Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر

أوضاع المياه في بلادنا.. تقييم أداء السدود “3-3 ”

احتفل العالم يوم أمس الأول الجمعة الموافق 22/مارس/2013 باليوم العالمي للمياه والذي جاء تحت شعار « الماء والثقافة»، حيث يحرص العالم أجمع على مناقشة مختلف مواضيع المياه من حيث: كمياتها، صلاحيتها للاستعم

A A
احتفل العالم يوم أمس الأول الجمعة الموافق 22/مارس/2013 باليوم العالمي للمياه والذي جاء تحت شعار « الماء والثقافة»، حيث يحرص العالم أجمع على مناقشة مختلف مواضيع المياه من حيث: كمياتها، صلاحيتها للاستعمال، كيفية الحفاظ عليها، ترشيد استهلاكها، واستخدامها الاستخدام الأمثل في شتى مناحي الحياة.
وقد تطرق معالي وزير المياه والكهرباء في اللقاء المجتمعي الذي أقامته جريدة عكاظ « والمعنون بـ « المسؤولية المشتركة» وشرفه معالي وزير المياه، حيث أثار معاليه قضية مجتمعية مهمة للغاية وهي « وضع المياه في بلادنا « والتي تناولها من جوانب عدة وبشكل من التفصيل الموجز، لأن الموضوع كبير، ومشكلة المياه عويصة، وتواجه معظم دول العالم الغني والفقير خاصة الواقعة في النطاق الجاف منها، فهي قليلة الأمطار والموارد، ولذلك فإن هذا الموضوع مهم للغاية ويشغل بال معظم قادة دول العالم ومسؤوليها وأصحاب القرار فيها، ويبذل فيها المليارات من أجل توفير هذه السلعة الغالية، التي لا يمكن الاستغناء عنها بأي حال من الأحوال، لذلك فهي تحتاج إلى حلول سريعة وعاجلة وتبحث في واقعنا الذي نعيشه وهو محدودية مواردنا المائية، لذا يجب أن تسند أمور البحث عن المياه إلى الباحثين في مراكز البحث العلمي والأقسام العلمية المتخصصة في الجامعات السعودية، والوزارات، والمؤسسات، التي تهتم بشؤون المياه على مستوى الدولة.
أكثرنا يعرف أن معظم أجزاء المملكة يقع في النطاق الجاف وشديد الجفاف، ما عدا جزءها الجنوبي الغربي فيقع في النطاق شبه الجاف، لأنه يستقبل كميات لا بأس بها من الأمطار بمتوسط تساقط سنوي 300 ملم. ومؤشر الجفاف لدينا يؤكد أننا نحتاج إلى حصاد كل قطرة ماء في بلادنا من مختلف مصادرها - التقليدية والبديلة - من أجل تنمية مستدامة. وقد ضرب معالي الوزير مثلا جيدا « بسد وادي بيش « الذي يقع في منطقة جازان، وهو من أكثر أودية المملكة تصريفا لمياه الأمطار، وقمة الأمطار فيه في فصل الصيف، ويبلغ حجم تصريف المياه فيه – عند قمة الجريان – حوالي (10.000م3 / الثانية) بمعنى يصرف ( 14.400.000م3/ اليوم)، ويصرف في الشهر ( 432.000.000 م3 ) وهذا الرقم يعادل أو يفوق ما تشربه مدينة جدة في سنة كاملة.
لم يذكر معالي الوزير هذه المعلومات المهمة عن وادي بيش، ولكنه أشار فقط أن ما يوجد خلف السد هو 200.000.000 ( مائتا مليون متر مكعب)، وهي كمية كبيرة نسبيا علما بأن طاقته التخزينية المسجلة في موقع الوزارة هي ( 193.644.000 م3 )، ولذا فهو ذو أهمية خاصة تختلف كثيرا عن بقية أودية المملكة من حيث كمية المياه وفترات التساقط.. نعم، هناك أودية كبيرة في المملكة تفوق شبكاتها المائية شبكة وادي بيش، وهي أعلى منه في المرتبة، ولكنها أقل منه تصريفا، وفترات رجوعها متباعدة، وأمطارها السنوية غير منتظمة، ولذلك تميزت مجاريها بفترات جفاف طويلة مما يقلل من كميات المياه المختزنة خلف سدودها لمدد طويلة قد تمتد لسنوات، نظرا لقلة التساقط، أو للكميات الكبيرة المفقودة من أسطح بحيراتها بفعل التبخر، والتي تفوق التساقط في معظم الأوقات بعشرات المرات. . إن كثرة السدود على مجاري الأودية في المملكة أمر يحتاج إلى إعادة نظر، ودراسة متأنية من قبل الوزارة والمشتغلين بأبحاث المياه في المراكز العلمية، والأقسام الأكاديمية المتخصصة، لأن كثرة السدود في المناطق محدودة التساقط السنوي، والتي لا تزيد معدلات هطولها عن (250 ملم. سنويا)، أمر غير مجد من الناحية الاقتصادية أو من الناحية الإستراتيجية لحفظ المياه، لأن التبخر مرتفع جدا ويفقدها قدرا كبيرا من مياهها المخزونة في فترة زمنية وجيزة، وقد لا يستفاد منها بالشكل المطلوب. ولذلك هناك طرق أخرى أكثر منها جدوى وفعالية.. الأمر الآخر وهو وجود الرسوبيات وتراكمها بشكل كبير خلف السدود مما يعيق حركة التسرب إلى باطن الأرض، وتبقى المياه عرضة للتبخر الشديد ( يصل التبخر في بعض مناطق المملكة مثل المدينة المنورة والرياض أكثر من 3000 ملم. سنويا) وهذا ينطبق على معظم أجزاء المملكة، وبذلك نفقد جزءا كبيرا من المياه المختزنة خلف السدود.. مشكلة أخرى للسدود خاصة الواقعة في المناطق معتدلة الحرارة مثل أبها وخميس مشيط، حيث يبقى الماء الراكد محتجزا خلف السد لمدة طويلة قد تصل شهرا أو شهرين أو أكثر، وبذلك تصبح هذه البحيرة بيئة صالحة لتكاثر البعوض المسبب لحمى الضنك، وغيره من الأمراض الناتجة عن التلوث الذي يصاحب هذه المياه الراكدة.. إننا نطالب وزارة المياه والكهرباء بالترشيد في بناء السدود خاصة في المناطق الجافة، قليلة الأمطار، محدودة الجريان، متباعدة التكرارية وفترات الرجوع، ولا اعتراض على بناء سدود الحماية التي تنشأ من أجل حماية المدن ( التي احتلت المخططات السكنية بطون أوديتها) من مغبّات السيول، وأصبحت عرضة للخراب والدمار، ولكن اعتراضنا على بناء السدود في كل مكان، وهذا والله فعل يدمر البيئة الطبيعية، ويأتي بنتائج عكسية، ويقضي على الإنتاجية الزراعية في القرى الواقعة أسفل السدود، نتيجة حجب الماء والرسوبيات عن مزارعها، وبذلك تصبح متصحرة، وتنبئ عن نهضة سادت ثم بادت، بفعل إعاقة السيول وعدم جريانها لتغذية بيئتها الطبيعة على طول مجاريها حتى مصباتها.

mdoaan@hotmail.com
.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store