Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

حوادث المعلمات.. مأساة بلا حلول

مسلسل حوادث المعلمات سيبقى يكرر المأساة تلو المأساة، والعزاء إثر العزاء، وتكرار عبارة قضاء وقدر، ما لم يوجد حل يقنن النقل، وتكون السلامة أولاً من كل النواحي، والنظر لحياة المعلمات بحرص مساوٍ للحرص على

A A
مسلسل حوادث المعلمات سيبقى يكرر المأساة تلو المأساة، والعزاء إثر العزاء، وتكرار عبارة قضاء وقدر، ما لم يوجد حل يقنن النقل، وتكون السلامة أولاً من كل النواحي، والنظر لحياة المعلمات بحرص مساوٍ للحرص على تعليم الطالبات، ولا عذر مقبول حتى الآن سوى عذر لامتصاص مؤقت للحزن.
يوم الاثنين 8/4/1434هـ، 18/2/2013م كانت الفاجعة في غدير، وليلى، وعواطف، في حادث مؤلم على طريق الهجرة، غادرن الساعة الثالثة فجرًا ليعدن إلى المدينة الثالثة عصرًا، ولكن عودتهن لم تكن لبيوتهن، بل إلى مقبرة البقيع في مأساة لن تكون الأخيرة، بل هي حلقة من حلقات مسلسل الموت، ما لم يتجاوز المسؤولون تقديم التعازي إلى تقديم حلول تضع حدًّا لهذا المسلسل الدامي.
وسائل السلامة مفقودة من المركبة، إلى السائق، إلى مراقبة الطريق، فالسيارة لا تخضع لفحص دوري، ولا تكون حديثة التصنيع، فالسيارة التي كانت سببًا للنكبة مضى عليها 18 عامًا كما يُقال، مع رداءة في الصيانة، والسائق لم يخضع لاختبار لقيادته، وفحص لسلامة قواه من الأمراض النفسية، أو تناول المخدرات، وكل ما في الأمر أن مكتب النقل وجد سائقًا بأجر يوفر له مبلغًا من المال، وينبغي ألا يسمح لقيادة سيارات المجموعات من طلاب ومعلمات وطالبات إلاّ بفحص لسلامة القيادة من المرور، وفحص لسلامة الصحة من وزارة الصحة، ويخضع لفحص دوري، وبخاصة من الأمراض النفسية والعقلية، ومثله السيارة التي يجب أن تخضع لفحص كل ستة أشهر على الأقل من ورشة تتحمّل المسؤولية فيما إذا حصل حادث سببه خلل أو إهمال في المركبة، وبخاصة في الإطارات والأجزاء المهمّة في السيارة.
3 معلمات انتقلن إلى رحمة الله، و3 أخريات دخلن العناية المركزة، و3 قضى الله ألاّ يذهبن في ذلك اليوم إلى المدرسة، أي أن السيارة تحمل 9 معلمات، وحمولتها 7، والسبب هو نزع المقاعد، وتسطيح السيارة لتأخذ أكبر عدد من المعلمات، وكل معلمة تدفع ألفي ريال لسيارة مهترئة، وسائق غير جدير بالقيادة، من أجل لقمة عيش كريمة، جاءت بعد سنوات من الانتظار للوظيفة، وسنوات قبلها من الدراسة.
مقاعد منزوعة، وإطارات قديمة، وسرعة زائدة، وسائق غير مبالٍ، تلك هي أبرز خصائص سيارات نقل المعلمات! ورحم الله أيام الرياسة العامة لتعليم البنات، عندما كانت تتكفل بنقل الطالبات، ولم يقع حادث إلاّ نادرًا، وهو لا يزيد عن تعطل السيارة، فقد كانت السيارات نظيفة، والسائق منتقى، والرياسة مراقبة للصيانة، وكذلك الحال في وزارة المعارف عندما كانت تنقل طلاب القرى، والحل هو الحل السابق، أي أن تكون وزارة التربية مسؤولة عن سلامة المعلمات بتأمين سيارات نقل يكون لكل معلمة مقعد خاص، وتكون السيارة خاضعة للصيانة الدورية. ويختار السائقون فوق سن الأربعين، مع خضوعهم لفحص جسمي وعقلي ونفسي، سواء أكان ذلك بإنشاء إدارة للنقل الآمن، أو التعاقد مع شركة تحت رقابة مشددة من وزارة التربية، ثم تأتي رقابة المرور، ورقابة أمن الطرق، ومراكز التفتيش، بحيث لا تغادر سيارة أو سائق غير مستوفٍ للشروط، فالسلامة قبل كل شيء، والسلامة هي مقياس النقل.
غدير احتفلت قبل أسبوع بعقد زواجها الذي حدد بعد شهرين، وليلى تركت طفلة عمرها سنتان، وعواطف عصامية يتيمة درست وتوظفت بعد طول انتظار لتؤمّن لقمة عيش كريمة لأسرتها التي بقيت دون عائل، أمّا الأهل فقد لقوا من مآسي المأساة ما يصعب وصفه، وحسبهم الصبر والإيمان بالله عزاء، أصابتهم الضراء فصبروا ولا دواء غير ذلك، لا يكفي أن يكون القضاء والقدر مشجبًا نعلق عليه نتائج الإهمال أو التساهل، فالله تعالى يقول: «ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة»، وإنما يكون القضاء بعد تلافي كل الأسباب المؤدية إلى الهلاك، وبغير ذلك هو تواكل وإهمال ومجرد اعتذار.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store