Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

الجمهور مش عايز كده

كاذبة هي وسائل الإعلام التي تنشر الابتذال وتروج للإسفاف وتحرص على بث كل ما هو تافه، بحجة أن الجمهور عاوز كده.

A A
كاذبة هي وسائل الإعلام التي تنشر الابتذال وتروج للإسفاف وتحرص على بث كل ما هو تافه، بحجة أن الجمهور عاوز كده.
الجمهور لا يملك أن يصنع ذوقه بنفسه. هذه رفاهية لا يستطيع أن يدركها الجمهور في أكثر بلاد الدنيا تقدماً. الجمهور يتقبل ما يتم إعداده له بعناية، ولا يفرض إرادته أو يملي شروطه لأنه مسير أكثر بكثير مما هو مخير.
الجمهور الذي كان يستمع إلى ألحان محمد عبد الوهاب والأخوين رحباني ورياض السنباطي وبليغ حمدي وزكريا أحمد ومحمد القصبجي ومحمد الموجي، لم يكن يفعل ذلك لأن لديه القدرة على تحديد ما هو جيد أو متقن أو ذي بناء موسيقي معقد، مما هو رديء أو غير متقن أو ذي بناء موسيقي هش.
والجمهور الذي كان يستمع إلى أغنيات من أشعار شوقي وناجي وسعيد عقل وبشارة الخوري، لم يكن يفعل ذلك لأنه متذوق للشعر أو متخصص في دراسة الأدب العربي، ولكن لأنه كان نتاج مناخ عقلي ووجداني راق تولد عن بيئة ثقافية عظيمة.
الجمهور الذي يندفع الآن إلى مشاهدة المسلسلات التركية بحماسة عجيبة، لم يكن ليفعل ذلك لو كان لديه الخيار. لكن ماذا يفعل الناس وسط هذا الإلحاح الممنهج لفرض هذا النوع من الدراما البائسة البدائل؟
في المسلسلات التركية لا تتوفر فيها مزايا فنية سوى الاهتمام بالتفاصيل التي تقوم عليها الدراما كصناعة. على العكس من المسلسلات العربية التي ما زالت تعتمد حيل ماكياج تخطتها صناعة الدراما في كل بلاد الدنيا منذ زمن طويل، كإضافة خصلات الشيب على شعور الممثلين الذين يفترض أنهم تقدموا في السن أثناء أحداث المسلسل!
صحيح أن هناك أعمالا درامية عربية تتميز بدرجة عالية من الجودة على صعيد الصناعة، لكن العمل لا يمكن أن ينتشر ويجد الصدى المطلوب دون أن تتم خدمته من قبل وسائل الإعلام. وهو ما لم يتوفر لبعض أهم المسلسلات العربية كمسلسل ( الاجتياح ) الذي فاز بجائزة إيمي العالمية كأفضل مسلسل تلفزيوني قبل سنوات قليلة .
الجمهور لا يملك من أمره الكثير.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store