Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

المشروع العربي هو الطريق

للكاتب المخضرم محمد حسنين هيكل قصة عجيبة يمكن أن تفيد كل باحث في الشؤون الإيرانية، لأنها ستساعده في أن يضع يده على ما استقر في اللا وعي الجمعي لهذا الشعب الذي يعود تاريخ الدولة لديه إلى آلاف السنين.
A A

للكاتب المخضرم محمد حسنين هيكل قصة عجيبة يمكن أن تفيد كل باحث في الشؤون الإيرانية، لأنها ستساعده في أن يضع يده على ما استقر في اللا وعي الجمعي لهذا الشعب الذي يعود تاريخ الدولة لديه إلى آلاف السنين.
يقول هيكل إنه عندما التقى شاه إيران في الخمسينيات وجّه إليه سؤالاً عن الإصرار الإيراني، على المستوى الرسمي، على تسمية الخليج العربي بالخليج الفارسي، فكان جواب الشاه: تحت أي اسم عرفت أنت الخليج في المدرسة؟! العجيب أن هيكل عاد والتقى بزعيم الثورة الإيرانية آية الله الخميني عقب نجاح الثورة في القضاء على نظام الشاه، فوجّه إليه نفس السؤال الذي وجّهه للشاه، فما كان من الخميني إلا أن أجاب بنفس الإجابة: وتحت أي مسمى درسته أنت؟!
هذه القصة تدل على أن الفرس كأمة يمتلكون رؤى إستراتيجية يلتقون حولها عندما يتعلق الأمر بإدارة الشؤون الخارجية للدولة، مهما كانت مساحة الخلاف الأيديولوجي التي تفصل بين التيارات والقوى الفاعلة على الساحة لديهم.
التراث السياسي الطويل للفرس، وتشبّعهم بثقافة الدولة التي تحوّلت في وقت من الأوقات إلى واحدة من أكبر إمبراطوريات الأرض، هو الذي ألهمهم وما زال يلهمهم هذا العمق الاستراتيجي وهذه الطموحات الإقليمية في لعب أدوار مهمة تصل إلى حد الرغبة في الهيمنة.
المسألة لا علاقة لها بالأنظمة الملكية أو الدينية أو المدنية، إيران ستظل إيران، وطموحاتها الإقليمية ستظل هي نفس الطموحات، بغض النظر عن اختلاف الأنظمة وتباين الأيديولوجيات. ما لا يفهمه جميع الطائفيين ذوي النظر القاصر -كل الطائفيين نظرتهم قاصرة- أن الحديث المبني على خلفية طائفية، عن طموحات إيران في الهيمنة، لا يخدم سوى المصالح الإيرانية لأنه سيهيئ لهم الفرصة في التعامل مع مجتمعات ممزقة، ولا تمتلك جهاز مناعة يقيها شرّ الخضوع.
ما ينطبق على إيران ينطبق أيضاً على تركيا المدعومة بتراث إمبراطوري يمدها بالمادة الخام لأحلام الهيمنة التي لم يكن لها أن تنبعث إلى الوجود مجددا، لولا حالة الفراغ السياسي في الوطن العربي، والتي بدأت في الظهور منذ النصف الثاني من السبعينيات.
يجب أن يكون للعرب مشروعهم.. هذا لا يعني تجاهل المحيط الإستراتيجي الإسلامي، لكنه يعني التعامل مع هذا المحيط من موقع الندية.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store