح الطريق أمامها.
هذا الطرح من ناحية أخرى يهوّن من الخطر الصهيوني الذي كان ولا يزال وسيظل مصدر التهديد الأول الذي يستهدف جميع عناصر ومكونات الأمة. ومن ناحية ثالثة فإن هذا الطرح يقوم على التجهيل والخلط بين التشيع كمذهب أو ظاهرة دينية تعود إلى زمن تأسيس الدولة الأموية، وبين الصهيونية كحركة سياسية استعمارية تقوم على الاستيطان والتوسع، وتستهدف المنطقة بأسرها. والعودة إلى تاريخ الصهيونية التي بدأت كظاهرة سياسية منذ أن نادى بونابرت في بداية القرن التاسع عشر بتأسيس دولة يهودية على أرض فلسطين لحماية المصالح الفرنسية في المنطقة العربية، تؤكد أن الأيديولوجية الصهيونية حديثة العهد، وأنها مرتبطة ارتباطا عضويا بالاستعمار لا بالديانة اليهودية نفسها.. والدليل هو معارضة عدد غير قليل من رجال الدين اليهود للصهيونية ولإسرائيل، والذي تجلى عبر تأسيس تنظيم عالمي معادٍ للصهيونية يضم آلاف رجال الدين اليهود المنتشرين حول العالم ويطلق عليه مسمى: ناطوري كرتا.
إننا كعرب نختلف مع الشيعة بخصوص بعض الجوانب، لكن خلافنا معهم لا ينفي كونهم جزءاً لا يتجزأ من النسيج الاجتماعي العربي. وما ينطبق على الشيعة الذين يوحدنا الإسلام معهم رغم وجود الاختلافات، يصدق أيضا على المسيحيين والدروز وباقي الطوائف الاخرى التي رفدت الهوية العربية بكل هذا الزخم والتنوع ،وشاركت جنباً الى جنب مع الأكثرية السنية في مقاومة المستعمر .
إن التهوين من شأن الخطر الصهيوني والمجاهرة بنصرة الصهاينة على بعض العناصر التي يتشكل منها النسيج الاجتماعي العربي ، يؤكد على وجود مناخ فكري ونفسي يتسم بشيوع نوع من الأعراض المرضية الخطيرة . وهذا هو أحد نتائج التجهيل الممنهج.
هنيئا للصهاينة .. !!