Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

ماذا أنتم عاملون بصناعة البتروكيماويات السعودية؟!

توقيت غريب هذا الذي جرى الحديث فيه، وراء أبواب مغلقة، عن زيادة أسعار المواد الخام (اللقيم) للصناعات السعودية، وبالذات لمصانع البتروكيماويات، من قبل وزارة البترول والثروة المعدنية وأرامكو..

A A
توقيت غريب هذا الذي جرى الحديث فيه، وراء أبواب مغلقة، عن زيادة أسعار المواد الخام (اللقيم) للصناعات السعودية، وبالذات لمصانع البتروكيماويات، من قبل وزارة البترول والثروة المعدنية وأرامكو.. والأكثر غرابة ألا تتم استشارة أو معرفة رأي أصحاب العلاقة في هذا الأمر العاملين في صناعات مثل الكيماويات والأسمنت والحديد.
تطورات الغاز الصخري الأمريكي أطلقت ثورة كيماويات على مستوى العالم لم نشهد لها مثيلًا منذ خمسة وسبعين عامًا حسب وصف كيفين سويفت من مجلس الكيمياء الأمريكية أدت إلى الحديث عن هجرة جماعية للشركات العالمية العاملة في هـــــذا المجال في منطقتنا والعودة إلى أمريكا حيث سعر (اللقيم) المطلوب أكثر تنافسية مما هو متوفر لدينا، وجعل شركات بتروكيماوية أمريكية مثل داو كيمكال، كانت ترى مستقبلها مرتبط بالاستثمار في الشرق الأوسط، تقرر التحول عن هذا الاتجاه ووضع الخطط للاستثمار في الصناعات البتروكيماوية داخل أمريكا.. خاصة وأن اللقيم يتوفر من أكثر من مصدر هناك، وليس من مصدر واحد فقط.
صحيفة (الفايننشال تايمز) ذكرت في منتصف ديسمبر الماضي أسماء عدد من الشركات التي تسعي الآن للاستثمار في البتروكيماويات بأمريكا ومنها داو، وأكسون موبيل، وتكتل مكون من شيفرون وفيليبس، وكذلك شل ولا يونديل باسيل، من هولندا، وفورموزا بلاستيك من تايوان، وساسول من جنوب إفريقيا، وشركتين من تايلاند وأخرى من البرازيل.. وأضافت الصحيفة في نفس المقال: «وربما تتمكن السعودية.. من اللحاق بسعر اللقيم في أمريكا مستقبلًا - وإن كان سعيها لتطوير إنتاج الغاز الصخري فيها يسير بشكل بطيء».
ثورة الغاز الصخري في أمريكا أدت إلى تدني أسعار المواد الخام (اللقيم) الضروري لصناعات البتروكيماويات هناك، ولذا فإن هذا (اللقيم) الرخيص يعيد ترتيب التنافسية العالمية في مجال صناعة البتروكيماويات.. وليس هذا وقت رفع هذه الأسعار في المملكة العربية السعودية، بل دعم الصناعات فيها بالمزيد من اللقيم وتشجيع المصانع القائمة على التوسع وإقامة مصانع جديدة.
الدولة السعودية حققت ميزة تنافسية في مجال الطاقة بالإصرار بنجاح على إبقاء أسعار (اللقيم) كما هي عليه خلال تفاوضها مع منظمة التجارة العالمية وأفرزت واقعًا صناعيًا متقدمًا في عدد من المجالات ومنها قطاع البتروكيماويات مما أدى إلى زيادة فرص العمل وتوطينها وخلق بيئة استثمارية جاذبة.. واستثمرت شركات أجنبية في صناعة البتروكيماويات السعودية ومنها أكسون، وموبيل، وشل، وشيفرون، وداو.. فهل هناك من يسعى لتشجيعها على الرحيل والإطاحة بالصناعات التي تستثمر فيها عبر زيادة أسعار المواد الخام؟!
يمتلك القطاع العام (الدولة) حوالى 75% من أسهم شركات البتروكيماويات عن طريق صناديق الاستثمارات العامة والتقاعد والتأمينات ويملك ما تبقى ملايين المواطنين الذين يتداولون أسهم هذه الشركات في سوق الأسهم، يُضاف إلى ذلك استفادة الصناعات التحويلية في البلاد من منتجات الشركات، ويقدر عددها بما يزيد على ثمانمائة مصنع. وستصاب هذه الاستثمارات العامة والخاصة بالضرر إذا عجزت صناعة البتروكيماويات في بلادنا عن تسويق منتجاتها بالأسعار التي سيفرضها سعر (اللقيم) متى ارتفع.
وللإحاطة.. أشار أندروليفريس، رئيس شركة داو كيمكال، في مقال نشرته صحيفة (الوول ستريت جورنال) يوم 24 فبراير أن أمريكا اتّبعت سياسات في التسعينات نتج عنها رفع أسعار الغاز مما أدى إلى خسارة أكثر من خمسة ملايين وظيفة صناعية ما بين أعوام 1992 إلى 2010، إلا أن نقل الشركات الأمريكية مصانع البتروكيماويات التابعة لها إلى أمريكا سيؤدي الآن إلى خلق خمسة ملايين وظيفة جديدة خلال السنوات السبع القادمة، كما قال.
من ناحية أخرى قالت صحيفة (الفايننشال تايمز) في خبر لها نشرته يوم 25 فبراير الماضي يتحدث عن كمية البترول التي تستوردها أمريكا من المملكة العربية السعودية أن ثورة الغاز الصخري الأمريكي: «أدت إلى نقاش جدي فيما إذا كانت الولايات المتحدة الأمريكية ستواصل حراسة خطوط الملاحة الدولية الحساسة مثل مضيق هرمز أو فيما إذا كانت الصين ستقوم بذلك».
علمًا أيها السادة بأن الصين لديها كميات هائلة من الغاز الصخري يجري الآن تطوير إنتاجها وأن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، وافق في نوفمبر عام 2009 على تزويد الصين بتقنيات إنتاج الغاز الصخري.
فهل يعي من يؤيد زيادة أسعار (اللقيم) عواقب مثل هذا الأمر الذي سيؤدي إلى عجز الصناعة السعودية عن التنافس عالميًا وعدم إمكانية توفيرها الخام المطلوب للصناعات التحويلية وانعكاس كل ذلك على اقتصاد البلاد وأمنها وفقدانها لميزتها في كل هذه الأمور؟!
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store