Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

اللعبة الأمريكية

دخلت القوات العسكرية العراقية الأراضي السورية لمساندة نظام الأسد في قمع الشعب.. قبلها دخل الحرس الثوري الإيراني خبراء ومعدات وجنودًا..

A A
دخلت القوات العسكرية العراقية الأراضي السورية لمساندة نظام الأسد في قمع الشعب.. قبلها دخل الحرس الثوري الإيراني خبراء ومعدات وجنودًا.. وقبل ذلك اندفع مقاتلو حزب الله من لبنان لمساندة قوات النظام في بطشه مطالبين بحريتهم وكرامتهم.
كل ذلك يجري بينما يطالب الأمريكيون ثوار سوريا أن يحاربوا بأيديهم المجردة من السلاح، ويقدموا القرابين من أطفالهم ونسائهم ورجالهم في سبيل نشرها عبر وسائل الإعلام الأمريكي والأوروبي لبيان همجية هؤلاء العرب والمسلمين وليس أكثر من ذلك.. وعندما طالب ثوار سوريا بالسلاح للدفاع عن أنفسهم جادلهم الأمريكيون وحلفاؤهم بأن السلاح سوف يسقط في يد المتطرفين الذين يشكلون خطرًا على إسرائيل وأمريكا أكثر مما يشكله الأسد ونظامه.. فالشعب السوري وكرامته ليس القضية، في الإستراتيجية الأمريكية للمنطقة، بل المهم سلامة الأسد ونظامه، بعد أن أعاد الأمريكيون النظر في قضية الربيع العربي ونتائجه.
أمريكا تحكمها هذه الأيام إدارة متخاذلة، تخشى الإقدام على أي خطوة قد تؤدي إلى تورط مباشر لها، وبالرغم عن أن وزارة الخارجية الأمريكية ووزارة الدفاع ووكالة المخابرات المركزية أوصت جميعها بتقديم السلاح للثوار السوريين حتى يتمكنوا من الدفاع عن أنفسهم إلا أن إدارة البيت الأبيض رفضت ذلك ووجهت أجهزتها الخارجية للضغط على أوروبا وغيرها من دول العالم لعدم تقديم أي سلاح لثوار سوريا (وجرى الآن تغيير كل من وزيري الخارجية والدفاع بأمريكا وكذلك رئيس وكالة المخابرات المركزية).
ضربت قوات النظام السوري مخيمات اللاجئين السوريين في الأراضي التركية، وأطلقت الصواريخ والمدفعية على قرى تركية، فسارع الناتو إلى وضع منظومة صواريخ الباتريوت الدفاعية على الأراضي التركية بأطقم أجنبية ولم يتحرك الجيش التركي للدفاع عن وطنه.. واختفت الدعوات إلى تأمين مناطق وممرات آمنة في سوريا، وكذلك الحديث عن تأمين الأجواء بمنع المقاتلات السورية التي تضرب المدن والقرى السورية من الطيران في مناطق معينة.
أزمة الثورة السورية الآن ليست في عجزها عن مقاومة وإسقاط النظام الذي يبطش بالمواطنين السوريين، فسوريا تقدم يوميًا عشرات الضحايا الذين يسقطون بسلاح النظام وبأيدي مرتزقة من خارج سوريا.. الأزمة هي في إصرار الإدارة الأمريكية على عدم إيصال المعدات العسكرية لرجال الثورة السورية حتى يدافعوا عن أنفسهم ويمنعوا استمرار المجازر التي ينفذها نظام طائفي وحشي استقدم مرتزقة طائفيين يحولون الحرب إلى طائفية بغيضة.
أوباما وعد الرئيس الروسي بوتين بأن يُقدِّم له عروضًا فيما يتعلق بالسياسة الدفاعية وذلك عندما يتولى الرئاسة لدورة ثانية، وهو الآن يتفاوض مع روسيا لتحقيق تعاون روسي - أمريكي فيما يتعلق بعدد من القضايا ومنها الوضع في سوريا والعلاقة الإيرانية – الأمريكية.. وستقدم الإدارة الأمريكية تنازلات في هذا المجال أكثر مما سيقدمه الروس، فالتخاذل الذي يبرز في السياسة الخارجية للإدارة الأمريكية الحالية يدل على استعدادها لتقديم التنازلات لتحقيق ما يمكن لها، أن تصفه بعد ذلك بأنه مكسب (استعجلت الانسحاب من العراق بدون حكومة وفاق وطني وإنما بتفاهم مع إيران وتسارع الآن للانسحاب من أفغانستان بدون حكومة فعالة يتفق عليها الأفغان بما فيهم طالبان).. وما يمكن حدوثه فيما يتعلق بالسلاح النووي الإيراني، أن تجد الإدارة الأمريكية مخرجًا تحافظ به على ماء وجهها مقابل موافقة إيران على أن تتوقف عن مواصلة نشاطها في إنتاج القنبلة النووية عند وصولها مرحلة تكون فيها قادرة على إنتاجها، وتتوفر لها مواد كافية لإنتاج عدد منها، وبالمقابل تحصل على تنازلات وحوافز تقدمها لها الإدارة الأمريكية الحالية.
سوريا قد يكون الوعد بالمحافظة على نظامها الحالي، أحد الحوافز المقدمة لإيران، ويأتي التساؤل حينها وماذا عن لبنان وحزب الله ومنطقة الخليج العربي وغيرها.. هل سوف يغض النظر عن، أو لن تمانع الإدارة الأمريكية في، إطلاق يد إيران، إرهابًا وتخريبًا وتصديرًا لفكرها وطائفيتها وعسكرها في المنطقة؟!
لعبة الإدارة الأمريكية الحالية في الشرق الأوسط أصبحت أكثر وضوحًا بتولي فريق جديد السياسة الخارجية قريب في تفكيره من رجال البيت الأبيض ومستعد لتنفيذ سياساتهم.. لذا على من لهم مصلحة في أوطانهم من حكام وأبناء المنطقة أن يمعنوا النظر ويفكروا فيما إذا كان عليهم الاستسلام أم أن بإمكانهم فعل شيء ما يربك اللاعبين ويعدل قواعد لعبة الإدارة الأمريكية الحالية في منطقتنا.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store