Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أوضاع المياه في بلادنا.. وسياسة الترشيد 2-3

تحدثت في المقال السابق عن لقاء معالي وزير المياه والكهرباء في لقاء جريدة عكاظ « المسؤولية المشتركة» والذي تطرق فيه معاليه الى مواضيع مهمة جدا تمس الشريحة العظمى من المواطنين والمقيمين والمهتمين بمواضي

A A
تحدثت في المقال السابق عن لقاء معالي وزير المياه والكهرباء في لقاء جريدة عكاظ « المسؤولية المشتركة» والذي تطرق فيه معاليه الى مواضيع مهمة جدا تمس الشريحة العظمى من المواطنين والمقيمين والمهتمين بمواضيع المياه في بلادنا. وقد تحدث معاليه عن سياسية الترشيد والإقلال من الهدر المائي في مختلف الاستخدامات البشرية لاسيما وأن بلادنا تقع في النطاق الجاف، وكميات مياهها العذبة قليلة ولا تفي باحتياجات السكان أو مواكبة النهضة التنموية الشاملة التي تعيشها البلاد.
ولو حسبنا الميزانية المائية للمملكة ( وهي غائبة لعدم وفرة المعلومات الدقيقة عنها) لوجدنا أن هناك عجزا مائيا هائلا ، حيث يتضاعف المُستهلك عن الوارد عشر مرات، وقد ضرب الوزير مثالا لذلك، حيث أورد بأن جدة كانت تستهلك 600.000 م3 يوميا قبل خمس سنوات والآن تستهلك مليون متر مكعب من المياه يوميا، وقد أفاد معاليه أن الاستهلاك المنزلي يستحوذ على 2.5 مليار متر مكعب من المياه سنويا، وهذه الكمية تفوق كميات الأمطار الساقطة على المملكة التي تقدر بـ (2 مليار متر مكعب من المياه سنويا) بنصف مليار. وتغطى كميات المياه الناقصة من التحلية التي بلغت كميات المياه المنتجة منها حوالي ( 3 مليارات متر مكعب سنويا).
نحن نعلم أن الاستخدامات البلدية (المنزلية) لا تمثل سوى 6% من مجمل المياه المستهلكة، والزراعة تستهلك 85 % من مجمل المياه الواردة، والصناعة تستهلك 9 % من المياه، فأكثر الماء المستهلك يذهب للزراعة خاصة زراعة القمح والأعلاف وهي الأشد استهلاكا للمياه، ويعتمد معظمها على المياه الجوفية العميقة، التي شارفت على النضوب لمعظم تكويناتها. كما أن الاستهلاك الصناعي تضاعف مع وجود المدن الصناعية الكبرى في الجبيل وينبع والمدن الأخرى في كل من جدة والرياض والدمام.
نعم: نحن نتفق مع معالي الوزير في أن الترشيد في استخدامات المياه أمر مطلوب، وواجب ديني ووطني، وبدون الترشيد ليس هناك تنمية مستدامة بمفهومها الصحيح، ولا يقتصر الترشيد على الماء والكهرباء فقط – وإن كانت أساسية وتمس حياة كل الناس – ولكن الترشيد مطلوب في شتى مناحي الحياة، وهو مبدأ أقره الإسلام وشدد عليه خاصة في عدم هدر المال العام، واستنزاف الموارد الطبيعية، والري بطرق خاطئة تستنزف كميات كبيرة من المياه، وإصلاح شبكة المياه المهترئة، التي بلغ الفاقد منها أكثر من (40% ) نتيجة انتهاء عمرها الافتراضي.
السؤال الملحّ: كيف يكون هناك تنمية مستدامة لبلد يعيش نهضة تنموية شاملة وسريعة في ظل غياب تفعيل سياسة الترشيد، والرقي بثقافة العامة في عدم الإسراف في الماء والكهرباء؟ كيف نحقق معنى الترشيد بمفهومه الصحيح الذي دعانا إليه الشارع العظيم وأوصانا بالاعتدال فيه حيث قال: «وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين» { الأعراف 31}، والتوجيه بالوسطية في كل أوجه الحياة؟ إذن كيف نطبق تعاليم المصطفى – صلى الله عليه وسلم – بعدم الإسراف في الماء حين ينصح عليه الصلاة والسلام الصحابي الجليل وهو يتوضأ ويقول له: « لا تسرف وإن كنت على نهر جار»؟ كيف يكون هناك مصداقية في التعامل مع الناس إذا كان هناك أناس يفتقرون للماء ولا يصلون إليه إلا بشق الأنفس؟ ومثال ذلك الأحياء السكنية بمحافظة جدة ( 35 حيا سكنيا) شرق الخط السريع، لم تصلهم الشبكة منذ 10 سنوات؟
إذا كان هناك تقصير من قبل الوزارة ممثل في عجز المقاول أو غيره، فيجب أن يعالج الوضع في أسرع وقت ممكن، فلماذا لا يكون هناك أكثر من مقاول تسند إليهم مهمة توصيل الشبكة للمنازل؟
أخيرا، كيف نحقق طموحات خادم الحرمين الشريفين – رعاه الله – الذي ينادي دائما وفي كل مناسبة، بتسهيل أمور المواطنين، ورفع المعاناة عنهم، وتذليل العقبات لهم، ليهنأوا بالراحة والطمأنينة في ظل حكومة راشدة رصدت مليارات الريالات لإنجاز العديد من مشاريع المياه من أجل رفع المشقة عن كاهل المواطنين؟ وهل هناك مشقة أعظم وأشد على الإنسان من غياب الماء عن منزله؟
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store