Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ماذا بعد هذا الشلل؟

لأن الافتراس هو سنة الكون وهو السمة الغالبة على سلوك الإمبراطوريات العظمى، فإن اتفاق إرادة الأقوياء لا بد وأن يأتي على حساب مصالح الضعفاء، والشواهد التاريخية على ذلك كثيرة، فمن اتفاق الإمبراطوريتين ال

A A
لأن الافتراس هو سنة الكون وهو السمة الغالبة على سلوك الإمبراطوريات العظمى، فإن اتفاق إرادة الأقوياء لا بد وأن يأتي على حساب مصالح الضعفاء، والشواهد التاريخية على ذلك كثيرة، فمن اتفاق الإمبراطوريتين البريطانية والفرنسية على محمد علي باشا، إلى اتفاق الأمبراطوريتين الأميركية والسوفييتية على تقسيم أوروبا إلى شرقية وغربية عقب انتهاء الحرب العالمية الثانية بانتصار الحلفاء، إلى اتفاق نفس الإمبراطوريتين، الأميركية والسوفييتية، على منح الصهاينة دولة في فلسطين.. إلى آخره.
هذا في حالة الضعف والهزيمة، أما في الحالات التي تتجاوز الضعف إلى مرحلة الانهيار والعجز عن الفعل وربما الشلل نفسه، فإن العاجزين لا يدفعون فقط ثمن توافق ارادة ومصالح الأقوياء، ولكنهم يدفعون ثمن الاختلاف الذي ينشأ بينهم. وهذه حالة نادرة، لكنها تحدث على أرض الواقع، وفي الوطن العربي، ومنذ اندلاع الانتفاضة الشعبية في سوريا، ثم ما طرأ على الأحداث من تطورات دراماتيكية أدت إلى قتل عشرات الآلاف من السوريين وتشريد مئات الآلاف منهم.
لقد دفع السوريون ومعهم الوطن العربي كله، ثمن اختلاف إرادتي العملاقين الأمريكي والروسي، فبقيت الأزمة في سوريا بلا حل يلوح في الأفق رغم أن عمرها تجاوز العامين، ورغم صعوبة، هذا إن لم يكن استحالة، تحقيق الحسم العسكري من أي من طرفي النزاع.
لقد أصبحنا كعرب ولأول مرة في تاريخنا، نرتجي اتفاق الأقوياء الذي لا يمكن بدونه إيجاد حل للمأساة السورية،
فهل هناك ما هو أسوأ أو أكثر قتامة من هذا الوضع الذي ينذر بإبادة وتشريد شعب عربي بأكمله؟!
أخشى أن يكون هناك ما هو أسوأ.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store